إنتباه

المحنة.. منحة

علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب

إذا شئت رأيت فى المحنة نهاية العالم، وإن شئت حسبتها منحة، وكل حر فى اختياره.. من لايرى فى الاشياء إلا جانبها السلبى، وينظر دائما إلى نصف الكوب الفارغ يثمن مايمر به من امتحانات على أنه ابتلاء بشر، أما من يرى فى الأمور وجهها الإيجابى، فيشعر أن ثمة منحة ينطوى عليها ما يواجهه من عسر أو شدة.. عندما يجنح المرء إلى اليأس إذا ألمت به محنة، يفقد الأمل، فتصبح حياته بلا أفق أو معنى، من ثم يحكم على نفسه بالموت حيا، أما إذا اعتبر ما يمر به مجرد محطة سوف تمضي، ويأتى بعد العسر يسر، وعقب الضيق فرجا، فإنه يجنى ثمارا يانعة طيبة، من صنع ما غرس فى نفسه من أمل، ينبع من يقين بأن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأم بولدها.. المؤمن مادام لايتيح للشيطان أن يتسلل إلى روحه لايعرف اليأس إليه سبيلا، إذ يتذكر دائما قول المولى سبحانه «أنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون»، من هنا فإن الأمل صفو للايمان، وبالتالى فمهما اعترض الحياة من صعوبات وعقبات فثمة غد آت تسطع فيه شمس بكل ما تشعه من خير، وتبعثه من ضياء..

هكذا يكون حال من يؤهله إيمانه القوى، وأمله الذى لاينقطع بمولاه، فيعى إن فى عمق أى محنة نعمة، بل منة إلهية، فخلالها قد يعيد الانسان اكتشاف كوامن ذاته، وتقييم من حوله، وصولا إلى علاقته بربه، فيحسنها ويمتنها.. المحنة تتحول إلى منحة عندما تستنهض فى الانسان ارادته وعزمه واصراره على الأخذ بالاسباب، لتجاوز ما اعترض مشواره، ورحلته مهما كان ذلك صعبا.. وإذا أدرك المرء أنه صاحب ارادة حرة وعزم لايلين، فقد امتلك عندئذ ارادة التغيير، وهى بحد ذاتها مرتبطة بإرادة الحياة، وبينهما جسر عليه أن يعبره، تتصدره لافتة عريضة تحمل فقط ثلاثة حروف، كلمة واحدة تدفع الانسان إلى إعادة تشكيل حياته بعد تجاوز محنته.

«أمل».. أمل فى رحمة الله، أمل فى انه مازال هناك خير فى اناس حولك، أمل فى قدرتك على أن تجرد نفسك من اليأس، أمل يترسخ فى قلبك وعقلك بأن ثمة أيام قادمة تحمل فى طياتها الأفضل والاجمل والأحسن.. ولاينسى الانسان للحظة أن الصبر فى المحنة، نعمة تعبر بالقادر عليه إلى منح بلا ضفاف، إذ المحنة كالنار التى تخلص المعدن النفيس من شوائبه.
«إن مع العسر يسرا».. ليس علينا إلا أن نتدبر ونتفكر، لندرك أن فى جوهر المحنة منحة.