أصبحت السمنة مرض العصر الذى يعانى منه الكثيرون، ويشكل تهديداً كبيراً على صحتهم، فهم دائماً أكثر عرضة للإصابة بمختلف الأمراض فضلا عما يعانونه من آثار نفسية أخرى.. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن السمنة اضطراب ناتج عن عوامل متعددة ويؤثر فى الناس بالدول الفقيرة والغنية على حدّ سواء، أما الآثار الضارة التى تسببها السمنة للصحة العامة فهى واسعة النطاق، وتشمل مرض السكرى وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والاكتئاب ومضاعفات الحمل والولادة وكذلك اضطرابات النوم.
ويوضح تقرير صادر عن الاتحاد العالمى لمكافحة السمنة، أن زيادة وزن الجسم هو ثانى أكبر سبب للتوجه للمستشفى، وكان سببا رئيسيا فى زيادة مخاطر وفاة المصابين بمرض "كوفيد-19" بعد سبب التقدم فى العمر.
وأشارت هيئة الأمم المتحدة إلى أن معدلات السمنة حول العالم ارتفعت بثلاثة أضعاف عمّا كانت عليه عام 1975، ومنذ عام 2016، يعانى أكثر من 650 مليون بالغ من السمنة، أو 13% من البالغين حول العالم، أما الأطفال فتضاعفت معدلات السمنة لديهم بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين.
كما كشفت منظمة الصحة العالمية أن مصر تعتبر من ضمن قائمة الدول الـ10 الأكثر تضررا من السمنة، وأظهرت البيانات الصادرة عنها وجود أعلى مستويات فرط الوزن والسمنة للبالغين بأعمار 15 سنة فما فوق فى 6 بلدان هى مصر والبحرين والأردن والكويت والسعودية والإمارات؛ حيث يتراوح انتشار فرط الوزن والسمنة فى هذه الدول من 74% إلى 86% لدى النساء ومن 69% إلى 77% لدى الرجال.
كل ذلك جعل التخسيس حلما يراود الكثيرين، خاصة الفتيات والسيدات اللواتى يفضلن أن يتمتعن بقوام ممشوق، ولكن بدون اتباع أنظمة غذائية، وهذا كان السبب وراء قيام كثير من الشركات التجارية غير المرخصة بطرح أدوية وأعشاب تبيع اوهم التخسيسب للناس فى كبسولة أو كوب ماء مغلى، بدون العلم بالضرر اللاحق على الصحة جراء تناول هذه الأدوية.
اقرأ أيضا|
الأطفال المصابون بالسمنة والسكري أكثر عرضة للإصابة بـ «كورونا»
وليس هذا فحسب، بل ازدادت أيضا على صفحات التواصل الاجتماعى، الإعلانات الخاصة بإجراء العمليات الجراحية لفقدان سريع للوزن بدون مجهود، ورغم أن هذه العمليات ناجحة إلى حد كبير فإنها تحتاج لمبالغ باهظة، بالتالى ليست متاحة لكثير من المرضى.
»آخرساعة» تواصلت مع عدد من الأطباء والمختصين لإلقاء الضوء على كل ما يتعلق بـابيزنس التخسيس، والأضرار الصحية للسمنة وأفضل الطرق لمواجهتها وكذلك أنواع العمليات الجراحية والأدوية الأخرى.
رائد التخسيس
كرمت أكبر مجلة علمية لجراحات السمنة فى العالم، الدكتور خالد جودت، بصفته رائد جراحات السمنة المفرطة فى مصر والشرق الأوسط، فهو أول من أدخل جراحات السمنة المفرطة فى مصر عام 1996 وهو الذى قاد تحويل العملية من عملية بطن مفتوحة لعملية تجرى بواسطة المنظار وكان أول من أجرى هذه العملية عام 2000.
وقد كرس الدكتور خالد 100% من عمله على جراحة السمنة المفرطة منذ سنة 1996 وأجرى أكثر من 3500 عملية حتى الآن، فضلا عن تقديمه العديد من الأبحاث والعمليات على الهواء للتعليم فى دول عديدة حول العالم، وأسس الجمعية المصرية لجراحات السمنة المفرطة وأصبح رئيسها الفخرى، ليتعلم على يديه مئات الأطباء ويصبح مجال التخسيس والقضاء على السمنة المفرطة من أنجح العمليات التى تتم فى مصر.
شاهد أيضا|
التخسيس بالتقسيط
وفى هذا الصدد، يشير الدكتور محمد مطر، أستاذ مساعد جراحة السمنة المفرطة بكلية الطب جامعة عين شمس، إلى أن أنواع العمليات الجراحية الخاصة بفقدان الوزن الزائد كثيرة وكل منها لها مزاياها وعيوبها ويجب استشارة الطبيب أولا للتأكد من ضرورة القيام بها من عدمه.
ويؤكد أن أفضل وأنجح العمليات التى يمكن القيام بها لعلاج السمنة المفرطة هى التكميم وتحويل المسار بأنواعهما، وتتراوح تكلفة العملية بين 25 و70 ألف جنيه للتكميم، ويزيد تحويل المسار عن هذا الحد بـ10 آلاف جنيه، أما بالونة المعدة فتتراوح تكلفتها بين 16 و40 ألف جنيه، حسب أنواع الأدوات والآلات التى يستخدمها الطبيب، فأفضل الأنواع الموجودة فى الأسواق هى الأمريكية، وأفضل أنواع الدباسات هى الأوتوماتيكية أو الذكية والتى تساعد الجراح بنسبة كبيرة على تقليل نسب المضاعفات بعد العملية كالتسريب أو النزيف.
ولأن تكلفة العمليات باهظة الثمن، فقد كان هذا سببا لتنوع نظم الدفع كما رفع عدد من الأطباء شعار التخسيس بالتقسيطب للتسهيل على المرضى طريقة الدفع ولمساعدتهم على إنقاص الوزن والحفاظ على صحتهم.
أفضل العمليات
ويرى مطر أن عملية التكميم هى الأفضل لتقليل كمية الطعام الكبيرة التى يتم تناولها وذلك عن طريق تصغير حجم المعدة، ومع تطور التكنولوجيا والأدوات والآلات المستخدمة أصبح يوجد الآن أنواع إضافية من التكميم مثل "التكميم الدقيق" بحيث تكون الفتحات فى البطن صغيرة لا يتعدى قطرها 5 مللى، بالتالى لا يكون لها أى أثر بعد العملية، وهناك أيضا "التكميم المعدل" حيث توضع حلقة حول المعدة بعد إجراء العملية لتقليل احتمالية تمدد البطن أو رجوع الوزن مرة أخرى على المدى الطويل.
أما عملية تحويل المسار أو تحويل المسار المصغر فيتم فيها تصغير حجم المعدة مع تحويل المسار لهذا الجزء المصغر ليصبح على الأمعاء مباشرة دون المرور على الإثنى عشر، بالتالى تقل نسبة امتصاص الغذاء إلى 40 – 50% من الكميات التى يتناولها المريض، وهى العملية الأفضل لمن يعانون داء السكرى من النوع الثانى، أو لمن يتناولون الأطعمة التى تحتوى الكثير من السعرات الحرارية، وأيضا لمن يعانون ارتجاع المرىء، أو فتق الحجاب الحاجز.
والطبيب هو من يحدد الأمر فى النهاية وبعد إجراء التحاليل والفحوصات اللازمة، وفى كلتا العمليتين يتم فقدان من 50 إلى 60% من الوزن الزائد وليس الوزن الطبيعي، وتتم هذه الأنواع من العمليات غالبا لمن يعانى مشكلات صحية أو أمراضاً مزمنة تستدعي فقدان الوزن الزائد.
أما عملية بالون المعدة، فالهدف منها تقليل حجم المعدة لفترة محددة حتى يتم إنقاص الوزن غير المرغوب فيه، ثم يتم إزالتها، لكن للأسف قد يعود الوزن مجدداً، وفى أحيان كثيرة يزداد بشكل أكبر، ومن أضرارها أيضا احتمالية حدوث التهاب في المريء أو المعدة، لذا يجب على الطبيب تشخيص الحالة جيدا قبل إجراء العملية.
ويحذر من اللجوء للعمليات الأخرى الأرخص سعرا مثل طى المعدة وحلقة المعدة وتدبيس المعدة وكشكشة المعدة، حيث إن نسب نجاح هذه العمليات قليلة جدا وكانت تتم فى الماضى، أما الآن فقد عزف كثير من الأطباء عن القيام بها.
شاهد أيضا|
مؤشر السمنة
من جانبه، يقول الدكتور محمد شرف، رئيس الجمعية المصرية الطبية للسمنة، إن هناك أسبابا عديدة للسمنة، فجسم الإنسان به ما يعرف بالخلايا الدهنية التى تختلف نسبتها من شخص لآخر، لذا فإن وزن الجسم له بعض العوامل الأخرى التى تؤثر فيه مثل الجينات والعوامل الوراثية وكذلك العادات الغذائية.
وتعد هذه الخلايا الدهنية الموجودة بشكل طبيعى مفيدة للجسم، كونها تعتبر بمثابة وسائد لبعض الأعضاء الداخلية، ولكن فى حالة اتباع الإنسان عادات غذائية خاطئة مثل تناول أطعمة مليئة بالدهون الضارة، تزداد حجم هذه الخلايا وتصبح عبئا زائدا على الأعضاء وتتسبب فى حدوث الأمراض، كما أن الفقدان السريع للوزن يجعل هذه الدهون أو الوسائد تفقد وظيفتها ويسبب مضاعفات خطيرة أبرزها ما يعرف بسقوط الكلى.
وأضاف أنه ليس شرطا أن كل من يعانى البدانة يصنف كمريض سمنة، ولكن قد يسجل الميزان وزنا زائدا بسبب زيادة وزن العضلات وليس الدهون، والعكس صحيح، لذا يجب على كل شخص التأكد من مؤشر متوسط كتلة الجسم لديه لأنه الدليل الوحيد على معرفة مدى الإصابة بالسمنة من عدمها.
ويمكن قياس كتلة الجسم عن طريق قسمة الوزن بالكيلوجرام على مربع الطول بالمتر، وإذا كانت النسبة بين 20 و28 يكون الوزن مناسبا، وإذا كان متوسط النسبة 35 إلى 40 يكون الشخص يعانى السمنة، أما إذا كانت أعلى من 45 فهذا يعنى أن الشخص يعانى السمنة المرضية، ويجب التصرف فى الحال لإنقاص الوزن الزائد حتى لا تتسبب فى مضاعفات خطيرة.
ووفقا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن الاتحاد العالمى للسمنة، فإن 32% من الرجال يعانون السمنة مقابل 51% من النساء بمصر، ويرى شرف أن كل الأنظمة الغذائية المتبعة لفقدان الوزن ما هى إلا اتجارة فقط، وليس لها فائدة، وللتأكد من الفائدة الحقيقية هى النظر للميزان بعد مرور عام كامل والتأكد من فقدان الوزن المطلوب، ولاتباع نظام اريجيمب حقيقى يجب معرفة كيفية تهيئة المخ للتعامل مع قلة تناول الطعام ومنع السكريات نهائيا وعدم استبدالها بالأنواع الخاصة بالريجيم حتى وإن كانت بدون سعرات حرارية، حتى يعتاد المخ ذلك.
اقرأ أيضا|
حوار| استشاري: الرجيم مش حرمان.. و70% من مشكلاتنا الصحية سببها السمنة
أوكار السمنة
وينصح بالابتعاد عن "أوكار" السمنة والمسميات المنتشرة مؤخرا والتأكد من التعامل مع الأطباء فقط، أما الأدوية غير المرخصة فهى تعتمد على إدرار البول لفقد الجسم كميات كبيرة من الماء سريعا فينقص الوزن على الميزان، لكن للأسف قد يتسبب ذلك فى جفاف شديد للجسم يصل بالأمر فى النهاية إلى الوفاة أو حوادث مضاعفات خطيرة.
وينوه شرف بأنه يمكن اللجوء للأعشاب المائلة الطبيعية فقط وأفضلها الردة الخشنة، حيث يتم وضع ملعقة كبيرة منها على كوب زبادى وتناولها قبل الوجبات الرئيسية بمدة نصف ساعة مع شرب ماء خلال هذه الفترة ليعمل على ملء المعدة ويعطى إحساسا بالشبع وتقليل تناول الطعام مع ضرورة الحركة وممارسة الرياضة، كما يرى أن عمليات شفط الدهون هى أفضل العمليات فى السمنة الموضعية، وتصلح للسيدات أكثر لأن الدهون تكون لديهن تحت الجلد أما الرجال فتكون الدهون لديهم فى منطقة البطن.
جرائم الوصفات
فى السياق، يرى الدكتور أيمن سالم، أمين عام نقابة الأطباء، أن الوصفات العشبية والأدوية غير المرخصة التى تباع بغرض إنقاص الوزن هى جرائم ترتكب ليتم التحايل على المواطنين بشتى الطرق، ولكن النقابة تقف لمن يروج لها بالمرصاد، حيث يتم الإبلاغ عنهم والتأكد من اتخاذ إجراء ضدهم مع الاستمرار فى توعية المواطنين، بالإضافة لتقديم النقابة خدمة الرد على الاستفسارات والتوعية بهذه الأكاذيب وتم الاتفاق مع الهيئة الوطنية للإعلام بألا تسمح بظهور أى شخص يعلن عن دواء إلا بعد التأكد من أنه يحمل كارنيه نقابة الأطباء.
وأشار إلى أن 50% أو أكثر من الأدوية الموجودة بالصيدليات ومحلات العطارة عبارة عن أعشاب ممزوجة بنسب وبأبحاث محددة حتى لا تتسبب فى حدوث أذى عند تناولها عن طريق الأكل أو الشرب بشكل عشوائى.
الأدوية بالملايين
ويؤكد استشارى تسويق الأدوية محمد فهمى، أن الأدوية المحددة رسميا والمعتمدة من وزارة الصحة لإنقاص الوزن وصل حجم مبيعاتها فى السوق المصرية للأدوية عام 2020 إلى 283.300 مليون جنيه سنوياً، لـ19 مستحضرا بما يعادل 2.900 مليون وحدة دواء، وقد ظهر مؤخرا نوع من "الحقن" يعتبر أحد مشتقاته الأنسولين ويشبه إلى حد كبير القلم الدوائى المخصص لحقنه، ولكنه لم يأخذ شهرة واسعة حتى الآن بسبب ارتفاع سعره الذى قد يصل إلى 900 جنيه للقلم الواحد الذى من المفترض أنه يكفى لمدة أسبوع فقط حسب الجرعة التى يحددها الطبيب، ولأن المريض يظل يتناوله يوميا لفترة محددة قد تصل إلى شهرين أو أكثر فتصبح تكلفته باهظة للكثير، وقد وصل حجم البيع منه خلال العام الماضى إلى 4 ملايين جنيه لـ1500 علبة دواء.
ويتم استخدام هذه الحقن كبديل للعمليات الجراحية، حيث تعمل على سد الشهية وحرق أسرع للسعرات الحرارية بالجسم وآمنة جدا على الصحة بناء على الموافقة التى حصلت عليها من منظمة الصحة العالمية بشرط تناولها تحت إشراف طبى.
أما الأدوية غير المرخصة فيؤكد فهمى أنه لا يتم اعتمادها نهائيا لصرفها كعلاج للسمنة وغالباً تكون عبارة عن مجموعة أعشاب ليس لها تأثير فى فقدان الوزن ولا يوجد عليها رقابة.