نار الغيرة ألقت به خلف القضبان

10 سنوات سجنًا للزوج المضطرب نفسيًا.. لهذه الأسباب

المتهم
المتهم

منى ربيع 

الشك والغيرة أعمى بصره وبصيرته، لدرجة جعلته مضطرب نفسيا يشك في كل شيء حوله، يرى كل من حوله طامعًا في زوجته، بل وصلت هواجسه المريضة إلى درجة أنه يشك أن زوجته على علاقة بشخص ما، فدائمًا يرتاب في تصرفاتها، يمنعها من الخروج أو زيارة أسرتها أو أبنائها من زوجها الاول والذى توفى إثر حادث تاركًا لها طفلين، وبالرغم من حبه لها إلا أنه كان دائمًا يراها امرأة غير وفية فهي بعد وفاة زوجها الاول تركت أطفالها لدى والدتها وتزوجت منه لمجرد أنها احبته دون أن تدري ما به من هلاوس سمعية وبصرية إلى الحد الذي يشعر فيه دائمًا أنه سيأتى اليوم الذى ستتركه فيه من أجل رجل آخر، ولأنها احبته بعدما وجدت فيه خصالا حميدة تحملت كل شكوكه،طالما كان يأتى طالبًا السماح، استمرت بهما الحياة على هذا الحال لمدة تسعة عشر عاما حتى غلبه شيطانه بأن زوجته سيئة السمعة والسلوك وانها على علاقة بآخر تقابله في الخفاء ليقرر وضع نهاية لكل شكوكه التي لا دليل عليها إلا هواجس مريضة سيطرت على عقله وانتابت مشاعره المضطربة؛ وكانت النهاية دامية قادته خلف القضبان، تفاصيل القضية التي نظرتها محكمة الجنايات ترويها السطور التالية.

بالرغم من أن وقائع القضية تعود إلى منتصف عام 2021 إلا أن تفاصيلها ترجع إلى أكثر من عشرين عامًا عندما توفى زوج فايزة في حادث تصادم سيارتين تاركًا لها طفلين، لتبدأ معاناتها في تربيتهما، فهو لم يترك لها ميراثًا او أي شيء يعينها على الحياة من بعده، حيث وظيفته بإحدى المتاجر، اضطرت فايزة للنزول للعمل كي تستطيع الإنفاق على طفليها، وفي تلك الفترة استطاعت الحصول على عمل في أحد المصانع، وأثناء ذهابها وعودتها من العمل تعرفت على احمد تاجر صغير بالكاد يمتلك متجرًا صغيرًا اشبه بفاترينة، احبها كلما ذهبت أو عادت امامه وهي الاخرى بادلته نفس الشعور، استمرت نظرات الإعجاب بينهما عدة أيام حتى اخبرها برغبته في الزواج منها، فهما الاثنان ظروفهما متشابهة، هو انفصل عن زوجته ولديه طفل يعيش مع أمه.

 

زواج عن حب

فرحت فايزة بطلب حبيبها بالزواج منها لكنها واجهتها مشكلة وهي طلبه بأن تترك طفليها لدى والدتها كما يفعل هو مع ابنه، في البداية رفضت فايزة ما طلبه منه لكنه استطاع إقناعها بطلبه بأنه يريد أن يعيشا سويا وأنه سينفق على طفليها مثل ابنه، وإذا أرادت رؤيتهما عليها أن تذهب اليهما في أى وقت تشاء فيه، اخبرت فايزة والدتها بطلب حبيبها لتوافق الام، فالأهم عندها أن تتزوج ابنتها التي هي في عز شبابها، تزوجت فايزة من احمد بعد عدة أشهر تاركة طفليها لدى والدتها، في اول عام من الزواج كانت تذهب لرؤية طفليها ومتابعة أحوالهما، لكن احمد ضاق من زيارتها وخروجها المتكرر، فهو دائما يغير عليها بشدة وهذا ما لاحظته فايزه من اسئلته الكثيرة وكأنه محقق، حتى رآها مرة وهي تخرج من منزل والدتها ويقوم احد جيرانها بإلقاء التحية عليها، استشاط غضبًا وأهانها في الشارع وجذبها إلى منزلهما وهو يتهمها في سلوكها وأنها غير وفية وأنها تركت طفليها من أجل هذا الرجل، وانها تزوجت بعد اقل من عام من وفاة زوجها، وان من تفعل ذلك من السهل عليها أن تخون الزوج الثاني!

 

شعرت فايزة بالصدمة من اتهامات زوجها فكيف يتهمها تلك الاتهامات فهي تركت طفليها من اجله هو لانها احبته، فهي لم تتركهما في الشارع بل تركتهما لدى والدتها التى تحنو عليهما وتداوم على زيارتهما، بعدها فوجئت به يطلب منها عدم الذهاب إلى والدتها مرة اخرى وإذا ارادت رؤيتهما فعلى والدتها أن تحضرهما اليها في المنزل ولن تذهب اليها مرة اخرى، واتهمها بشكه بأنها على علاقة بجارها.

 

اخبرت فايزة والدتها بأوامر زوجها الجديدة وهي تبكى، لكن الام اخذت تصبرها وتهدئها بأن زوجها يحبها ويغير عليها، ويجب عليها أن تتحمله، وأنها ستنفذ اوامره وستحضر طفليها اليها في عدم وجوده لتراهما، استمرت فايزة على هذا الحال لسنوات شعرت وكأنها في سجن، بدأت تتمرد على حياتها معه، خرجت لزيارة والدتها دون أن يعرف، وفي احدى المرات رآها وهي عائدة من عند والدتها، ليضربها في الشارع ويجذبها إلى منزله وهناك لقنها علقة ساخنة وهو يتهمها بأبشع التهم، لتطلب فايزة الطلاق و تؤكد له انها كرهت الحياة معه ولاتريد أن تعيش في ذلك السجن مرة أخرى، وانتظرت خروجه ولملمت ملابسها وذهبت إلى بيت والدتها، وعندما عاد احمد جن جنونه فهو لا يستطيع أن يعيش بدونها، ذهب إليها طالبا الصفح والسماح وهو يبكى بأنه لا يستطيع الحياة بدونها وأنه يريد أن تعود معه إلى المنزل، ولن يهينها مرة اخرى.

 

عادت فايزة مع زوجها وهي على امل أن يتغير لكنه لم يتغير ظل على ذلك الحال طول حياتها معه لمدة 19 عاما يتهمها بسوء السلوك وفي شرفها، يهينها ثم يعود ليصالحها وإعادتها لمنزله لدرجة انه ذهب إلى ضابط مباحث القسم الذي يتبعه يتهمها بأنها تخونه وانها على علاقة برجال آخرين منهم جارها في منزل والدتها، إلا أن رجال المباحث اكدوا له أن زوجته حسنة السلوك وأن ما في رأسه مجرد اوهام وغيرة زائدة لكنه لم يقتنع وظل على ذلك الحال المريض تحاصره الهلاوس والأوهام.

الجريمة

في احدى المرات عاد من عمله ليجدها تتحدث في هاتفها وعندما سألها عن الشخص الذي تناديه امع السلامة يا حبيبيب أخبرته؛ بأنها تتحدث مع ابنها، لكنه لم يصدقها وظل يضربها ويهينها ويتهمها بأبشع الاتهامات، ثارت فايزة على زوجها واتهمته في عقله، فكيف يعيش معها وهو يشك في سلوكها واخلاقها، جن جنون الزوج ليطبق بيديه على رقبتها خنقًا حتى لفظت انفاسها وصارت جثة هامدة بين يديه، للحظات بدأ يفكر كيف يبعد عن نفسه الشبهة، فاتصل بوالدته ليخبرها بأنه عاد من عمله ليجد زوجته جثة هامدة وانه سيهرب حتى يستطيع إثبات براءته، لتتصل الجدة بحفيدها تخبره برسالة والده، التى لم يصدقها ليتصل بابن زوجة ابيه يخبره بما سمع ليتصل ابن المجني عليها بالشرطة متهمًا زوج والدته بقتلها لانه دائم الشك في سلوكها وكان يضربها ويهينها دائما، ليتم إخطار النيابة العامة التى عاينت الجثة؛ تبين أن الاصابات الموصوفة بالجثة بالذقن والعنق نتيجة الضغط بأصابع اليد على تلك المناطق بغرض سد المسالك الهوائية العليا وكتم النفس والوفاة جنائية نتيجة اسفكسيا الخنق، طلبت النيابة تحريات المباحث حيث شهد نجل المتهم؛ أنه تلقى اتصالا من جدته تخبره فيه أن والده هاتفها واخبرها بأنه سيهرب حتى يثبت براءته من قتلها، بينما شهد نجلا المجنى عليها بأن زوجها كان دائم الشك في سلوكها وبالتالي يتهمانه بقتلها.

 

فيما شهد جار المتهم أنه اثناء وجوده  في شرفة منزله رأى المتهم يحمل حقيبتين ويخرج مسرعًا يستقل سيارته منطلقا بها وبعدها عرف انه قتل زوجته، فيما اكدت تحريات المباحث؛ أن المتهم كان دائم الشك في سلوك زوجته وانه يوم الحادث وقعت مشادة بينهما وعلى أثرها عاتبته المجني عليها واتهمته في عقله ورجولته بعدم الثقة في نفسه، فعقد العزم على قتلها انتقامًا لرجولته فدفعها ارضًا وخنقها بيده حتى فارقت الحياة وجمع اغراضه وفر هاربًا.

 

ليتم ضبطه وإحالته للنيابة العامة حيث اعترف بجريمته لتقرر النيابة حبسه على ذمة التحقيقات، وإحالته لمحكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد الجندى، وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد احمد صبري، لتصدر حكمها بسجن الزوج 10 سنوات مع الشغل بعد دفع محاميه باضطرابه نفسيًا.

أقرأ أيضأ l «نار الغيرة» أنهت حياتها.. كشف غموض العثور على جثة سيدة بطنطا