من الأعماق

بين صلاح.. وساويرس والذين معه !

جمال حسين
جمال حسين

جرعة كبيرة من السعادة والأمل والتفاؤل، حصلنا عليها - نحن أبناء الصعيد -، خلال الأيام الماضية؛ ونحن نرى افتتاح الرئيس السيسى للعديد من المشروعات القوميَّة الكبرى، بعد عقودٍ طويلةٍ من التهميش والإهمال والحِرمان.. لقد وجَّه الرئيس السيسى بُوصلة التنمية جنوبًا، ورأينا - ربَّما لأول مرةٍ فى تاريخ الصعيد - رئيس الجمهورية، وكل الوزراء والمسئولين، يقضون أسبوعًا كاملًا فى التنقُّل بين محافظات الجنوب، يتعايشون مع أهله، ويقفون على آمالهم وأحلامهم، بعد أن كان مجرد تفكير أى مسئولٍ فى زيارة الصعيد، لساعاتٍ قليلةٍ، عبئًا ثقيلًا على النفس.
ما تحقَّق من طفرةٍ تنمويةٍ ومشروعات قوميَّة عملاقة، رفع لدينا - نحن الصعايدة - سقف الطموح والتطلُّعات، وأصبحنا نتعجَّل حصاد ثمار التنمية؛ ليُصبح الصعيد جنة الله فى أرضه.
أسئلة مشروعة تردَّدت على لسان كل صعيدىٍّ؛ منها: أين مشاركة كبار رجال الأعمال والأثرياء من أبناء الصعيد فى تنمية مسقط رأسهم، كما فعل الراحل العظيم محمود العربى، صاحب توشيبا فى المنوفية والقليوبية؟، لماذا يعزف هؤلاء، وعلى رأسهم ساويرس والذين معه، عن الاستثمار فى محافظاتهم؛ بتشييد مصانع كثيفة العمالة تُسهم فى مواجهة البطالة، بينما يضخون أموالهم فى كل بلاد الدنيا؟!، ألم يسمع هؤلاء عمَّا يفعله نجمنا العالمى محمد صلاح، الذى غيَّر بمفرده وجه الحياة فى قريته نجريج، التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية؟.
بالتأكيد الصعيد يحتاج مشاركةً حقيقيةً من القطاع الخاص؛ ليكون يدًا بيدٍ مع الدولة فى تشييد المشروعات ذات العمالة الكثيفة، التى تقضى على البطالة وترفع مستوى المعيشة.
ما زلت أتذكَّر ذلك المؤتمر الجماهيرى، الذى دعا له محافظ سوهاج الأسبق، اللواء ممدوح كدوانى، والراحل العظيم قدرى أبو حسين، أسطورة الإدارة المحليَّة منذ حوالى ٢٠ عامًا، بعنوان «العودة إلى الجذور»، حيث استضافت المحافظة أبناءها من الطيور المهاجرة، سياسيين ورجال أعمال وعلماء وخبراء وإعلاميين؛ لوضع خارطة طريق لتنمية المحافظة الأكثر فقرًا.. كنت أحد المشاركين فى المؤتمر، برفقة الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى، والكُتَّاب الصحفيين الكبار أبناء سوهاج جلال عارف، ومحمد عبدالجواد، وأحمد طه النقر، وبعد جلساتٍ من العصف الذهنى،
تم وضع تصوّرٍ لتنمية سوهاج، والانتقال بها من الفقر والبطالة وإرث «الثأر» إلى آفاقٍ أرحب.. يومها تعهَّد رجل الأعمال نجيب ساويرس بعمل مشروعاتٍ استثمارية وصناعية كبرى فى مسقط رأسه سوهاج، وكذلك تعهَّد المئات من رجال الأعمال، أبناء سوهاج.. وانتهى المؤتمر، وعاد الجميع إلى القاهرة؛ لتذهب وعودهم أدراج الرياح.
أقول لهم: محافظاتكم لها دَينٌ كبيرٌ فى أعناقكم، وبعد أن حقَّقتم نجاحات كبيرة فى طول البلاد وعرضها، آن الأوان لأن تُسهموا فى تنميتها، وليكن لكم فى محمد صلاح أسوة حسنة.
لقد ابتعد صعيدنا عن دائرة الاهتمام بفعل فاعلٍ، رغم ما يملكه من مقوماتٍ صناعيةٍ وزراعيةٍ وسياحيةٍ غير موجودة فى محافظات أخرى.. الآن الإرادة موجودة وحقيقية، والكرة الآن فى ملعبكم، خاصةً أن الدولة تُرحِّب بكم، بل وتدعوكم للمشاركة فى عُرس التنمية بالصعيد، فهل تُلبون النداء؟.. أتمنى.