«مسجد المحمودية» بالقلعة.. أسسه الوالي محمود باشا المقتول

مسجد الوالي محمود باشا المقتول
مسجد الوالي محمود باشا المقتول

يقع مسجد المحمودية بميدان صلاح الدين، بالقلعة أمام باب العزب بالقاهرة، وهو مسجد أثري يحمل رقم 135 بسجلات الآثار الإسلامية، وقد أُقيم عام (975هـ-1567)، وهو مسجد صغير الحجم وقد لا يلاحظه الكثير من الناس بسبب صغر حجمه بالمقارنة مع المساجد الأخرى القريبة منه كمسجدي السلطان حسن والرفاعي.

وقام بإنشائه الوالي العثماني على مصر محمود باشا؛ في عصر السلطان سليمان القانوني، وهذا الوالي لم يظل على العرش أكثر من عام خلال الفترة من (1566-1567م)، وكان معروفا باسم محمود باشا المقتول.


يقول الباحث الأثرى حسين دقيل، أن محمود باشا المقتول عرف عنه أنه كان ظالما جائرا في أحكامه، صادر كثيرا من أموال الناس. ويُحكى أنه خرج في جمادى الأولى سنة (975 ه/1567م) من مقر الحكم في القلعة في موكبه الضخم، وعند مروره عند بركة الناصريّة أطلق عليه شخص مجهول عيارا ناريا أصابه إصابة قاتله لم يجد معها العلاج وتوفي ودفن تحت قبة المسجد. 

أما المسجد؛ فهو مرتفع عن الأرض يُصعد إليه من خلال درج، وهو مربع الشكل يبلغ طول ضلعه ما يقرب من 20 مترا، وتتوسطه أربعة أعمدة كبيرة من الجرانيت تحمل منورا كبيرا، وحول العمد أسقف المسجد. وسقف المنور يحمل أزارا كتب عليه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. قال صلى الله عليه وسلم من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة أوسع منه، وأمر بإنشاء هذا المسجد المعمور من فيض ماله المبرور المقام العالي واسطة عقد اللآلئ أمير الأمراء الكرام كبير الكبراء الفخام فكان ابتداؤه وتاريخه بحكم منشئه الأول المبدئ 975هـ وانتهاؤه بمعاونة ... له من الرتب على أنه ليضيء برا للرضا للقوة. والإكرام المختص... حضرة الأمير الباشا محمود راجيا من كرم الله القبول والرضا من فضله العفو مرتضى تقبل الله". 

وفي منتصف ساحة المسجد طرقة أرضيتها منخفضة قليلا عن أرضية المسجد وتصل بين الباب الجنوبي والباب الشمالي فانقسم المسجد بذلك إلى إيوانين.  ويتوسط جدار القبلة محراب من الحجر خال من الزخارف يجاوره منبر من الخشب بحشوات مجمعة. وعلى يسار المحراب باب يؤدى إلى القبة الضريحية وبها قبر المنشئ. والقبة مرتفعة قائمة بمفردها بارزة عن مستوى الواجهة مبنية بالآجر على قاعدة من الحجر. وفي الجهة الجنوبية الشرقية قاعدة دائرية عليها مئذنة أسطوانية على النمط العثماني تحليها خطوط رأسية بارزة ولها دورة واحدة مكونة من مقرنصات متعددة الحطات وتغطيها مسلة مخروطية. 

وذكر على مبارك المسجد في الخطط الجديدة، بقوله: "مسجد المحمودية مسجد عظيم به قبر منشئه محمود باشا تعلوه قبة مرتفعة، وشعائره معطلة مع أن له أوقافا وأحكارا".

وتعرض المسجد للإهمال مع مرور الزمن، وقد أدركت لجنة حفظ الآثار العربية المسجد منذ سنة 1885م وبدأت في أعمال الإصلاح والترميم منذ 1904م حتى أقيمت به شعائر الصلاة سنة 1906. وعندما فحصت اللجنة المسجد سنة 1885م لم تجد فيه شيئا من الأبواب والشبابيك والأرضيات، كما اندثر السبيل الملحق بالمسجد والكائن بالجهة الجنوبية الغربية، ولم يتبق منه سوى جزء من السقف وجدران الصهريج. واعتبارا من 1904م تولت اللجنة تدعيم مباني المسجد وأعادت بناء السلم المؤدى إلى المدخل وقامت بتركيب أبواب جديدة وعمل شبابيك جصية وترميم الزخارف. وآخر عمليات الترميم التي مر بها المسجد كانت في عام 1940م، حين أمر الملك فاروق بتقوية عقوده وإصلاح سقفه.