ارتفاع أسعار تذاكر دور العرض يهدد موسم «عيد الأضحى» السينمائي

فيلم «بحبك» - فيلم «كيرة والجن»
فيلم «بحبك» - فيلم «كيرة والجن»

شهدت دور العرض السينمائى خلال الفترة الماضية ارتفاعا كبيرا فى أسعار التذاكر، وهو ما تسبب فى عزوف الكثير من محبى الشاشة الذهبية عن حضور العروض السينمائية، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التى تؤثر على المعيشة، وبعد أن كانت «خروجة السينما» مصدر رفاهية لأبناء الطبقة المتوسطة، أصبحت عبئا كبيرا يصعب عليهم تحمله، وهو ما قد يؤثر بالسلب على موسم عيد الأضحى المقبل، والذى تتنافس فيه مجموعة من الأفلام المنتظرة منها «كيرة والجن» و»تسليم أهالي» و»بحبك» و»عمهم».

يقول الناقد طارق الشناوي: يجب أن تتدخل الدولة لضبط أسعار التذاكر، فرغم أن دور العرض قطاع خاص لكنها داخل الدولة وتخضع لولايتها، وعلى أصحاب دور العرض أن يعودوا للقاعدة الاقتصادية المنضبطة «هامش الربح ومعدل الدوران» أى مثلا إذا كانت التذكرة بمائة جنيه ودخل العرض ١٠ أشخاص سوف يحقق ألف جنيه، أما إذا كانت بـ٤٠ جنيها ودخل ١٠٠ شخص سوف يكسب أكثر بالتأكيد، وهنا يكون كسب ورخص سعر التذكرة، فعندما يقل هامش الربح ويزيد معدل الدوران يكسب صاحب العمل، ويجب تطبيق تلك النظرية عند أصحاب دور العرض، وعلى الدولة أن تخضعهم لقانون يضمن حدوث ذلك، لأنه فى النهاية يقدم سلعة ويجب أن يكون سعرها مقبولا، وتدخل الدولة لتخفيض سعر التذكرة سوف يضمن تحقيق مكاسب أكثر.

وأضاف الشناوي: فى ظل وجود ضعف فى القوى الشرائية وتراجع فى المرتبات وزيادة فى أسعار السلع، أول شيء سوف يستغنى عنه المواطن هو السينما، مما يعنى أن تلك السلعة لن يشاهدها أحد، لأن أبناء الطبقة المتوسطة هم الجمهور الحقيقى لدور العرض، كما أن الثقافة سلاح الدولة الذى يحميها، ويجب أن تحافظ الدولة على سلاحها بضمان أن تقدم رسالتها الثقافية لجمهور عريض، ويمكن تحقيق ذلك أيضا بعدة سبل أبسطها تخفيض أسعار الحفلات الصباحية حتى السادسة، ورفعها مع حفلات ٩ و١٢ و٢، سبل التيسير متعددة إذا ما أردنا تحقيق ذلك.

تدرج الأسعار لتناسب

 كل الطبقات

ويقول المخرج عمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية: ارتفاع أسعار التذاكر سوف يضر بالصناعة بشكل كبير، فالاختيار بين رغيف الخبز وتذكرة السينما ليس لصالح الأخيرة بالتأكيد، لكن هناك اتجاها لأن يتم استغلال قصور الثقافة لعرض الأفلام بأسعار فى متناول الناس، كما فى مشروع «سينما الشعب»، وهو ما يضمن عودة الجمهور للسينما وتقديم الأفلام بأسعار بسيطة، وأعتقد أن هناك خطة فى وزارة الثقافة للتوسع فى هذا الأمر، وأن تمتد عروض السينما لجميع المحافظات، وهو ما يحقق دخلًا للسينما وإقبالًا جماهيريًا فى الوقت نفسه، فالسينما بطبيعة الحال مربحة ولكنها تحتاج إلى تعقل فى التفكير. 

كما يجب أن تتدرج أسعار تذاكر السينمات لتناسب جميع الطبقات الاجتماعية، لأن أغلب دور العرض التى تبنى حاليا لأغنياء مصر وليس لشعبها، بينما رمانة الميزان فى أى مجتمع هى الطبقة المتوسطة، والسبب فى عزوف الناس عن السينمات الصعود المبالغ فيه فى أسعار التذاكر.

دعم الإنتاج

 و المراكز الثقافية

ويقول الدكتور مالك خورى رئيس قسم السينما بالجامعة الأمريكية: بطبيعة الحال زيادة أسعار التذاكر على المدى القريب قد تحقق سدًا للنفقات بالنسبة للإنتاج السينمائى المحلي، لكن على المدى البعيد سوف تؤثر بشكل كبير على صناعة السينما المصرية، لأن الثقافة الشعبية سوف تدفع الجمهور لاستبدال مشاهدة الأفلام العربية بمنافستها الأجنبية ما دامت بنفس القيمة، وكما يقول المثل لدينا فى لبنان «كل شيء فرنجى برنجي» أى كل شيء قادم من الخارج هو أفضل. 

وأضاف خوري: يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات تساعد فى عملية دعم الإنتاج المحلى من ناحية وتوفير أماكن لعرض الأفلام من ناحية أخرى، حتى على صعيد فتح المراكز الثقافية التابعة للحكومة فى كل أنحاء مصر، وأن تقوم بعرض أفلام منتجة محليا وتسهم فى دعم الإنتاج المصري، وفى الوقت نفسه تشجع المشاهد على النزول للسينما، خاصة فى المناطق التى تخلوا من دور العرض السينمائية، فأهم ما يميز مصر عن كل الدول العربية إنها تمتلك عددًا هائلًا من دور الثقافة فى كل أنحاء مصر، يمكن أن تساعد بتشجيع الناس على النزول للسينما مجددا.

واستطرد: كما يمكن أن تفرض الدولة ضرائب أكثر على الأفلام الأجنبية، فكل دول العالم ترفع الضرائب على المنتج الأجنبى لحساب المحلي، أما إذا تساوت الأفلام بالتأكيد سيختار الشباب مشاهدة الأعمال الأجنبية لأن تشجيع العمل المحلى مكلف بالنسبة لهم، ويمكن أيضا أن يدر تشجيع التصوير السينمائى الأجنبى فى مصر دخلا كبيرا وأموالا تستغلها الحكومة فى المستقبل لدعم الإنتاج الفنى ودور العرض.

مطلوب دراسة جدوى

 قبل رفع الأسعار

ومن جانبها تقول الناقدة خيرية البشلاوي: موسم عيد الأضحى المقبل سوف يكشف خطورة رفع أسعار التذاكر على الإيرادات، فكل الصناعات تتأثر فى حالة ارتفاع الأسعار، وأكثر شيء يتأثر هو صناعة الترفيه، لأن أى اقتصاد فى مصروفات الأسرة سوف يكون على حساب الترفيه.

وأضافت: نحن نمر بمرحلة مركبة من الصعوبات،ـ أوبئة وحربًا وحصارًا اقتصاديًا وكسادًا وتضخمًا وامتحانات ـ، وصناعة السينما هى صناعة حية جدا مرتبطة بالجماهير، وبدون جمهور لن تتمكن من تحقيق الأرباح التى تضمن استمرارها، ولابد من إجراء دراسة جدوى قبل رفع الأسعار وليس رفعها بشكل عشوائي، لأن ارتفاع سعر التذاكر سوف يقلل عدد الرواد حتى وإن حقق نفس المكاسب فقد ضحى بالجمهور.

وأكدت البشلاوى أن الشباب أصبحوا يبحثون عن منافذ أخرى لمشاهدة أفلامهم المفضلة بأسعار معقولة، وأن منافذ السينما لم تنقطع، وهناك بدائل مثل أسابيع الأفلام والفضاء الرقمى وعروض سينما زاوية وغيرها، ولكن موسم العيد المقبل سوف يكون معيارًا مهمًا لتقييم أثر ارتفاع الأسعار على الاقبال على دور العرض.