مبدعة الثلاثيات التاريخية بعد «القطائع»: لن أحبس نفسي في هذا اللون

مبدعة الثلاثيات التاريخية بعد «القطائع»: لن أحبس نفسى فى هذا اللون
مبدعة الثلاثيات التاريخية بعد «القطائع»: لن أحبس نفسى فى هذا اللون

تواصل رحلة التوغل فى أدغال العصور الغاربة، باحثة عن المنعطفات المؤثرة، ومفترقات الطرق الممتدة إلى الحاضر والمستقبل، ودائما مسرح الأحداث هو هذه البلاد الطيبة المتميزة بوحدتها، وتماسك سبيكتها على الرغم من الرياح العاتية التى دائما ما استهدفتها، وهبت فى شراسة تهاجم أرضها، وها هى ذى مبدعة «الثلاثيات التاريخية» د. ريم بسيونى تمضى على نفس الدرب فى ملحمتها الجديدة «القطائع» التى تستعيد عصر القائد أحمد بن طولون.. صاحب المشروع المبكر جدا فى الاستقلال الوطنى، وأول من استعان فى جيشه بالمقاتلين المصريين على اعتبار أنهم الأكفأ والأشجع. والأكثر إخلاصًا، وهو بذلك يعد أحد الذين فطنوا إلى هذه الحقيقة مبكرًا جدا، وعبر هذا الحوار حاولنا أن نغوص مع ريم فى رحلتها الجديدة إلى تاريخنا العريق.

تدشين تقليد يبدو جديدا غير مسبوق فى عالم الأدب حيث تصحبين قراءكِ إلى أماكن أحداث رواياتكِ، فكيف واتتكِ مثل هذه الفكرة وما الهدف منها؟

- فى أثناء كتابة «أولاد الناس» شعرت بأننى لابد أن آخذ القارئ إلى مكان الرواية كتكملة لأحداثها، وشاركت حينها أبى الفكرة، وأعتقد أنها غريبة ولكن جميلة، السبب الذى جعلنى أرى أن القارئ يحتاج إلى زيارة السلطان حسن بعد أو أثناء قراءة «أولاد الناس» هى أن بطل الرواية الحقيقى هو السلطان حسن المكان وليس الأشخاص، كما أن ملهمى الأول لكتابة «أولاد الناس» كان زيارتى أنا شخصيا للسلطان حسن، فأردت للقارئ أن يشاركنى ما وجدت، وما شعرت به.

ونفس الشيء فى رواية «القطائع»، لأن الرواية عن مدينة أحمد بن طولون التى يوجد فيها مسجده الشهير، فأصبح المسجد بالعرائس على الجدار بطل الرواية، ورمزا للمدينة، أما «فى سبيل الغارق» فكان المكان فيها مهما جدا أيضا، هو شجرة مريم فى المطرية التى يذهب إليها «حسن»..

 

 

بطل الرواية ليقابل الشيخ، ويعرف نفسه أكثر، فالمكان فى الروايات الثلاث له روح كما البشر، والقارئ يشعر بهذا ويعرف هذا عندما يرى المكان، الكثير من القراء قالوا لى إنهم يشعرون بالمكان بطريقة مختلفة تماما بعد زيارة هذه المواقع، كأنهم يعيدون اكتشاف الأماكن، ويعطونها روح سكان الرواية، فكان كل يوم يزداد حماسى بمشاركة القارئ، ما حرك فى الرغبة فى الكتابة عن المبنى والأثر.

 


فى روايتكِ الأحدث «القطائع» ترحلين إلى زمن أقدم من عصر ثلاثيتك الأشهر «أولاد الناس»، فهل هى خطة ممنهجة فى مشروعكِ الإبداعى، أم أن الأمر جاء بالمصادفة؟


- لا أعرف الإجابة، وأتمنى أن تكون خطة فعلا لفهم أعمق للتاريخ، ومحاولة لمنحه حيوية و روحا جديدة، فقد سألنى أحد القراء، ماذا كان دور المصرى فى التاريخ؟ هل كان متفرجا على الأحداث لا رأى له. وهذا ربما الانطباع الذى يسيطر على القارئ بعد قراءة كتب التاريخ، لكن فى الحقيقة المصرى هو من بنى الأثر، هو المهندس الذى بنى مسجد السلطان حسن، وهو المهندس الذى بنى المدينة، ومسجد أحمد بن طولون، وهو الجندى الذى ثار على العباسيين، والصياد الذى لم يقبل ظلم والى الخراج، المصرى هو الشيخ عمرو فى «أولاد الناس» الذى استطاع أن يمنح شرعية للسلطان برقوق، وهو الفنان الذى أمره سليم الأول ببناء «إسطنبول» كما بنى القاهرة، هذا تاريخ مصرى أولا وأخيرا، للمصرى دور كبير فيه، وللمرأة المصرية دور بارز على مر العصور.


ما الذى جذبكِ فى شخصية ابن طولون حتى تحوليها إلى بطل روائى، وهل كل الشخصيات التاريخية البارزة والمؤثرة تصلح لتكون أبطالا روائية فى وجهة نظركِ؟
- «أحمد بن طولون» شخصية إنسانية مركبة، الشق الإنسانى فيها مهم جدا لأن الأحداث التى مر بها كانت فى مجملها مؤلمة حتى مع كل انتصاراته، هو شخصية تحتاج إلى ثلاثية لأن أثره باق حتى اليوم، كما أنه ملهم للكثير من الحكام بعده، خاصة المماليك كأمثال السلطان «حسام لاجين» شخصيات كهذه كان لديها حلم، و«ابن طولون» هو أول حاكم فى العصر الإسلامى يستقل بمصر، ويهتم بأهلها وثرواتها، بل وينشئ جيشا مصريا ببعض الجنود المصريين، إذن.. «محمد على» ليس أول من أدخل المصريين الجيش بل «أحمد بن طولون».


البعض يرى أن مؤلفى الروايات التاريخية ينتزعون أبطالهم من كتب التاريخ استسهالا لأنها شخصيات جاهزة، فما رأيكِ؟
- بالعكس الشخصية التاريخية تحتاج إلى جهد أكبر، لأن حياتها معروفة للقارئ، فيحتاج الأديب إلى بذل جهد أكبر فى البحث عن معلومات غامضة وجعل النهايات المعروفة أكثر تشويقا.


هل تعد الرواية التاريخية بالنسبة إليكِ مرحلة فى مساركِ الإبداعى..أم أنها مشروع العمر والمحطة الأخيرة فى رحلتكِ الروائية؟
- أتمنى أن تكون محطة، لأن الكتابة بالنسبة إلى طوق نجاة، وحياة أعيشها فأتمنى أن تكون غنية بتجارب مختلفة ومؤثرة، لذا لا أرغب فى أن أحبس نفسى فى هذا اللون.


ما هى الشخصيات التاريخية، التى أغرتكِ بالكتابة عنها، ولكنكِ قاومت هذا الإغراء ولم تستجيبى للنداء؟
- أول شخصية تاريخية كتبت عنها كانت «طارق بن زياد».. فاتح الأندلس، وكتبت نصف رواية أو أكثر وأنا فى السادسة عشرة من عمري، ثم توقفت عن تلك الرواية، وأتمنى أن أعود إليها، فشخصية طارق بن زياد، لم يزل شغفى بها منذ كنت فى السادسة عشرة مستمرا.


هل شعرت بأن النقاد استقبلوا ثلاثية «أولاد الناس» بحفاوة أكبر من ثلاثية ابن طولون؟
- لا بالعكس، الحمد لله استقبال الناس، والنقاد لـ«القطائع» فاجأني، كأنهم ينتظرون رواية عن هذه الفترة بالذات، أما فى حالة «أولاد الناس» فاهتمام القراء جاء تدريجيا ثم ارتفع، واستمر حتى الآن.

 

أقرا ايضا | «يوم ثقافي» بمدرسة أحمد بن طولون لثقافة الطفل