طبيب العظام الشهير بقنا.. حاصل على فني تجـاري

طبيب العظام الشهير بقنا
طبيب العظام الشهير بقنا

أبو المعارف الحفناوي

 اعتقد أنه لن يسقط وأن ممارسته مهنة الطب، دون علم ودراسة لكى يتربح منها أمر يسير وسهل، باستخدام بعض العبارات الرنانة التي حفظها من كتب كليات الطب، وتخفيض أجره، ومجاملته لأهالى القرية فى المناسبات، لكن بعض الأهالى اكتشف أمره وتقدم ببلاغات إلى مديرية الصحة وإدارة العلاج الحر، وبالتفتيش تبين أن المركز الطبي يديره شخص حاصل على معهد فنى تجاري، كما إن مسمياته وتخصصاته المتعددة كانت سببًا فى كشف جرائمه، تفاصيل ضبط طبيب العظام والسمنة والتخسيس المزيف، وحكاياته مع الأهالى، فى التقرير التالي.

منذ أشهر، جاء شاب من المنصورة إلى قرية أبو شوشة التابعة لمركز أبوتشت شمالي قنا، مستغلا طيبة وكرم أهلها وأوهمهم أنه طبيب عظام يعالج الناس بأساليب متطورة وحديثة قادرة على تعافيهم من الأمراض خاصة أمراض العظام والسمنة.

بلا شك كانت بشرى طيبة للأهالي وبدأوا يتحدثون عن صاحب هذه العيادة في جلساتهم خاصة وأن عظامهم بعافية وتحتاج إلى علاج لا مسكنات اعتادوا عليها حتى أصبحت لا جدوى من تعاطيها،  لم يكذب الأهالي خبرًا، ذهبوا اليه في عيادته وتعرفوا عليه ورحبوا به، كعادة أهل الصعيد في إكرام الضيف، وتجرأ الشاب الشهير بالدكتور «أبو رحمة»، في افتتاح مركز طبي بجوار المعدية في ابوشوشة، وبدأ المرضى من قرية أبو شوشه يتوافدون عليه، الكثيرون من أهالي القرية والقرى المجاورة، للكشف عليهم، ما بين مؤيد له يحكي عن إنجازاته وقدرته على الشفاء، ومعارض أيقن بعد تجربة معه «أنه ميعرفش حاجة وكلامه كله كدب ونصب».

حاول أبو رحمة، مرارًا وتكرارًا اقناع الأهالي والتقرب منهم ومجاملتهم في بعض الأوقات، حتى يكونوا سندا له في قرية غريبة عنه، لا يعرف عنها إلا أنها تُكرم الضيف، وسرعان ما نجح في ذلك، فهي وسيلة سهلة لإقناع الآخر، كما إنه كان مبتسمًا دائمًا، ولا يتورع في كل لحظة عن الترويج لنفسه بأنه مطلع على أحدث علاجات أمراض العظام في أوروبا وأمريكا، ومن هنا اكتسب حب الأهالي وتقديرهم له هكذا اتقن تمثيلية النصب؛ بالرغم من أنهم لا يعلمون عنه شيئا إلا أنه بالنسبة لهم طبيب يعالج المرضى، ويحصل على مقابل مادي نظير عمله، فضلا عن تدخل البعض من الأهالي كنوع من الوساطة له لعلاج الفقراء مجانا.

كان الطبيب المزيف، أبو رحمة، يستجيب للأهالي، في محاولة منه لكسب ودهم، وحمايتهم له، وسرعان ما انتشر صيته في القرية والقرى المجاورة، وتوافد عليه الكثيرون، للحجز وتوقيع الكشف الطبي عليهم، وعلاجهم من الأمراض خاصة العظام والتخسيس، لدرجة أن عيادته كانت تزدحم بالمرضى ولا يوجد فيها كرسي واحد للجلوس كثير من الأيام.

هذه هي قصته باختصار ولكن بقي أن نذهب إلى عيادته والكشف عن معلومات أخرى.

«بتاع كله»!

انتقلت «أخبار الحوادث» إلى مقر المركز الطبي الخاص بالمتهم بعد غلقه، وجدنا لافتة مكتوب عليها مركز الإيمان والرحمة لوحدات المساج الحراري وتخفيف آلام العمود الفقري، وتنشيط الدورة الدموية، وتخفيف آلام البواسير والشرخ والناسور، ووحدة تخسيس تصل كيلو جرام في الجلسة الواحدة، وعلاج الخشونة والتهاب المفاصل، مسميات كثيرة، وتخصصات مختلفة، لكنه اعتقد أنه يتسم بالذكاء ولن يسقط فى قبضة الشرطة أو ينكشف أمره داخل القرية، وفى هذا الشأن يقول محمد علي، عامل؛ إن الأهالي كانوا يتوافدون عليه بشكل كبير، بعد افتتاحه مركز طبي بجوار المعدية في أبو شوشة، البعض كان مقتنعا به وبما يفعله معهم من جلسات علاجية لهم، داخل المركز الطبي الخاص به، وكان مركزه في أغلب الأوقات مزدحمًا بالمرضى، وهناك حالات بالفعل شعرت بالتحسن بعد الجلسات العلاجية، وهناك حالات لم يحالفها الحظ.

والتقط محمود سيد طرف الحديث، طالب، قائلا: «كل اللي نعرفه عنه أنه جاء من المنصورة وكان فاتح عيادة عند المعدية في أبوشوشة وكان بيتردد عليه ناس كتير قوي، اختلفت الناس عليه ناس تقول كويس وناس تقول مش بيفهم حاجة، لكنهم فى النهاية صدقوه وذهبوا الى عيادته بهدف تخفيف آلامهم، ولا أعلم كيف أخذ كل هذا الوقت حتى انكشف أمره هل لأنه اتقن دوره كطبيب أم  ان اختباءه داخل قرية صغيرة سيكون بمنأى عن أعين الرقابة؟!، بالتأكيد مهما طال الوقت بالمجرم لابد من أن تفضحه تصرفاته يومًا وقتها مؤكد يسقط متلبسًا في أيدي رجال الأمن؛ كما أنني لا اعلم كيف يذهب الأهالى للكشف عليهم لدى طبيب غير معروف لديهم، هل فقط لمجرد أنه قادم إليهم من شرق الدلتا؟!، مؤكد أن الخطأ خطأنا نحن فكان الأولى أن نسأل عن هذا الطبيب جيدًا قبل الذهاب اليه. 

سيدة اخرى خمسينية، رفضت ذكر اسمها؛ تعودت أن تذهب إلى مركزه الطبي، لتعالج من آلام المفاصل وقالت بأسى:»كان الدكتور اللي هناك يطقطق رجلي ويديني جلسات، ومحسيتش بأي تحسن، شكله كان بيضحك علينا ربنا يجازيه على قدر نيته، ومنه لله، لأني دفعت له أموالا وكشفت لديه، وضيعت وقتي معه دون أي نتيجة، فكيف لشخص أن يستحل لنفسه أن يكشف على المرضى بزعم انه طبيب، سمعنا عن نصاب يستولى على أموال ضحاياه بهدف استثمار هذه الأموال لكن أن يصل الحال بشخص يدعي أنه طبيب فهذا يفوق الوصف والتخيل، هذا الرجل اعتاد أن يلعب على آلام الناس خاصة الذين يشتكون من آلام المفاصل والخشونة وما أكثر المصريين الذين يتألمون من عظامهم، هو يفعل كل هذا لكي يتكسب وينصب باسم الطب، فهذا غير مقبول ويجب عقابه وإصدار حكم رادع ضده ولغيره حتى لا تأتي الفكرة لآخرين ويقومون بتقليده».

بلاغ وضبط

وبعد ورود شكاوى من المواطنين، بضرورة كشف حقيقة ما يقوم به هذا الشاب داخل مركزه الخاص، تدخلت مديرية الصحة بقنا، برئاسة الدكتور راجي تاوضروس، وكيل الوزارة؛ تبين أن الشاب حاصل على معهد فني تجاري، ومنتحل صفة طبيب، وتم ضبطه وغلق مركزه.

يقول الدكتور راجي تاوضروس صالح مدير مديرية الشؤون الصحية بقنا؛ إن فريق العلاج الحر بالمديرية بقيادة الدكتور مصطفى فؤاد مدير إدارة العلاج الحر بالمديرية تمكن من ضبط شخص حاصل على معهد فني تجاري ينتحل صفة طبيب بقرية العضاضية بمركز ابوتشت.

وكشفت مديرية الصحة بقنا؛ أنه أثناء متابعة المراكز والعيادات لفريق العلاج الحر بالمحافظة، تبين وجود مركز طبي متعدد التخصصات يتم إدارته بواسطة شخص حاصل على معهد فني تجاري، وقد تبين أن المركز يدار بواسطة شخص غير طبيب يدير منشأة طبية بدون ترخيص وينتحل صفة طبيب، وقد تم عمل محضر في قسم الشرطة بإنتحال صفة طبيب وإستصدار قرار غلق للمكان المخالف.