حكاية مُعيدة اسمها «مرمر».. «كوكتيل» مواهب من وحي المعاناة 

حكاية مُعيدة اسمها «مرمر».. «كوكتيل» مواهب من وحي المعاناة 
حكاية مُعيدة اسمها «مرمر».. «كوكتيل» مواهب من وحي المعاناة 

الحكاية بدأت منذ سنوات عندما لاحظت أسرتها تأخرها في الكلام، وبالإسراع إلى الطبيب تم تشخيص الحالة على أنها تعاني من ضعف في العصب السمعي، واستمرت الرحلة بفحوصات كثيرة وذهاب لأطباء السمعيات وجلسات تخاطب وفي كل مرحلة من هذه المراحل احتاجت لمجهود بدني وذهني ونفسي كبير.

 

جاءت العقبة الكبرى عن كبرت «مرمر» وقررت الأسرة أن تذهب للمدرسة ولكن التحدي استطاع التغلب على المشكلة وسط خوف من تعرضها من قبل زملائها لمضايقات عديدة ولكن الأمل في تحقيق الحلم أزال تلك المخاوف، لتفاجىء «مرمر» مدرسيها برسوماتها الرائعة ما دفع الأساتذة للاحتفاظ بكراسات الرسم الخاصة بها وتقديمها في مسابقات دون أن تعلم لتفاجأ بطلبها في الإدارة التعليمية لتكريمها وتسليمها جائزة على إبداعاتها.

 

وكإصرار الواثق من نفسه وقدرته استطاعت لاعبة السباحة والهوكي «مرمر» أن تخطو مراحل تعليمها بسرعة كبيرة وتميز أبهر الجميع، حتى ظهرت نتيجة الثانوية العامة وكان مجموعها مُبشرا للالتحاق بمجالات عديدة إلا أنها صممت على أن تعمق موهبتها بالدراسة فصممت على دخول كلية التربية الفنية خاصة وأنها كلية مجهودها كبير وتحتاج إلى تنفيذ مشروعات إلا أنها رفضت أن تحول منها لكلية أخرى رغم الضغوط التي مارستها أسرتها عليها شفقة بها.

 

 

ولك أن تتخيل المعاناة داخل قاعات المحاضرات، فالمحاضرات بالنسبة لها غير مسموعة بشكل جيد وتحتاج إلى أن تسمعها أكثر من مرة وتحضر أكثر من مرة وتسأل أكثر من دكتور، لدرجة أنها كانت تنتظر الدكاترة بعدما ينتهوا من المحاضرات التي من الممكن أن تستمر لدة 3 ساعات لكي تسأل في أشياء سمعها غيرها بصورة طبيعية من أول مرة.

 

ومع هذا المجمهود الشديد كان ضغطها ينخفض جدا بما يسبب لها طنين شديد في الأذن ما يكون له أثر مزعج لا يقدر أن يتحمله أحد، وكانت في كثير من المرات عندما تعمل في المعادن تجد يدها تنزف تقوم بربط يدها وتواصل عملها في الامتحان العملي وتكمل رغم أن الأساتذة يحاولن منعها بقولهم «يامروة شغلك ممتاز».

 

وكانت تبذل مجهودا أضعاف أي طالب آخر، وكانت تختار أن يكون مشروعها أصعب نموذج ولا تكتفي بعمل مشروع واحد في الشهر رغم أنه هو المطلوب فقط، وذلك لأنها لم تعتقد أن أي عمل انتهت منه حلو أو مميز وتشعر دائما أن شغلها ناقص شىء معين رغم إشادة الجميع بها.

 

 

أصبحت «مرمر» الأولى على دفعتها في السنة الأولى وفاجأت الجميع واستمرت على هذا النهج طوال الأربع سنوات التي قضتها في الكلية، وكانت ترفض أن يعرف أي أحد ظروفها وكانت تخاف لو أي شخص عاملها بطريقة جدية مجاملها لها ونمت لديها مع مرور الوقت موهبة قراءة الشفاه في حالة عدم تميزها شيء بالسمع تقدر تفهمه بقراءة الشفاه ورغم تواصها بالكلام إلا أنها تعلمت لغة الإشارة من أجل أن تساعد زملائها من الصم والبكم لو احتاجوا أي أمور في الكلية.


استطاعت «مرمر» بمساعدة أسرتها وتشجيع أساتذتها أن تصل إلى ما وصلت إليه، لتصبح «مرمر» البنت التي كان من الممكن أن تنتهي حياتها داخل مشاكلها السمعية مصدر إلهام للجميع وتصبح مروة فتحي أحمد مصطفى لأولى تراكمي على قسم التربية الفنية بجامعة الزقازيق بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وتصبح معيدة بالكلية التي حلمت يوما أن تخطو قدميها مبانيها.