فارقة رغم صغرها

دينا توفيق
دينا توفيق

أشياء‭ ‬تبدو‭ ‬صغيرة‭ ‬غير‭ ‬مرئية‭ ‬ولكنها‭ ‬مهمة،‭ ‬تفرض‭ ‬مكانتها‭.. ‬غيابها‭ ‬يعرقل‭ ‬المسيرة‭ ‬وربما‭ ‬يوقفها‭ ‬وتصبح‭ ‬أزمة،‭ ‬ووجودها‭ ‬يحيى‭ ‬ويثمر‭ ‬فهى‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‭.. ‬بدون‭ ‬قطرات‭ ‬الماء،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬محيطات‭.. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬الترس‭ ‬لن‭ ‬تعمل‭ ‬الآلة‭ ‬ولا‭ ‬ماكينة‭ ‬المصنع،‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تقود‭ ‬الأشياء‭ ‬الصغيرة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭.. ‬أفعالنا‭ ‬تبدو‭ ‬بسيطة‭ ‬ولكنها‭ ‬تنمّ‭ ‬عن‭ ‬مواقفنا‭ ‬وسلوكنا،‭ ‬وبكلمات‭ ‬قليلة‭ ‬تعكس‭ ‬أفكارنا،‭ ‬وخطواتنا‭ ‬الصغيرة‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬ستتحقق‭ ‬أحلامنا‭.. ‬تعلمنا‭ ‬الحياة‭ ‬أن‭ ‬الثوانى‭ ‬والدقائق‭ ‬فارقة،‭ ‬بينما‭ ‬يعلمنا‭ ‬الوقت‭ ‬قيمة‭ ‬حياتنا‭.‬

‭ ‬لحظات‭ ‬تمر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلاحظها‭ ‬أحد‭ ‬وتفاصيل‭ ‬لا‭ ‬ندرك‭ ‬أهميتها‭.. ‬ورغم‭ ‬صغرها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬الوقود‭ ‬الأساسى‭ ‬للحياة،‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬لوجودها‭ ‬أو‭ ‬لاعتقادنا‭ ‬أننا‭ ‬نأخذها‭ ‬كأمر‭ ‬مسلم‭ ‬به‭ ‬لأننا‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬ثقافة‭ ‬تحتفل‭ ‬بالإنجازات‭ ‬الكبيرة‭. ‬غالبًا‭ ‬لم‭ ‬ندرك‭ ‬أهمية‭ ‬الأشياء‭ ‬والأفعال‭ ‬الصغيرة‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬قيمتها‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬والحياة،‭ ‬رغم‭ ‬قوتها‭ ‬ومساهمتها‭ ‬الهائلة‭ ‬فى‭ ‬النجاح‭ ‬بالمستقبل‭.‬

مثل‭ ‬االجبل‭ ‬السحرى‭ ‬الذى‭ ‬يحمى‭ ‬تايوانب،‭ ‬الجبل‭ ‬ليس‭ ‬حصنًا‭ ‬دفاعيًا‭ ‬ولا‭ ‬معاهدة‭ ‬مع‭ ‬قوة‭ ‬عظمى،‭ ‬إنه‭ ‬صناعة‭ ‬الرقائق‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬اقتصاد‭ ‬الجزيرة‭ ‬وضامن‭ ‬لأمنها،‭ ‬يبلغ‭ ‬حجمها‭ ‬147‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬أى‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلى‭ ‬الإجمالى،‭ ‬وتمثل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬صادراتها؛‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬سلسلة‭ ‬التوريد‭ ‬العالمية‭ ‬للصناعات‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المستهلك‭ ‬والسيارات‭ ‬والطيران‭. ‬ومنذ‭ ‬شهور‭ ‬تمر‭ ‬تلك‭ ‬الصناعة‭ ‬بأزمة‭ ‬تركت‭ ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬وضع‭ ‬ضعيف،‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬حجمها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أجبرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬إغلاق‭ ‬بعض‭ ‬مصانعها‭ ‬وتخفيض‭ ‬إنتاجها،‭ ‬وهبوط‭ ‬أسهم‭ ‬شركات‭ ‬أخرى،‭ ‬وتشعل‭ ‬الرقائق‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬أمريكا‭ ‬والصين،‭ ‬وصراعًا‭ ‬لن‭ ‬ينتهى‭ ‬قريبًا‭.‬

Email‭: ‬[email protected]