عاجل

حديث الأربعاء| مرفت سلطان

محمد سلامة
محمد سلامة

ولما كانت ليلة السادس والعشرين من شهر مارس 2022 ... تزين قصر عابدين لاستقبالها ... بدا القصر الذى لم أره منذ عقود بعدما انتقلت للسكنى بعيداً عنه ... بدا فى أحلى طلة ... على أبوابه كانت هنالك فى الانتظار ... أشبه بملاك ساقه الله سبحانه وتعالى إلى الأرض ... وجه بشوش ... ابتسامة لم تغادرها طوال حفل تدشين العلامة الجديدة للبنك المصرى لتنمية الصادرات ... لم تغب عنها طوال حياتها ... لم أعتد المشاركة فى أى مناسبات على اختلافها منذ ما يزيد على العامين ... التزمت المنزل منذ استشرى فيروس « كورونا « لم أغادره حتى اليوم سوى 3 مرات  ... أولاها عند وفاة أخى ... صديقى الغالى ياسر رزق - رحمه الله - ... ثانيتها وفاة زوجة صديقى العزيز د. أحمد عكاشة ... والدة أخى هشام عكاشة  -  رحمها الله - ... ثالثها حفل تدشين العلامة التجارية الجديدة للبنك المصرى لتنمية الصادرات ... ترددت لحظات ... أذهب إلى الحفل أم أعتذر ... بالتأكيد زحام ... مدعوون كثر يضيق بهم القصر على اتساعه وأنا عديم المناعة تقريباً ... أقل دور برد يلزمنى الفراش ربما لشهور ... ما دفعنى إلى المغامرة دعوتها بضرورة الحضور ... كيف وهى من هى ... طوال فترة امتدت ولاتزال بحكم صداقتى التى ستظل رغم وفاتها لم أتعامل معها رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات ... تعاملنا إخوة ... أصدقاء ... لأول مرة قبل أعوام لا أدرى كم عددها ... كيف مرت سراعاً ...  قابلتها فى افتتاح فرع البنك المصرى لتنمية الصادرات فى المقطم جنوب القاهرة ... لم يكن هناك صحفيون سوى العبد لله ... تعارفنا ... شعرت يومها كم هى إنسانة شديدة البساطة ... ودودة ... تعامل الجميع من مدير الفرع إلى الحارس على أبوابه معاملة لا تفرق بينهما ... تواضع وراءه ثقة فى قدراتها ... إمكانياتها ... بدا فيما بعد فى نتائج أعمال البنك المصرى لتنمية الصادرات غير المسبوقة ... نقلة نوعية وضعت البنك فى مكانه ... جعلت منه منافساً عنيداً لبنوك استحوذت على صدارة السوق المصرفى المصرى لعقود ولاتزال ... تحادثنا يومها لدقائق ... تواصلت معها إلى ما قبل أيام مضت ... دائماً كنت ألجأ إليها فى « فهم « بعض ما قد يستعصى على فهمه من مصطلحات القطاع المصرفى التى لا أدّعى حتى اليوم الإلمام بها تماماً ... صباح اليوم التالى مباشرة أسعدتنى برسالة صوتية معربه عن امتنانها لحضورى الحفل وأنا الذى أسعدنى الحضور رغم بعض مخاوفى المشروعة ... قبيل أيام من دخول شهر رمضان المبارك حادثتها عن ضرورة المشاركة كما اعتادت  فى أعداد شهر رمضان اليومية ... مرت أيام وأنا أطاردها وهى المشغولة دوما وأبداً بالعمل اليومى الذى لا ينتهى حتى يبدأ ... ظهر الأربعاء 3 أبريل جاءنى صوتها وهى فى الطريق إلى الأراضى المقدسة لأداء  العمرة ... طالبتها بالدعاء ... وعدتنى « من عينيه « مع وعد آخر بإرسال د. أحمد جلال نائبها مادة عدد شهر رمضان إلىّ ... مرت أيام رمضان سراعاً كعادتها ... 13 أبريل أرسلت إليها مستعجلاً المادة ... متمنياً لها قبول العمرة ... ردت مؤكدة إرسالها المادة إلىّ ... اليوم التالى عندما لم يصلنى شىء ... أرسلت إليها رسالة لم ولن تقرأها ... جاءنى الخبر ... لحظات مرت كالدهر ... أصدق ... أكذب ... لكنها الحياة ...إرادة الله سبحانه وتعالى ... شريط طويل يمر أمامك سريعاً منذ الميلاد ... أنت بطله ... محور أحداثه ... أفراحه ... أتراحه ... تبقى فقط الذكرى التى تنفع المؤمنين ... تذكرت الآن حفل قصر عابدين ... كأنها كانت هناك تودع الجميع ... تلقى نظرتها الأخيرة تتأهب للرحيل فى هدوء كعادتها .