قضية ورأى

أخـلاقـيات مُلزمة

أحمد عفيفي أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة
أحمد عفيفي أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة

تنطلق منظومة القيم الأخلاقية من منظور أنها تجلب الخير وتطرد الشر، وتكرس فى الوعى السعى نحو الأفضل، وتهيئ السند الأول لتشريع القوانين والنظم واللوائح. ولأن تقدم الأمم ورقى المجتمعات أساسه «العلم» ونبراسه «الأخلاق» فقد بات من البديهيات الآن أن مستحدثات «العلم» ومبتكراته لن ترى نور التطبيق إلا وهى مدعومة بالقيم الرفيعة والأخلاق النبيلة. وفى عصر «العولمة» كان لابد من وضع المعايير القياسية والضوابط الحاكمة والمواصفات الدقيقة لمن يريد أن يكون طرفاً ـ وليس ضيفا ـ فى المعادلة العالمية التى تعكس شروطاً قوامها «التنافسية» للأجدر «والاستمرارية» للأفضل و»البقاء» للأعمق علماً والأصدق خلقاً.

لم يغرد البحث العلمى خارج هذا السرب، فهو من أهم الأنشطة الإنسانية التى تملؤنا بنشوة النور والاستحواذ على الاستحقاق، ويشكل أبرز عناصر التطور والنمو، ويندرج بالضرورة تحت مظلة العولمة التى لا فكاك منها ولا مناص.. يغذيها ويتغذى عليها .. وينطبق عليه ما ينطبق من قواعد إنسانية واشتراطات أخلاقية خاصة ما يتعلق بالكائنات الحية وما تمثله من ركيزة أساسية لإجراء الدراسات قبل الإكلينيكية بجودة فائقة وإتقانية عالية لتحقيق نقلة نوعيه ووثبة هائلة نحو امتلاك مستلزمات صناعة الدواء والقضاء على أنواع الوباء.

إن استخدام الحيوانات داخل معامل الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية بغية التنبؤ بالآثار المحتملة على الإنسان، يلقى بتبعية رعايتها أخلاقياً على عاتق الباحثين أنفسهم، وأضحى لزاماً عليهم تطبيق القواعد العالمية - حين إخضاعها للبحث أو الدراسة أو العملية التعليمية- لحماية حياتها والحنو عليها وعدم إضرارها والكف عن إيلامها وإيذائها وإزعاجها.

إنها كائنات تحيا .. تمتلك سمت الحياة (الحس والحركة) .. لديها كافة مقومات الإحساس والإدراك .. تتصف بالانفعال وردود الأفعال .. لها القدرة على إظهار الفرح والبهجة .. وإبراز الحزن والغضب .. تشعر بالألم والقسوة مثلما تسعد بالحنان والرقة ..لاتنطق بألفاظ وكلمات ولكنها تعبر بملامح وسلوكيات.

ولذا، فإن الحيوانات جديرة بأن يوضع لها القواعد الملزمة حفاظا عليها وإبقائها قيد الحياة قبل وأثناء وبعد إجراء التجارب . كما أن التوازن العادل أخلاقياً وإنسانياً يقتضى ألّا نهدرها ونقدمها ضحية بلا مقابل إلّا نظير مردود علمى يقينى وفائدة كبرى تصب فى مصلحة المجتمع.

إن تطبيق تلك القواعد العالمية من قبل لجان مؤسسية يطلق عليها IACUC  (تمنح «الموافقة الأخلاقية الرسمية» لإجراء البحث على الحيوانات)، يمهد الطريق للنتائج العلمية ومخرجات الأبحاث القائمة عليها أن تحظى بالنشر فى الدوريات العلمية المتخصصة والمرموقة عالمياً. ومن ثم رفع قدر الدولة وتكثيف عناصر تميزها وتعزيز المركز  التنافسى لمؤسساتها الأكاديمية، والارتقاء بتصنيفها الدولى للحاق بالركب العالمى.