أمس واليوم وغداً

الحوار.. وفقه أولويات الوطن

عصام السباعي
عصام السباعي

فى الوقت الذى ينشغل فيه البعض ويشغلنا بالقضايا الهامشية، تشهد الأكاديمية الوطنية نشاطاً مكثفاً بهدف الإعداد للحوار الوطنى، حيث يتم تحليل وتصنيف كل ما ورد ويرد لها من مساهمات حول محاور الحوار، ومحدداته وآليات عمله وأجندته، وسيتم بناء على ذلك وضع مقترح الحوار الوطنى وجلساته وفقا لرؤية واضحة ومحاور عمل محددة له، والمؤكد أن مبادرة الحوار الوطنى التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى تحت مظلة وطن يتسع للجميع، وما تقوم به الأكاديمية حاليا، كان له أثر كبير فى تحقيق هدفها الأول، وهو الحراك العام لحالة الحوار فى كل مؤسسات المجتمع، وخاصة المؤسسات السياسية بكافة أنواعها، وأعتقد أن المؤتمر يحتاج بداية لعنوان جامع شامل متكامل، وتحت الشعار الذى كان مصاحباً لمبادرة الرئيس «الحوار الوطنى.. وطن يتسع للجميع.. الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية»، وربما تكون هناك حاجة لأن يكون البدء بمؤتمر عام للحوار الوطني، تتبعه مؤتمرات أخرى بعناوين فرعية اقتصادية وسياسية واجتماعية وغير ذلك.

وأعتقد أن ذلك الشعار وتلك العناوين التى سنبدأ بها، سوف تعبر عن واقع مصر المعاصرة، تلك الدولة الفتية التى استعادت وجودها وحيويتها، ونجحت فى تجاوز العديد من المخاطر الداخلية التى كانت تهدد وجودها، وأصبحت تلك الدولة تضع قدمها على السلالم الأولى فى نهضة الأمم، فالدول مثلها مثل الإنسان، لها دورة حياة، بداية من الميلاد، ثم الفتوة وهى المرحلة التى تعيشها ثم تصل إلى مرحلة النضج والقوة، ثم تبدأ فى مرحلة الشيخوخة ثم تعود كما كانت فى مرحلة الضعف أو الفتوة، فتصبح المملكة البريطانية وفرنسا والاتحاد السوفيتي، كما نشاهدهم حالياً، وهى مقاربة وضعها رواد علم الجيوبوليتيكا بداية من راتزل وهاوسهوفر، وأثبتت السنوات صحتها، أما مصر فقد عاشت تلك الدورة مرات عديدة فى تاريخها الممتد عبر سبعة آلاف عام، وكانت دائما أبية قوية عصية على الانكسار.

ما أريد أن أقوله إن العنوان والشعار مهمان جدا باعتبارهما السياج أو قل الإطار الذى سيحتوى الحوار، لأن عدم التحديد، قد يفتح الباب لتبديد الوقت فى أمور خارج المقرر الوطني، وتندرج تحت إطار الهوامش فى فقه أولويات الوطن، ودافعى فى التشديد على تلك الأهمية، هو ملاحظاتى على بضع دقائق شاهدتها لحوار السيد حمدين صباحى مع زميلنا الدكتور ضياء رشوان، واستخدامه مثلاً لتعبيرات مثل الرضا وعدم الرضا، أو تناوله لقضايا جماهيرية مثل الدعم، وقصر التخيير ما بين إلغاء الدعم، وهو غير مطروح أبداً، وما بين استمرار الدعم والإبقاء عليه، وكأن بين المنطقتين خواء، ويتناسى أنه لا يوجد فى حياة الشعوب رضا يبقى على حاله لأنها تتطلع دائماً للأفضل، كما أن أى قرار اقتصادى لا يجب أن يقوم على الشعارات أو المتاجرة بهموم الفقراء أو تحديات الطبقة الوسطى، وما أسهل الكلام بدون أرقام ومعطيات وما أرخصه.

لا أخفى أننى تعجبت من أكثر من «رجل قش» حاول أن يصنعه السيد حمدين فى أذهاننا، ويجعله حاضراً فى وجودنا على عكس الحقيقة، ومن هنا اسمحوا لى الإشارة إلى ضرورة أن يتلافى الحوار كل رجال القش، وأن يكون الحوار على خلفية مجموعة من الأسس أولها: الحوار الوطنى يتم على أرضية ثابتة، ونجاحات قوية بشهادة المؤسسات الدولية، قد تمت فى العديد من المجالات والاستحقاقات.. ثانيها: أن الدولة تواجه تحديات خارجية نتيجة التضخم العالمى الكارثى وتداعيات جائحة وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.. ثالثها: أن الدولة لا زالت تواجه خطر الإرهاب الفاجر بكل ما فيه من ملفات.. رابعها: أن الدولة المصرية تواجه وضعاً إقليمياً ساخناً ومتصاعداً، وأن كل ما هو حول الحدود المصرية ملتهب برا وبحرا فى البحرين الأحمر والمتوسط، وأنه لولا الدولة القوية لكانت الصورة مختلفة تماماً،.. خامسها: أن أكبر تحد داخلى هو تحديث المجتمع وتدوير الاقتصاد واستعادة حيوية المجتمع والحد من معدل النمو السكانى ورفع مستويات جودة الحياة.. وسادسها: أن هناك اتفاقاً عاماً على أهمية الحريات بكل أنواعها، ولكن ليست حرية المطالب الفئوية وهدم دعائم الدولة وتحدى القانون.. وسابعها: ضرورة التكاتف والتضامن وتوافر الإرادة الوطنية على تجاوز كل المخاطر والعمل كفريق من أجل مصر القوية المستقلة وتحقيق مستقبل أفضل للمصريين.

وللحديث بقية

بوكس

«لو» تفتح باب الشيطان .. و«لماذا» تفتح أبواب العقل.