«القاضية ممكن» في دراما رمضان تقودها هذه الأعمال

«العائدون»و «بطلوع الروح»  و«الاختيار»
«العائدون»و «بطلوع الروح» و«الاختيار»

أمل صبحي 

دائما ما يثبت الواقع صحة الحكمة التي تقول أن الصورة بألف كلمة، هذه الحكمة كانت تقال على الصورة الفوتوغرافية، فما بالك بالصورة المتحركة التي تقدم في إطار درامي، والتي أصبحت ذات تأثير كبير على وعي وفكر وعقلية الملايين حول العالم، ومصر ليست ببعيدة عن ذلك، فالدراما أصبحت أداة قوية لمواجهة التطرف، وأعمال رمضان 2022 خير دليل على ذلك، فمسلسلات “الاختيار 3، العائدون، بطلوع الروح” التي تعرض حاليا، تواجه هجوما كبيرا من لجان إلكترونية لحركات وجماعات متطرفة فكريا، بل ووصل الأمر لتهديد أبطال وصناع تلك الأعمال وترهيبهم.. في السطور التالية نتناول التأثير القوي للمسلسلات التي تواجه الإرهاب، في المعركة الأخيرة ضد الإرهاب، لكنها معركة بدون سلاح.

“المسلسلات التي تناولت الإرهاب هذا العام، أستطاعت أن تقضي على ما أسسته جماعة (الإخوان) فكريا على مدار عام خلال حكمها في عام 2013”، هكذا بدأ الكاتب بشير الديك حديثه عن المسلسلات التي تتناول التطرف الفكري والمسلح في أعمال رمضان الجاري، ويضيف الديك: “إشراف الأجهزة الأمنية المسئولة على النصوص الدرامية التي تقدمهو أمر ضرورى خاصة الأعمال التي تشبه (الاختيار)، فهذا العمل تحديدا يجمع ما بين التوثيق والدراما، وهذا هو سر نجاحه ومصدقيته، فهو يعرض ما يؤكد أحداثه بفيديوهات حقيقية ومشاهد من أرض الواقع، والجميل في الأمر أن عمل مثل (الاختيار) قضى على فكرة المظلومية التي يطلقها (الإخوان) طوال الوقت، رغم أن الشعب عاش معهم عاما من الجحيم خلال فترة حكمهم القصيرة، كما نفت عنهم فكرة الدفاع عن الإسلام التي يصدرونها دائما لجذب التعاطف”.

 

فرانكشتاين

الناقد كمال رمزي يرى أن العالم كله أصبح يواجه الإرهاب بالسينما والدراما التلفزيونية، مضيفا: “ظاهرة الإرهاب تذكرني بفيلم (فرانكشتاين)، فهو وحش صناعه الغرب لإرهابنا، لكنه في النهاية إنقلب على صانعه، لذلك لم نرى أعمال تتناول الإرهاب في هوليوود خلال الثمانينات والتسعينيات بنفس كثافتها الآن، فهم لم يكونوا ضمن ضحاياها في هذا التوقيت”.

 

وعن المسلسلات التي تعرض حاليا وتتناول الإرهاب والتطرف يقول رمزي: “على صناع هذه الأعمال إن تكون أعمالهم درامية مؤلفة لكن من وحي الواقع، حتى يشعر المشاهد بمصداقيتها، ولا تكون عرضة لأي محاولات لهدم العمل أو التشكيك في صحة محتواه، وملفات المخابرات والأمن الوطني مليئة بعشرات العمليات الخاصة بخلايا إرهابية وحركات متطرفة تم القضاء عليها”.

وتحدث رمزي عن الهجوم الذي تشنه بعض الجهات ضد تلك الأعمال، حتى قبل عرضها، معبرا عن إستغرابه من وجود أشخاص يدافعون عن حركات إرهابية صنعت الرعب في العراق وسوريا، لذلك أطالب بالمزيد من تلك الأعمال، التي تكشف الخلايا النائمة، وتغير من فكر ووعي الجمهور نحو مزيد من الإعتدال في الفكر”.

يؤيد الناقد رامي عبد الرازق رأي سابقه، حيث يؤكد إن الأعمال الدرامية التي تحارب التطرف لا يمكن أن تكون من وحي خيال مؤلفها، ويجب أن تقتبس من أحداث واقعية، لأن المعلومات والحقائق تصنع فارق في مصداقية العرض”.

 

أما عن تعرض تلك الأعمال للهجوم المستمر حتى قبل العرض، يقول عبد الرازق: “الهجوم أصبح على الكثير من المسلسلات والأفلام، وليس فقط التي تتناول الإرهاب، بل الهجوم قد يوجه لعمل فني لمجرد الاختلاف سياسيا أو في الرأي مع فنان، وينتقل الأمر من الاختلاف إلى الترصد، وهذه حالة قديمة زادت مع ظهور السوشيال ميديا”.

بدون سلاح

الناقد رامي المتولي يشبه تلك المسلسلات بالسلاح الذي يواجه الإرهاب لكن ليس في معارك حقيقية، بل معارك إفتراضية النصر فيها قد يكون أكبر من المعارك المسلحة، ويضيف: “في المعارك الأمنية – على أهميتها – قد تقضي على عدد من العناصر الإرهابية،لكن بمسلسل واحد قد تنشر فكرة تقضي على عشرات الأفكار المتطرفة”.   

 

ويستكمل متولي حديثه بالقول: “مثل هذه النوعية من الأعمال تكشف مدى كذب تلك الجماعات، لكن هذا لا يمنع أن تكون تلك الأعمال من وحي خيال مؤلفها، فهذا لا يمنع مصداقيتها، فجميعا عشنا سنوات مأساوية مع الإرهاب، ولسنا بحاجة للتأكد أنه عدو للمجتمع، لكن الدراما هنا تمنع فرصة التعاطف معهم، وتقضي عليهم في معركة أخيرة لا حاجة فيها للسلاح”. 

 

وفي نهاية حديثه يقول المتولي: “من يهاجم تلك الأعمال أما متطرف، أو مختلف سياسيا مع الدولة والمجتمع، وتنعكس هذه الكراهية على المسلسل نفسه، ولن يرى في العمل أي إيجابيات، والأمر لا يمكن إعتباره نقد من الأساس، فتلك الحملات تبدأ أساسا قبل عرض العمل، بمجرد معرفة أسماء الفنانين وفكر العمل أو بعد طرح البوستر أو البرومو، لكن النتيجة النهائية هي نجاح تلك الأعمال في التأثير على الشريحة الأكبر من المشاهدين، ويجب أن نعلم أن معركة تغيير الوعي صعبة بالفعل، والتأثير على المشاهدين أمر من مختلف الفئات والطبقات الإجتماعية في نفس الوقت أشبه بعملية مستحيلة، لكن المسلسلات هذا العام أثبتت أننا قادرين على صنع المستحيل حتى بالقوى الناعمة”.