يوميات الاخبار

أهو ده اللى صار

أمانى ضرغام
أمانى ضرغام

عندما جلست إلى منضدة الطعام مع عمر الشريف نسيت ما سعيت للقائه من أجله، ولم أطلب منه الذهاب للمستشفى، بينما قال لى النجم حسين فهمى موضوعك بالأخبار أنا عرضته على كوفى عنان فى الحفلة.

السبت:
منذ دخلت جريدة الأخبار فى بدايات عام 92 ويوم السبت له طعم ومذاق خاص فى العمل، فهو ببساطة اليوم الذى نرى فيه كل زملائنا المسافرين والمزوغين والكتاب الكبار والمحررين فى كل الأقسام وطبعا رؤساء الأقسام ومديرى التحرير، كان أستاذنا الأستاذ جلال دويدار رحمه الله قد تسلم للتو كرئيس التحرير وكان يهتم جدا باجتماع السبت، وكان فيه أيضا إلى جانب اللمة الحلوة الإشادات والجزاءات، الإشادات أتذكر أن أعلى مكافأة كانت 15 جنيها عن الإشادة وإذا كان لك 4 أو 5 إشادات فى الأسبوع لن تزيد مكافأتك على 3 إشادات فقط، أما الجزاءات فكانت معظمها تأنيب على الملأ ثم إذا تمادى المهمل يكون العقاب بالخصم من الإجازة ثم المرتب، وكان الأستاذ جلال قلما ينادى أحد المحررين الى مكتبه، فهناك تسلسل وظيفى يجب أن يحترم، لكن هذا لا يمنع أنه فى طريق الوصول للمكتب والخروج من المكتب يمر على المكاتب محدثا ومكلفا وممازحا مع المحررين صغارهم وكبارهم، كنت وقتها محررة صغيرة فى الأخبار ولكن بداخلى طاقة كبيرة.. أتذكر أننى كنت أقضى معظم الاجتماع أنظر الى وجوه الأساتذه الكبار رحمة الله عليهم منهم وجيه أبو ذكرى وأحمد الجندى وهم يتحدثان فى الموضوعات العامة والتحقيقات الصحفية، وجميل جورج ربنا يديله الصحة وهو يتحدث فى الموضوعات الاقتصادية... أقول لنفسى هل عندما أكبر حقدر أتكلم كده زيهم وأبقى فاهمة الموضوعات بشكل موسع ولا لا، وتصعب علىّ نفسى ماذا لو كبرت ومبقتش زيهم حعمل إيه؟ حمر على شارع الصحافة مرور الكرام ولن يتذكرنى أحد...أعترف أن هذا كان يشغلنى جدا ...وما زال.
الأحد:
فى عام 1995 فكرت صديقتى ورئيس قسم التحقيقات فى ذلك الوقت إلهام أبو الفتح فى فكرة.. فجأة وأنا أجلس معها قالت مش إنت كنتى فى أخبار النجوم ولك صلة بالفنانين إيه رأيك لو ناخد الفنانين ونزور المرضى بتوع أسبوع الشفاء، قلت لها صعب الفنانين يروحوا بيوت المرضى إيه رأيك أخد فنان وأروح مستشفى...قالت حتعرفى؟ وجدت فى عينيها تحديا ذكيا كانت تستخدمة معى كثيرا... فعملت أحسن تحقيقات صحفية بدعم هذه السيدة ونظرتها المتحدية لى (حتقدرى) ولأنى لازم أثبت أنى أقدر قلت حكلم عمر الشريف وفعلا كلمت صديقة عزيزة أعرف صلتها بأسرة طارق عمر الشريف ورحنا قابلنا النجم الكبير عمر الشريف على عشاء فى أحد مطاعم السمك الكبيرة، كنت مبهورة بعمر الشريف وحكاياته الجميلة وحضوره الطاغى...لدرجة أنى مقدرتش أطلب منه يجى معايا مستشفى أبو الريش للأطفال كما كنت أخطط طوال أسبوع قبل هذا العشاء،.. اكتفيت أننى أتعشيت بصحبة عمر الشريف واستمتعت بحكاياته ونسيت أصلا أى شىء.. وكان هذا مسار ضحك من صديقتى.
لكن مكنش ينفع أعترف بالفشل.. لذلك حاولت حتى وصلت لتليفون النجم حسين فهمى من أستاذى الكبير أحمد صالح رحمه الله، وبالفعل اتصلت به وشرحت له الموضوع بالتليفون فوافق على الفور.. وفى صباح يوم الأحد تقابلنا أمام مستشفى أبو الريش وقابلنا هناك الدكتور محمد خليل عبد الخالق الذى كان طبيب أطفالى وهو الأب الروحى لمستشفى أبو الريش رغم أنه كان فى سن المعاش فى ذلك الوقت.. كان يوما غير عادى قضيناه فى أبو الريش وقبل ما نمشى اتصورنا مع الطفل محمد وكان حالة مستعصية لا يستطيع النوم بدون جهاز تنفس ولو نام دون الجهاز لن يستيقظ أبدا...ومشينا من المستشفى ولم أنم الليل ظللت طوال الليل أكتب الموضوع ..لأسلمه لإلهام وفى عينى تحدٍ «أنا قدرت». وتدخل هى به لأستاذ جلال فيقرر أستاذ جلال فرد الموضوع المكتوب بعناية فائقة ومحبة خالصة لأطفال مرضى...على الصفحة الثالثة كاملة من جريدة الأخبار فى حدث هو الأول من نوعه، أطمنت وقلت أرجع بيتى أنام بقى..أنا دخلت البيت من هنا ورن جرس التليفون...كان ياسر يوبخنى بصفته مسئولا عن الجرنال إزاى أسيب موضوع مهم زى ده وأمشى دون أن أراجعه، ثم قال لى من جمله التأنيب إرجعى حالا رئيس التحرير عاوز إشارة صفحة أولى لموضوعك...كان أمامى خياران لا ثالث لهما أستحمل تأنيب ياسر لى الذى قد يمتد لسنوات عن تقصيرى فى شغلى أو أخد تاكسى من مدينة نصر للجرنال بـ 30 جنيها هى كل ما فى حقيبتى... فقلت حاضر حرجع بس أشرب كوباية شاى...وقد سترنى الله أن أستاذ جلال طلب من ياسر كتابة الإشارة للصفحة الأولى بنفسه حتى يوجه دعوة للناس للتبرع لمستشفى أبو الريش.. فجأنى تليفون ياسر قبل أن أنتهى من كوباية الشاى...يحكى لى فيه ما طلبه أستاذ جلال...ويختتم كلامه...عدى الجمايل، لكن الأهم أن محمد وجد عددا من المتبرعين وحصل على الجهاز ليعود لحياته وسط أسرته فى الفيوم، كما جاءت تبرعات الى مستشفى أبو الريش بمبالغ كبيرة، وبعدها أصبح الأستاذ حسين فهمى سفيرا للنوايا الحسنة... وقال لى ذات مرة موضوعك فى الأخبار أنا وريته لكوفى عنان فى الحفلة.
الإثنين:
بالنسبة لى يوم الإتنين هو يوم البيت... يعنى بصراحة عمرى ما أخد ميعاد من حد ولا أرتب شغل ولا زيارة ولا سفر يوم الإتنين، وأى حد يقولى شىء مخالف يوم الإتنين مش ممكن أغير عاداتى أبدا.. وحتى لا يسخر أحد منى عندما اقول أنا إجازتى يوم الإتنين أبادر قائلة باخد إجازة مع الحلاقين، لكن ربما بدأت هذه العادة مع الزحمة التى كانت تشل الحركة فى شوارعنا يوم الإتنين، ربما جاءت لأننى لا آخذ السبت إجازة لا أعرف، المهم أننى يوم الإتنين لا أخرج من بيتى مهما كان، وأتذكر مثلا أن يوم الإتنين 10 سبتمبر اتصل بى الأستاذ الكبير وجيه أبو ذكرى رحمه الله وقال لى مبروك ياحبيبتى أنت أتعينتى فى الأخبار...تعالى شوفى ورقك فى شئون العاملين...أتذكر أنه كان بعد ذلك يتندر بأننى قلت له تمام ياعمو حاجى بكره، فقد كنت أنتظر التعيين منذ سنوات أنا وزملاء لى، لكن لأن التعين كان يوم إتنين.. مقدرتش أروح!
الثلاثاء:
ناس كتيرة تهزأ من يوم الثلاثاء مدعين أنه لا حصّل منتصف الأسبوع ولا آخره ولا أوله، لكن أنا يوم الثلاثاء من أحب الأيام لقلبى...مرة سألت صديقة عزيزة لى هل الأيام لها دخل بالشخصية، طبعا صديقتى المهتمة بعلم الطاقة قعدت تتكلم أكتر من ساعتين عن طاقة المكان والزمان وتأثيرها على شخصية الإنسان واختياراته وتفكيره، لكن أنا بصراحة تامة وبقولها فى وشها لا أقتنع بهذه الأمور كثيرا، وأرى الكلام عن طاقة الأحجار وطاقة المكان وتوافق الأيام مع الأبراج...هو ما صنعه الإنسان لملء فراغ السموات الفضائية المفتوحة ليل نهار، لكن للأسف هناك جمهور غفير من جمهور الفضائيات يعشق الحديث عن الطاقة والأبراج والتوافق بين الأرقام وأشياء لا أدرى مدى صحتها لكنى لا أحبها، ودائما أتذكر موقفا حدث من عدة سنوات وتحديدا فى بداية سنة 2016 إذ كانت مذيعة شهيرة تستضيف إحدى قارئات الطالع ودخل عليهم الأستديو قبل التسجيل زميل فاضل يعمل فى القناة فإذا بهذه السيدة تقول له أنت هنا بتعمل إيه؟ قال لها ده شغلى وأنا مدير هنا... قالت لن تدخل القناة مرة أخرى أنت المفروض متكنش هنا، الزميل الفاضل جلس فى بيته ولم يدخل القناة بعدها وعاش شهورا صعبة ولم تفلح جهود الزملاء والمسئولين بالقناة لإعادته الى عمله المتفوق فيه، لكنه منذ عام عاد إلى عمله فى منصب أكبر، على النقيض أتذكر موضوعا صحفيا نشر بالأخبار فى صفحة الشباب فى 2011 وكنت أشرف بالإشراف عليها، الموضوع كان لماذا لم يتنبأ المنجمون الذين يظهرون مع بداية العام بثورة 2011، وأتذكر أن الموضوع كان للزميلين العزيزين أمير لاشين وأحمد عبيدو.
الأربعاء:
طول عمرى بتمنى يكون عندى ثقافة الويك إند، يعنى خميس بعد ساعات العمل وحتى السبت إجازة ابتعد فيها تماما عن العمل ومشاكله وأفكاره وكل ما فيه من خير وشر، لكن للأسف لم تسمح لى الظروف أبدا بسبب انشغال زوجى الدائم بأى ويك أند بعيدا عن العمل، وبعد أن تركنا وذهب بإذن الله للجنة، أصبح لا الويك إند ولا أى يوم له معنى....حفظكم الله لأحبابكم.
الخميس :
قبل أن نتكلم عن إصلاح التعليم يجب أن يعاد النظر فى مصروفات التعليم الخاص فى مصر، فارتفاع قيمة المصروفات الدراسية أصبح أرقاما فلكية، بينما لو نظرت إلى تفاصيل هذه الأرقام ستجد أن أقل مبلغ هو الموجود أمام خانة مصروفات تعليمية ! وهنا تأتى اللعبة، حيث تقدم المدارس بيانات لوزارة التربية والتعليم على أن مصروفاتها هى مصروفات التعليم بينما الأنشطة تبتلع كل المبلغ الباقى وهذه لعبة قديمة يجب أن يكون لها حد.
الجمعة :
بمناسبة سؤال هل مهرجان القلعة للغلابة أم لجميع الناس؟ يستحضرني سؤال كوميدى فى مسرحية المتزوجون عندما سألت لينا مسعود : مسعودى إحنا غلابة يامسعودى فرد عليها مسعود إجابته العبقرية : لا إحنا مش غلابة  إحنا مساكين ياروحى.