رؤية يكتبها : محمد صادق
فوجىء شوقى غريب وهو يستقل سيارته فى الطريق الزراعى قادما من المحلة بشخص يعترض طريقه ويصرخ فيه باعلى صوته.. انت ابن مين فى مصر ياعم؟.. انت ابن مين فى الجبلاية يا عم انته ؟.. هوه انت واخد على بتوع الاتحاد كمبيالات ؟ولا موصوف لهم والقايمة باسمك ضحك غريب كما لم يضحك من قبل.. وكانت ابتسامته فى وجه الشخص الغاضب سببا فى ان يطلب الرجل من غريب ان “يبوسه” ويصور معاه سلفى ..انتهى الموقف الكوميدى لكن السؤال البسيط من الشخص الغلبان مازال يتردد ويحتاج الى اجابة.. شوقى غريب.. ابن مين فى الجبلاية ؟؟
هاجت السوشيال ميديا.. وماجت.. واعربت عن غضبها ووصفت قرار اتحاد الكرة بإعادة تعيين شوقى غريب مديرا فنيا للمنتخب الاوليمبى بأنه قرار مستفز!!
لم تهدأ الهوجه.. ولم يخرج مسئول من الاتحاد ليوضح للناس الغضبانة سبب الاصرار على غريب رغم ان نفس اللجنة الثلاثية التى تدير الاتحاد كانت قد وجهت له الشكر بعد خروج المنتخب الاوليمبى من دور الثمانية بدورة الالعاب الاوليمبية بطوكيو.
ثورة السوشيال ميديا لم تكن بسبب ان غريب مدرب على قد حاله – لاسمح الله -..كما انها لم تتعرض لانجازاته او بصماته من قريب او بعيد لكنها جاءت لاسباب ومسببات اخرى .
ربما يكون توقيت قرار التعيين غير مناسب على الاطلاق.
ردود طريفة.
معمم من الذين يتحدثون العربية بطلاقة كان يطالع الفيسبوك من خلال موبايل..وقرا خبر اعادة تعيين غريب مدربا للمنتخب الاوليمبي.. شهق الرجل شهقة وهو يجلس على مصطبة داره بسوهاج ربما سمعها من هم فى المنصورة ثم قال “اى حظ هذا الذى تملكه يا ابن غريب حتى تصبح مدربا دائما للمنتخبات؟؟هل مصر التى ولدتك مدربا لم تلد غيرك؟ا
انك ساحر وسحرك يجعل مسئول الجبلاية يقعون فى خضار عيونك.. ولا يمكنهم الاستغناء عنك ولو لعدة شهور؟
لكن رجلا اخر بسيطا.. جاب الخلاصة بمنتهى البساطة عندما قال “استغفر الله العظيم .. هوه اللى خلقه ما خلقش غيره ؟
صمت الإعلام
الاعلاميون الكبار.. والنقاد الرياضيون لم يتعرضوا لقرار اتحاد الكرة بأى انتقادات وربما “طنش” بعضهم الحديث عن غريب أو حتى توجيه اللوم لاتحاد الكرة على تصرفاته.. أما سبب الطناش عن الموضوع فهو لأن غريب يرتبط بعلاقات قوية وشخصية ومتينة وبدون مصالح مع الإعلاميين..!!.
يعنى لسانه حلو مع الكل .
لسانه حلو !!
لعل تعبير “لسانه حلو مع الكل” كان السبب الاول الذى فتح الباب على مصراعيه امام غريب فى الجبلاية ليقتحم بكل سهوله مراكز صناعة القرار باتحاد الكرة بداية من مجلس ادارة اللواء حرب الدهشورى عام 2000 ومرورا بمجلس عصام عبد المنعم المؤقت ووصولا الى مجلس الراحل سمير زاهر وساعده الايمن هانى ابوريدة.
وعلشان لسانه حلو.. وطبعه حلو.. اطلقوا عليه لقب الفلاح الفصيح ..فهو فى يوم من الايام كان كبير فريق الفلاحين وعندما اعتزل كرة القدم خطفته اضواء المدينة والقاهرة فاقام فيها وبنى جسورا من العلاقات ساعدته كثيرا فى ان يكون حلال العقد والحاضر دائما فى تدريب المنتخبات .
صديق ابو ريدة
القاصى والدانى فى مصر المحروسة يعلم تمام العلم ان غريب يرتبط بعلاقة صداقة حميمة مع هانى ابو ريده رئيس الاتحاد السابق وعضو الاتحاد الدولى لكرة القدم “فيفا”.
والبعض رفض ان يهاجم مجاهد على قرار غريب مؤكدين ان مجاهد لا يملك اصدار قرار كهذا وان القرار قرار ابوريدة !!.
مجاهد رد على ذلك بتصريح مثير للدهشة قائلا “ اقسم بالله العظيم ابو ريدة مالوش دخل بتعيين شوقى “ ..مجاهد لو ضغطوا عليه فى الاستديو قليلا لربما قال “ عليا الطلاق بالثلاثة ابو ريدة مالوش دعوة “ !!
عواجيز الفرح
من هم الذين هاجموا قرار اعادة تعيين غريب ؟؟..الغالبية العظمى والسواد الاعظم هو رواد السوشيال ميديا وهم الذين هاجموا القرار بضراوة ..
اما الفئة الثانية فهم المدربون الذين لم يسعدهم الحظ ويقع عليهم الاختيار لتدريب اى منتخب من المنتخبات على مدار العشرين عاما الماضية ..وهم كثيرون وكثيرون للغاية ..
والفئة الثالثة مدربون لايعملون فى انديتهم او فى الاندية الاخرى “عواطل” وهؤلاء متفرغون للبرامج الرياضية كضيوف دائمين احيانا تكون انتقاداتهم اللاذعة مصدرا “للتريند”
حلال العقد
لم يسمع احد عن غريب انه دخل فى مشادة مع لاعب صغيرا كان او كبيراً فى اى منتخب من المنتخبات.. سواء منتخب الناشئين منتصف التسعينيات او منتخب الشباب الذى فاز معه ببرونزية كاس العالم او منتخب مصر الاوليمبى عام 2004 او منتخب مصر الاول مع حسن شحاتة لمدة 6 سنوات او عندما تولى تدريب المنتخب الاولى بمفرده خلفا لبوب برادلى او عندما عاد لتدريب المنتخب الاوليمبى فى ولايته الثانية والتى قاده خلالها الى طوكيو قبل ان يتم توجيه الشكر له لمدة 45 يوما ثم يعود لنفس المنتخب.
لم يدخل غريب فى خلاف مع اعلامى او مدرب او ادارى صغيرا كان ام كبيرا ..لم يتفوه بكلمة ضد مسئول فى اتحاد الكرة على مر العصور ..سواء من وراء ظهره او فى مواجهته ..وبالتالى لم يصدر منه أى “ غلط “ فى حق أى رجل من رجالات الجبلاية .
أسرار العلاقات
غريب ..شخصية كتومة للغاية فهو لا يبوح بسر أؤتمن عليه من جانب اى مسئول ..ولا يكشف ستر اى سبوبة وقعت عيناه عليها من السبابيب التى يحصل عليها البعض ..فى بعض الاحيان ..ويؤمن بالحكمة القائلة “ لا أسمع ..لا أرى ..لا أتكلم “ ..كما انه يؤمن ايمانا كبيرا بمقولة “ تبسمك فى وجه أخيك صدقة “!! واستطاع ان يحولها الى ان تبسمك الدائم فى وجه الاخرين يفتح لك الابواب المغلقة .
اظرف تعليق على قرار تعيين غريب جاء على لسان احمد مجاهد رئيس اللجنة الثلاثية الذى قال مبررا “ شيلته من تدريب المنتخب ..ثم رجعته من اجل تخفيض راتبه الى النص“.
وفى تفسير التصريح قال مجاهد “ شوقى كان يتقاضى 500 ألف جنيه وبعد ان رجع سيتقاضى 250 ألف بس “ !!!.
كوبرى فينجادا
كان لابد من وجود كوبرى يعبر عليه قرار اعادة غريب ..فتفتق ذهن احمد مجاهد فى بيانه الصادر بهذا الشأن وافتتح قرار تعيين غريب بقوله “بناء على اختيار فينجادا المدير الفنى لاتحاد الكرة تم تعيين غريب مديرا فنيا للمنتخب الاوليمبى !!” .
وفى غمضة عين خرج مجاهد من ورطة الاسئلة قبل أن تبدأ وكان الخروج عن طريق كوبرى فينجادا – وهو بالمناسبة ليس مثل كوبرى الفنجرى بل سيكون “محور“ المستقبل الذى سيمرر به كل قرارات الاتحاد .
لم نسمع فينجادا نفسه يقول لماذا اختار غريب دون غيره ؟؟ولم يقل لنا الرجل ما هى المعايير التى على اساسها اختار شوقى غريب ..ولم يقل لنا البرتغالى هل تلقى سيراً ذاتية لمدربين اخرين رشحوا للمنصب ام لا ..
وربما لو كنا طلبنا من فينجادا فعلا ترشيح مدرب للمنتخب الاوليمبى لاختار واحداً من بلدياته مثل كيروش مثلا .
حكاية كوبرى فينجادا جعلت احد العالمين ببواطن الامور يسخر قائلا “كم من الجرائم سترتكب باسمك ايها ال فينجادا ..هوه انتو شفتوا حاجة“ ؟
مدرب بلا عمل
الانتقادات التى وجهت لاتحاد الكرة لم تكن بسبب غريب فقط ولكن لان احمد مجاهد تعجل قرار التعيين وكان بامكانه ان يؤجل اتخاذ القرار الى ما بعد اجراء انتحابات اتحاد الكرة فى ديسمبر المقبل ..ثم ياتى مجلس الادارة الجديد ويعيد تقنين الاوضاع ومنها اختيار الاجهزة الفنية لكل المنتخبات .
وهذا الاستعجال من مجاهد فتح باب “ القيل ..والقال ..واحاديث عن المجاملات وخلافه “
كما ان غريب وجهازه الفنى سيتقاضون مرتباتهم ابتداء من اكتوبر الحالى ولمدة تزيد على عام بدون عمل خاصة ان اول ارتباطات المنتخب الاوليمبى ستكون تصيفيات كاس الامم الافريقة عام 2023 المؤهلة لاولمبياد باريس 2024 .
انجازات.. وسقطات
كان الراحل الدكتور محمد على هو صاحب الفضل فى تقديم شوقى غريب للوسط التدريبى عندما اختاره مدربا مساعدا له عام 1997 فى بطولة كاس الامم الافريقية للناشئين تحت 17 عاما والتى اقيمت فى بتسوانا وفازت بها مصر وتأهلت على اثرها لكاس العالم للناشئين التى استضافتها مصر ايضا .
حصل غريب على الميدالية البرونزية فى كأس العالم للشباب تحت 21 عاما بالارجنتين وهى الميدالية التى فتحت ابواب المنتخبات على مصراعيها امام غريب ليتم تعيينه مدربا مساعدا لحسن شحاته فى الفترة من عام 2005 الى 2011 .
وفى تلك الفترة نجح منتخب مصر فى الفوز بثلاث بطولات متتالية لامم افريقيا ..وكان البعض -ومازال – ينسب الفضل فى الثلاثية الافريقية الى عبقرية غريب وخططه التى كان يقترحها على المعلم حسن شحاتة ..رغم ان غريب لم يصرح فى يوم من الايام بتلك القصص عن انه هو صاحب الفضل بل دائما وابدا ما يذكر شحاتة بكل خير .
بعد ان ترك منتخب مصر 2011 واستقال مع حسن شحاته تولى غريب تدريب سموحة والاسماعيلى من 2012 حتى 2013 ولم يحقق معهما اى بصمة .
جاءته فرصة العمر فى تدريب منتخب مصر الاول عام 2013 – 2014 خلفا للامريكى بوب برادلى لكنه فشل وخرج من التصفيات المؤهلة لامم افريقيا وتمت اقالته .
عاد ليدرب الانتاج الحربى 2015 قبل ان يتم تعيينه فى 2018 مدربا لمنتخب مصر الاوليمبى .
قاد منتخب مصر الاوليمبى الى الفوز ببطولة افريقيا تحت 23 سنة التى اقيمت بمصر وتأهل المنتخب على اثرها الى اوليمبياد طوكيو .