رفعت الجلسة | الحب يأتى أولاً

الحب يأتى أولاً
الحب يأتى أولاً

لست ممن تتحكم فيهم أهواؤهم، فيختارون شريك حياتهم بناء على إحساس ومشاعر فياضة فقط ، بل إن العقل أيضا هو الذى يقودنى إلى اتخاذ قرار يتعلق بحياتى، مهما حاولت مشاعرى إثنائى عنه، أو كان سبباً فى غضب أقرب الناس لى.

أخبرت الجميع أن جسدى ليس قلباً فقط يعشق ويكره، بل هناك عقل قادرعلى اختيار الأفضل لى، لذلك لم أتردد فى إنهاء تجربة حب، شعرت فى لحظة أننى لن أكون سعيدة بها، رغم حجم الأمنيات والآمال التى عاشها الطرف الثانى معى خلال هذه الفترة.

أنا فتاة من محافظة أسوان حاصلة على مؤهل عال، تقدم لخطبتى ابن خالى، هو شاب مثقف، حاصل على دبلوم تجارة، يعانى من عدم القدرة على الكلام منذ صغره «أصم»، يكبرنى بعامين، يعيش بجوارى كعادتنا فى القرى.

لم أكن مستعدة لهذا الطلب السريع، علمت من شقيقتى أنه يحبنى منذ الصغر، لكنه كان يخفى ذلك عن الجميع، حتى عيناه لم أشاهد فيهما اهتماما بى أو تلميحا أنه يحبنى، كلما تحدثنا معا كان يؤيدنى فى وجهة نظرى، يومئ برأسه ويرمى ابتسامته التى تؤكد موافقته على ما أقول.

أدركت بعد فترة أنه يسعى للتقرب منى، هو بارع فى كتابة الشعر،عبقرى فى التعبير عما يجيش به صدره بكلمات رائعة، لمست فى إحدى خطاباته ذلك، لكننى أوقفته، أخبرته كتابياً أننى اعتبره أخاً لى، ليس أكثر من ذلك، شعر وقتها بحزن شديد ارتسمت معالمه على ملامح وجهه، لكننى تجاهلت ذلك وسرت فى طريقى، أبحث عن فتى أحلامى الذى يمنحنى كل ما أريده دون الحاجة إلى تعلم شىء أو التضحية من أجل صنع سعادة.

مرت السنوات وذلك الشاب يحاول التقرب منى، كلما ذهبت إلى أى مكان أجده بجوارى، يقدم خدماته بإشارات يده ممزوجة بابتسامة تتخللها البراءة على وجهه، ورغم ذلك كنت أصده، لم أكن أشعر اتجاهه بأية مشاعر هو فقط ابن خال ليس أكثر.

وسط مشاعرى اتجاهه، قرر أن يأخذ خطوة جريئة، تقدم لخطبتى، وضعنى فى موقف صعب، فهو ابن خالى، والجميع يعرفون أنه يحبنى، هو كذلك وحيد أبيه وأمه، ويملك ثروة طائلة.

ألقيت بأذنى إلى أشقائى ووالدتى، طربونى بكلمات تكشف حبه لى، وثرائه الفاحش، فهو الوريث الوحيد لخالى التاجر الكبير، رفضت كل المغريات حتى وجدته فجأة يطرق باب حجرتى، أخبرنى وقتها بالإشارة إلى أنه يريد أن يتحدث معى.

أنا حقيقة لا أفهم لغة الإشارة، ولست مستعدة إلى إرهاق نفسى لفهمها، فهى تحتاج مجهوداً عظيما حتى تستطيع أن تفهم أو تنقل الإشارة لغيرك.

أدركت من ابتسامته وحركاته أنه يريد أن يخبرنى عن حبه، أحضر ورقة وقلما معه، وبدأ يدون مشاعره اتجاهى، كان يركز على القرابة بيننا، أخبرنى أنه يعلم أنه أصم وهذا الأمر يسبب مشكلة بالنسبة لي. لكنه أكد على حبه لي، وطلب منى أن أتفهم ظروفه، صمم على أن يمنحنى فرصة أخرى للتفكير وأعطانى أسبوعاً كاملاً لتغيير وجهة نظرى.
حقيقة وقتها قررت الرفض، لكن الجميع طلبوا منى منحه الفرصة كاملة، على أمل أن أتعلق به عندما يصبح خطيبي.

وافقت لكن اشترطت أمام الجميع « إذا لم يحدث توافق، فسوف أنهى كل شيء» .

مر شهران من الخطوبة، شعرت وقتها أن إحساسى تجاهه لم يتغير، هو بالنسبة لى ابن خالى ليس أكثر، ولن يستطيع أن يملأ غرورى كفتاة تريد أن تسمع كلمات عشق من حبيبها، وتناقشه وتجادله فى كل شيء .

أخبرت والدى بإنهاء كل شىء، شرحت له الموقف كاملاً، قلت له إن ابن خالى يستحق فتاة أفضل منى تضحى من أجل إسعاده، وأنا لن أفعل ذلك، أكدت على والدى أننى لا أرفضه بسبب أنه أصم، بل لأننى ابحث مثل كل فتاة عن شاب بمواصفات معينة.

بمجرد أن انتهيت من حديثى وجدت الغضب قد اجتاح العائلة، أصبحت فى نظرهم متكبرة، مستهزئة بحالة خطيبى، الجميع اعتزلنى، ولم يعد يتحدث معى أحد قرابة شهرين كاملين..

تجاهلت الجميع، لم يكن فى مخيلتى سوى هذا الشاب، الذى علم بفسخ خطوبتى من والدى، فقرر أن يعتزل منزلنا، بل إننى علمت أنه سافر إلى محافظة قنا لإدارة تجارة والده هناك..

أردت أن أخبره أن عقلى غلب قلبى، فلم أستطع أن اجعله جزءاً من حياتى، لو عجزت عن أن أتقبله زوجاً لي، لا أريد منه أن يغضب منى، فقط عليه أن يعلم أنه ابن خالى وأنا أحبه كذلك وليس أكثر.. نهاية..

أردت أن أؤكد لأسرتى أننى لست أنانية بالشكل الذى قد ينظر إلىّ الناس اليوم، أنا فقط لم أرد أن أظلمه أو أظلم نفسى معه، كل المغريات التى يمتلكها لم يكن لها أى حسابات فى تفكيري، ابحث عن حب تتخلله الكلمات، عن زوج يجادلنى وأجادله، لم يكن فى مخيلتى أو تفكيرى أن يكون ابن خالى هو زوجى أو حتى حبيبي، هذا الأمر مغلق بالنسبة لي.
 

مصارحة

اعتقد أنك عالجت المشكلة، ولست فى حاجة إلى ناصح، فقط مطلوب منك أن تصل رسالتك إلى ذلك الشاب الذى أحبك، وأصيب بصدمة من رفضك له، حاولى أن تشرحى له مبررات رفضك له بنفسك عندما يعود إلى قريته، أما أسرتك اتركيهم سيعلمون الحقيقة قريبا عندما تتحسن علاقتك مع ابن خالك..

هذا ما يهمهم، إذا لم يكن المال والثروة هما ما يشغلهم.

إقرأ أيضاً|رفعت الجلسة | فتاة فى قلب زوجى