ومضة

صابر سعد يكتب: «الديب».. الإنسان 

صابر سعد
صابر سعد

 سبعة أشهر أَوْ زِدْ قَلِيلا.. رغم قصر تلك المدة  التي شغلها كأمين على صحة المواطنين في إحدى محافظات القاهرة الكبرى، إلا أنه أحسن استثمارها فاخترق قلوب من تعاملوا معه سواء عن قرب أو بعد.

قد يكون ما ستقرأه في تلك السطور الموجزة ضربًا من ضروب الخيال، لكن قلبك سينتفض فرحًا عندما تعلم أن مسئولًا ترك مكانًا وتوج بآخر وظل الناس في المكان الأول يذكرونه بكلمات يلين الحديد عند سماعها ويسر الحزين عند تذكرها.

ليست مبالغة ما أقول، بل كلمات أقل بكثر مما يستحقها إنسان يعتبر نفسه خادمًا للمرضى، حتى أطلق عليه البعض «الديب» الأمين. 

ليس غريبًا أن تتصل بمسئول بُعيد آذان الفجر لحالة طارئة، فالأغرب أن المسئول لم يرد عليك فقط بل اتخذ اللازم من أجل صحة إنسان حتى وإن كان لا يعرفه، فمَنْ أُوتِيَ سلامة القلب ورقته هز قلوب الإنسانية واخترق جدارها دون الحاجة إلى مفتاح، وكانما حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا. 

لم أرد أن أكتب عن الأستاذ الدكتور رضا الديب -وكيل التأمين الصحي في القليوبية في الفترة من 4 مايو 2021 حتى تقلده منصب  مدير مستشفيات مدينة نصر في 18 يناير 2022- أي كلمات أثناء توليه مهامه في القليوبية بل آثرت أن أؤخر كلماتي ليوم يترك فيه منصبه بالقليوبية حتى لا يكون الكلام مُراءاة للناس.

أثناء توليه منصبه كان الكثيرون يرسلون إليه طلبات لمرضى بحاجة للعلاج، وكان يرد عليهم ويتخذ اللازم في دقائق معدودات، غير آبةٍ بأي مردود من أحد وكأنما كان يقول في قرارة نفسه: «لَا أُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا».

في أشهر معدودات ترك فيها الدكتور رضا الديب بصمة إنسانية لدى كثيرين وبخاصة موظفي التأمين الصحي والصحفيين في تلك المحافظة.. ولِمَ لا فقد قد كان مكتبه مفتوحًا للجميع وحكى لي كثيرون أنه كان إنسانًا رقيق القلب حاسمًا، منحازًا للبسطاء ولمن لجأوا له فحقا كان يغيث الملهوف، فمن خلاله رأيت أن الطب رسالة حتى وإن أضحت الرسالة تجارة عند ضعاف النفوس.

خسرت القليوبية الدكتور رضا الديب، لكن مستشفيات مدينة نصر ظفرت به.. فخلال تقلده منصبه بالقليوبية تم افتتاح وتشغيل المبنى الجديد بمستشفى النيل للتأمين في شبرا الخيمة بعد أن ظل مغلقًا لسنوات، كما تم إدخال خدمات طبية جديدة مثل جراحة الأطفال في مستشفى بهتيم وفي مستشفى بنها النموذجي مثل جراحة المخ والأعصاب وجراحة القلب المفتوح و القسطرة المخية، وتمت زراعة القوقعة بمعدلات عالية، واستحداث لجان طبية متخصصة لأول مرة في بنها مثل لجنة التصلب المتناثر MS  ولجنة صحة المرأة بالإضافة للعمل على الحصول على موافقات لعمل لجان أمراض دم الأطفال وزرع القرنية، كما أضحى فرع القليوبية من أول الفروع التي قامت بتنفيذ مشروع لجان ذوي الهمم من ضمن خمس فروع على مستوى الجمهورية وتم تعميمها بعد ذلك.

أرجو من الأستاذ الدكتور محمد ضاحي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي، أن يطلق اسم الدكتور رضا الديب على مبنى تابع للتأمين بالقليوببة أو في مدينة نصر، فمن هنا مرً «الديب».. الإنسان.
حفظ الله مصر