رمضان شهر كتابة المقالات الإبداعية

شهر كتابة المقالات
شهر كتابة المقالات

يأتى شهر رمضان فتدب الحياة فى كل شىء، ونروح نراقب يومنا بحذر، كأنه بعث جديد للوقت، حيث تصبح للدقيقة معنى وللساعة ثمن، وتتعلق عيوننا بالشمس نميل حيث تميل، نفعل ذلك بقداسة نابعة من أرواحنا، نفعله كامتداد طبيعى لأجدادنا الفراعنة الذين كانوا يودعون «آمون» نهاية كل يوم وينتظرون عودته فى اليوم التالى.


كل شيء منضبط فى رمضان الكريم إلا القدرة على الكتابة الإبداعية (رواية- قصة)، سيرتبك كل شيء يتعلق بهما، يحدث ذلك على الرغم من كون عاداتى فى النوم لا تتغير كثيرًا، فأنا أنام قرب الحادية عشرة مساءً، وأستيقظ فى تمام الساعة الخامسة والنصف تقريبًا، أتكاسل حتى السادسة أحيانًا، وأهب مذعورًا إلى عملى فأصل مبكرًا وأنتظر تفتح اليوم مترقبًا.


فى كل عام يخدعنى شهر رمضان بسماحته، فأظنه شهرًا قابلًا للكتابة والإبداع، وفى كل مرة أضع خططًا عديدة لكن سرعان ما أكتشف أن خططى مصيرها مشابه تمامًا لمصير رمضان الماضى، فأعدل ما انتويته فأقرأ كثيرًا وأكتب قليلًا، وأحيانًا لا أكتب إلا ما يتعلق بالعمل، مقالات وموضوعات صحفية.


لكن هنا وجب القول إن رمضان يكون عادة كريمًا معى فيما يتعلق بالمقالات، أخطو إليه وفى ذهنى فكرة ما تختمر قبل أيام قليلة من الشهر فأتحمس لها، فأكتب شيئًا أحبه ويحبه الناس، حدث ذلك فى سلسلة مقالات سابقة منها (الأفاضل، دم طاهر، الصالحون، معانى الآيات) هذا النوع من الكتابة ينبع من قلبى مثل فيض، إنها كتابة أحبها تمامًا، أكتب المقالة كما أحب، وكما تخيلت من قبل، أجعل الإنسان هدفى، أكتب عما أحببت وعما عرفت.


لست من محبى السهر فى رمضان وأصحو مبكرًا بقلبٍ صافٍ تمامًا، كما أننى لا آكل فى رمضان إلا القليل، ومنذ قديم لا أتناول سحوري، ويحدث أن آكل شيئًا قليلًا قبل نومى أحيانًا، وأكتب فى الصباحات الباكرة كما أفعل قبل رمضان، ففى الصباح كل شىء جديد مبلل بالندى، صحو ومستعد للمنح.


فى شهر رمضان تنفتح شهيتى أكثر على القراءة، أقرأ فى المواصلات ذهابًا إلى العمل وإيابًا منه، أقرأ القرآن فى الصباح، أتوقف عند الآيات أتأملها، أرى الديمومة فيها، وأشهد طزاجة المعنى واستمراريته، أقرأ كتبًا بصيغة الـ PDF، فقد أقنعت نفسى منذ قديم أنه لا سبيل للمتابعة سوى الدخول للعالم الحديث من باب الكتب الإليكترونية، ومؤخرًا عرفت الطريق إلى الكتب المسموعة، لكننى لم أستسغ التجربة بعد، لكن دعونا نحاول، وليكن شهر رمضان فرصة للتقييم.


شهر رمضان كريم فعلًا، وإن لم أصب شيئًا من الكتابة الإبداعية، لكن ينتابنى شعور كبير بأننى قد حققت أهدافى فيه، قرأت كثيرًا وكتبت المقالة بالصورة التى أحب، واقتربت من القرآن، وشعرت بطعم الزمن، ورأيت الناس وهم يتأملونه، واسترحت فى مسجد كبير بعض الوقت قبل أن أكمل المسير إلى بيتى.

اقرأ ايضا | الكتابة في رمضان.. من يكسر الإيقاع دون نشاز؟