تسبب في طلاق ابنته مرتين.. وفي النهاية أشعل فيها النيران

أب‭ ‬بدرجة‭ ‬مجرم
أب‭ ‬بدرجة‭ ‬مجرم

حبيبة‭ ‬جمال

أب‭ ‬بدرجة‭ ‬مجرم،‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بأنه‭ ‬انفصل‭ ‬عن‭ ‬زوجته‭ ‬وترك‭ ‬طفليه‭ ‬وهما‭ ‬صغار‭ ‬وفي‭ ‬حاجة‭ ‬إليه‭ ‬ولحنانه،‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أمامه‭ ‬طريقا‭ ‬للانتقام‭ ‬من‭ ‬طليقته‭ ‬سوى‭ ‬حرق‭ ‬ابنته‭ ‬كي‭ ‬تكتوي‭ ‬الأم‭ ‬بنيران‭ ‬فراقها،‭ ‬تنكر‭ ‬في‭ ‬زي‭ ‬النساء‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬ليشعل‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬ابنته‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تردعه‭ ‬صرخاتها‭ ‬وتوسلاتها،‭ ‬وكأنه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬نزع‭ ‬قلبه‭ ‬ووضع‭ ‬مكانه‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الحجارة‭ ‬أو‭ ‬أشد‭ ‬قسوة،‭ ‬وإلى‭ ‬التفاصيل‭.‬

البداية‭ ‬منذ‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬عندما‭ ‬أوقع‭ ‬الحظ‭ ‬التعيس‭ ‬‮«‬سعادة‮»‬‭ ‬في‭ ‬براثن‭ ‬زوج‭ ‬عرف‭ ‬عنه‭ ‬الغدر،‭ ‬عاشت‭ ‬معه‭ ‬وأنجبت‭ ‬توأمان‭ ‬‮«‬إيمان‭ ‬ويوسف‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬معه‭ ‬حياة‭ ‬تعيسة‭ ‬مليئة‭ ‬بالحزن‭ ‬والألم،‭ ‬لكنها‭ ‬تحملت‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تحرم‭ ‬طفليها‭ ‬من‭ ‬حضن‭ ‬والدهما،‭ ‬أصيبت‭ ‬سعادة‭ ‬بفيروس‭ ‬كانت‭ ‬تحتاج‭ ‬لتكاليف‭ ‬باهظة‭ ‬للشفاء‭ ‬منه،‭ ‬فتخلى‭ ‬عنها‭ ‬زوجها،‭ ‬ولم‮ ‬‭ ‬تجد‭ ‬سوى‭ ‬والدها‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬بجوارها،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬الزوج‭ ‬يخطط‭ ‬لقتلها،‭ ‬لكن‭ ‬العناية‭ ‬الإلهية‭ ‬أنقذتها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬حياتها،‭ ‬كل‭ ‬الطرق‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬الانفصال‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الزوج‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تشعر‭ ‬معه‭ ‬بالأمان،‭ ‬وعاشت‭ ‬سعادة‭ ‬لنفسها‭ ‬ولطفليها،‭ ‬رفضت‭ ‬الزواج‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬سنها‭ ‬حتى‭ ‬تربى‭ ‬طفليها،‭ ‬فكانت‭ ‬لهما‭ ‬بمثابة‭ ‬الأب‭ ‬والأم،‭ ‬كبرت‭ ‬إيمان‭ ‬وشقيقها‭ ‬وهم‭ ‬محرومان‭ ‬من‭ ‬حنان‭ ‬الأب‭ ‬ورعايته،‭ ‬فهو‭ ‬تخلى‭ ‬عنهما،‭ ‬خلع‭ ‬عباءة‭ ‬الأبوة‭ ‬والمسئولية،‭ ‬وتركهما‭ ‬يواجهان‭ ‬الحياة‭ ‬بقسوتها،‭ ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬رزق‭ ‬الله‭ ‬إيمان‭ ‬بشاب‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬و‭ ‬تزوجته‭ ‬وهي‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬السعادة‭ ‬عرفت‭ ‬طريقها‭ ‬إليها،‭ ‬أيام‭ ‬معدودة‭ ‬من‭ ‬الفرحة‭ ‬والسعادة‭ ‬عاشتها‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬اختاره‭ ‬قلبها،‭ ‬لكن‭ ‬السعادة‭ ‬لم‭ ‬تدم‭ ‬طويلا،‭ ‬فجاء‭ ‬الأب‭ ‬يهدد‭ ‬زوجها‭ ‬بالقتل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يطلقها،‭ ‬وانفصلت‭ ‬إيمان‭ ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تكمل‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬عادت‭ ‬لوالدتها‭ ‬تندب‭ ‬حظها،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬تسترد‭ ‬حياتها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وتتزوج‭ ‬من‭ ‬شاب‭ ‬آخر،‭ ‬وجدت‭ ‬ذلك‭ ‬الأب‭ ‬يدق‭ ‬بابها‭ ‬ويشعل‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬زوجها،‭ ‬لتنفصل‭ ‬إيمان‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭.. ‬حاول‭ ‬الأب‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬إيمان‭ ‬لتعيش‭ ‬معه،‭ ‬لكنها‭ ‬رفضت،‭ ‬فهي‭ ‬عاشت‭ ‬بعيدة‭ ‬عنه‭ ‬‮١٥‬‭ ‬عاما‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ينفق‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬شقيقها،‭ ‬والأصعب‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬طلاقها‭ ‬مرتين‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬سنها،‭ ‬فكلما‭ ‬يتصل‭ ‬بها‭ ‬كانت‭ ‬تعامله‭ ‬بجفاء‭ ‬وقسوة‭ ‬حتى‭ ‬قرر‭ ‬الانتقام‭ ‬منها‭.‬

نار‭ ‬الانتقام

جلس‭ ‬الأب‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬يفكر‭ ‬كيف‭ ‬ينتقم‭ ‬من‭ ‬طليقته‭ ‬وابنته‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬العيش‭ ‬معه،‭ ‬بدأت‭ ‬تتقاذفه‭ ‬الأفكار‭ ‬السوداء،‭ ‬تعصف‭ ‬به‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الانتقام‭ ‬المختلفة،‭ ‬حتى‭ ‬اكتملت‭ ‬الخطة‭ ‬في‭ ‬ذهنه،‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يتصل‭ ‬بابنته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لعلها‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬معه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة،‭ ‬لكنها‭ ‬كعادتها‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬أصعب‭ ‬الكلمات‭ ‬ثم‭ ‬أغلقت‭ ‬الهاتف‭ ‬في‭ ‬وجهه،‭ ‬فانتفض‭ ‬من‭ ‬مكانه،‭ ‬وأحضر‭ ‬زجاجة‭ ‬البنزين،‭ ‬وارتدى‭ ‬النقاب‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬أحد،‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬لبيتها‭ ‬بعدما‭ ‬تأكد‭ ‬أنها‭ ‬وحدها‭ ‬داخل‭ ‬البيت،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬فتحت‭ ‬الباب،‭ ‬سكب‭ ‬عليها‭ ‬البنزين‭ ‬ثم‭ ‬أشعل‭ ‬بها‭ ‬النيران،‭ ‬ووقف‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬وهي‭ ‬تتألم،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فقط،‭ ‬عندما‭ ‬حاولت‭ ‬الاستنجاد‭ ‬بالناس‭ ‬أمسك‭ ‬بها‭ ‬وحاول‭ ‬حبسها‭ ‬داخل‭ ‬الحمام‭ ‬وكأنه‭ ‬يريد‭ ‬قتلها‭ ‬والتخلص‭ ‬منها‭ ‬نهائيا،‭ ‬لكنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الهرب‭ ‬وألقت‭ ‬بجسدها‭ ‬في‭ ‬الترعة‭ ‬الموجودة‭ ‬أمامهم،‭ ‬وهرب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يمسكه‭ ‬أحد‭.‬

بلاغ

أسرع‭ ‬الأهالي‭ ‬لمعرفة‭ ‬ماذا‭ ‬يحدث،‭ ‬فكانت‭ ‬الصدمة‭ ‬وهي‭ ‬وجود‭ ‬تلك‭ ‬الفتاة‭ ‬الجميلة‭ ‬ملقاة‭ ‬تصارع‭ ‬الموت‭ ‬داخل‭ ‬الترعة‭ ‬والنيران‭ ‬ممسكة‭ ‬بها،‭ ‬حاولوا‭ ‬إنقاذها‭ ‬ثم‭ ‬نقلوها‭ ‬سريعا‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬كفر‭ ‬الشيخ‭ ‬العام،‭ ‬وهناك‭ ‬تم‭ ‬احتجازها‭ ‬داخل‭ ‬الرعاية‭ ‬المركزة،‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬أبلغت‭ ‬المستشفى‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة،‭ ‬وانتقل‭ ‬رئيس‭ ‬المباحث‭ ‬ومعاونوه‭ ‬للمستشفى،‭ ‬وبسؤال‭ ‬الشهود‭ ‬وأسرة‭ ‬الفتاة‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬والدها‭ ‬هو‭ ‬ارتكاب‭ ‬الواقعة،‭ ‬تشكل‭ ‬فريق‭ ‬بحث‭ ‬حتى‭ ‬تمكن‭ ‬رجال‭ ‬المباحث‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الأب،‭ ‬والذي‭ ‬اعترف‭ ‬بجريمته‭ ‬بسبب‭ ‬أنها‭ ‬رفضت‭ ‬العيش‭ ‬معه،‭ ‬فأمرت‭ ‬النيابة‭ ‬بحبسه‭ ‬‮٤‬‭ ‬أيام‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬القضية‭.‬

أسرة‭ ‬إيمان‭ ‬تتحدث

وقالت‭ ‬‮«‬آمال‮»‬‭ ‬خالة‭ ‬الضحية‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬الذي‭ ‬أحرق‭ ‬فيها‭ ‬البيت،‭ ‬فمنذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬جاء‭ ‬ليأخذ‭ ‬طفليه‭ ‬للعيش‭ ‬معه‭ ‬ولكنهم‭ ‬رفضوا،‭ ‬فأشعل‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬شقة‭ ‬شقيقتي،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تترك‭ ‬البيت‭ ‬وتأتي‭ ‬للعيش‭ ‬معنا،‭ ‬لم‭ ‬يتركها‭ ‬في‭ ‬حالها‭ ‬وأشعل‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬بيتنا‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية،‭ ‬وهناك‭ ‬قضايا‭ ‬بخصوص‭ ‬تلك‭ ‬الوقائع،‭ ‬وكان‭ ‬سيقضي‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬داخل‭ ‬السجن،‭ ‬ولكن‮ ‬‭ ‬تدخل‭ ‬كبار‭ ‬البلد‭ ‬وطلبوا‭ ‬مننا‭ ‬التنازل‭ ‬مقابل‭ ‬كتابة‭ ‬إيصالات‭ ‬أمانة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتعرض‭ ‬طرف‭ ‬للثاني،‭ ‬وتنازلنا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬آملين‭ ‬بحياة‭ ‬هادئة‭ ‬سعيدة،‭ ‬ولكننا‭ ‬لم‭ ‬نرتاح‭ ‬يوما‭ ‬واحدا،‭ ‬حتى‭ ‬ختم‭ ‬أفعاله‭ ‬بارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬ابنته‭ ‬وشوه‭ ‬جسدها‮»‬‭.‬

صمتت‭ ‬آمال‭ ‬قليلا‭ ‬وكأنها‭ ‬تتذكر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الألم‭ ‬والمر‭ ‬أذاقته‭ ‬شقيقتها‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرجل،‭ ‬ثم‭ ‬استكملت‭ ‬بنبرة‭ ‬صوت‭ ‬يعتليها‭ ‬الخزن‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬كلمة‭ ‬أب،‭ ‬فهو‭ ‬ترك‭ ‬أطفاله‭ ‬وهم‭ ‬صغار‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينفق‭ ‬عليهما،‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬طلاق‭ ‬ابنته‭ ‬مرتين‭ ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تكمل‭ ‬عامها‭ ‬العشرين‭ ‬بعد،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬أشعل‭ ‬فيها‭ ‬النيران‭ ‬وتركها‭ ‬تصارع‭ ‬الموت‭ ‬داخل‭ ‬المستشفى،‭ ‬فهي‭ ‬مصابة‭ ‬بحروق‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الثالثة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أنحاء‭ ‬جسدها‭ ‬بنسبة‭ ‬‮٣٥‬٪،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نريده‭ ‬هو‭ ‬القصاص‭ ‬العادل‭ ‬حتى‭ ‬ترتاح‭ ‬قلوبنا،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إيمان‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬وألا‭ ‬تترك‭ ‬الحروق‭ ‬آثار‭ ‬بجسدها،‭ ‬يكفي‭ ‬الألم‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬ستعيش‭ ‬به‭ ‬طوال‭ ‬حياتها‮»‬‭.‬