دراما المخابرات .. فك شفرة النجاح

دراما المخابرات
دراما المخابرات

محمد‭ ‬إسماعيل

الأعمال الوطنية ودراما المخابرات تحقق نجاحا كبيرا، ويقبل عليها الجمهور، للتعرف على جزء من البطولات الحقيقية، والتضحيات من أجل الوطن، السؤال الذي يطرح نفسه، ما سر نجاح هذا النوع من الدراما؟، «أخبار النجوم»، قررت التفتيش فى الأوراق لإزاحة الحبر السرى وكشف شفرة النجاح، كما تجيب على سؤال هل بالفعل نحتاج إلى إنتاج مزيد من الأعمال الوطنية؟، وهل للتليفزيون الحظ الأوفر من الاهتمام بإنتاجها على حساب السينما؟.

 

يقول المخرج أمير رمسيس إن الأعمال الوطنية نسبة نجاحها أكثر بكثير من الأعمال الأخرى، لأسباب عديدة أولها العطش الدائم واللهفة من قبل الجمهور للتعرف على قصص الأبطال والشهداء ممن ضحوا فداء للوطن دون انتظار مكافأة أو شكر من أحد، بالإضافة إلي الخبايا والأسرار التي تحدث في الكواليس، والتى لا نعلم عنها شيئا خاصة وإن كانت متعلقة باحداث مرتبطة بذكريات كثيرة حدثت في الفترة الماضية. ويتابع: «من وجهة نظري هذه أهم أسباب النجاح الهائل لـ«الاختيار» و«هجمة مرتدة»، وهو ما شجع المسئولين على انتاج مزيد من الاعمال الوطنية بالاضافة إلى أن الاعمال المرتبطة بحرب أكتوبر عليها عامل كبير لأنه إلى الآن هناك تفاصيل في الحرب لانزال نستكشفها رغم مرور ٤٨ عاما عليها، وهو أحد اسباب نجاح فيلم «الممر»

ويضيف رمسيس أن اختيار الأحداث التي سيتناولها العمل الفني عليه عامل كبير ففي «الاختيار» كانت الأحداث لاتزال حديثة لم يمر عليها الكثير، والجمهور يرغب في فهم بعض الأمور التي كانت غائبة عنه في تلك الفترة مثل فض اعتصام رابعة الإرهابي، والاحتياطات الأمنية أثناء خطاب الرئيس السيسي وتولي الرئيس السابق عدلي منصور للحكم، ومن هنا فإن العمل الدرامي حقق رسالته على أكمل وجه واستطاع أن يكمل الصورة المفقودة وثاني عوامل نجاح تلك الأعمال هي السيناريو واختيار سيناريست يستطيع أن يقدم تشويق للجمهور وتوصيل الرسالة من أقصر الطرق والبعد تماما عن المط والتطويل ويحسب للقناة والمسئولين أنهم قرروا ان يلغوا الإعلانات والفواصل في بعض الحلقات بمسلسل «الاختيار» بالاضافة إلى الاختيار الدقيق للسيناريوهات والاحداث التي تصلح في الدراما عنها في السينما والعكس».

ويتابع: «ثالث العوامل، المخرج ورؤيته الإخراجية والتحضيرات الدقيقة ومراجعة أماكن التصوير بل والجلسات الدائمة مع الأبطال الحقيقيين للعمل لإضفاء مزيد من المصداقية، وأخيرا النجوم المشاركين في تلك الأعمال والذين فضلوا ان يشاركوا في الاعمال الوطنية حتي ولو كضيوف شرف ومنهم من قرر عدم المشاركة في أعمال أخرى في نفس التوقيت احتراما للشخصية التي يقدمها في العمل كالفنان اياد نصار، والذي قدم شخصية الشهيد مبروك في مسلسل «الاختيار ٢».

ويشير أمير رمسيس إلى أن الأعمال الوطنية التي عرضت منذ أكثر من ٢٠ عاما كان عليها عامل كبير في التأثير الايجابي على الأعمال في الفترة الحالية، فالجمهور شاهد وتعلق بمسلسلات كـ«رأفت الهجان» و«دموع في عيون وقحة» و«الثعلب» و«الحفار» و«إعدام ميت» و«الطريق الي إيلات»، وغيرها وكانت أعمالا ناجحة خلدت في التاريخ، وكانت بمثابة أرشيف للتاريخ الحربي والمخابراتي وكان الجمهور دائما ما يطالب بإنتاج مثل تلك الاعمال التي قدمها فنانون ومؤلفون ومخرجون عظماء لهم أسماء لها وزنها وثقلها في الفن العربي، وبالتالي فإن إنتاج مزيد من تلك الأعمال جعل المشاهد يرتبط ذهنيا أن الأعمال المقبلة ستكون بنفس الكفاءة وهو ما حدث بالفعل.

 

الحس الوطني

أما المؤلف محمد سليمان عبد المالك فيقول إن الحس الوطني أحد أهم أسباب نجاح الأعمال الوطنية، فكثيرا من الاعمال التي عرضت مؤخرا كـ«الاختيار» كان كثير من الشعب مشارك في تلك الأحداث كثورتي 25 يناير و٣٠ يونيو، وبالتالي عندما يشاهد تلك الأعمال يشعر أنه جزءا منها، والتخلص من الجماعة الإرهابية التي كانت تحاول أن تستولي على البلد، كما اننا تخلصنا من ارهابهم الي الأبد وشعروا أن لمصر جيش وشرطة تحميها، وأن ما يحدث لمصر من تقدم وتنمية كان له الفضل في مشاركته، وهو نفس ما ينطبق مع الجيل الذي شارك وعاش في حرب أكتوبر، وعندما يشاهد أعمالا عنها يشعر بالفخر بالاضافة الي ان تلك الاعمال تكشف الكثير من الحقائق الغائبة.

ويضيف محمد سليمان عبد المالك، أن الأعمال الوطنية تعطي للجيل الجديد الحق في معرفة تاريخ بلده، والأحداث التي مرت بها، وأن يفخر بالحال الذي وصلنا اليه، مؤكدا أن للشهداء والابطال الحق علينا في تكريمهم ومعرفة البطولات والتضحيات التي قاموا بها في سبيل بناء دولة قوية لا تخضع تحت جماعة كادت أن تعصف بها وهو حق أصيل أيضا لعائلات هؤلاء الأبطال.

في حين يقول الناقد أحمد سعد الدين: «عوامل كثيرة عندما تتكامل مع بعضها البعض تكون السبب الرئيسي في نجاح العمل الفني ومنها السيناريو والمخرج والانتاج الضخم، وأخيرا الجمهور إلا أنني من وجهة نظري أري أن الاعمال الوطنية القديمة كان لها الفضل الأكبر في نجاح الأعمال الحالية، فمنذ سنوات عديدة والجمهور ينتظر أعمالا أخرى يشاهدها ويتعلق بها وتكشف الكثير من الحقائق والبطولات، إلا أن الدولة كانت لها وجهة نظر سديدة تماما فمصر في خلال ١٠ سنوات تمر بمراحل ومنعطفات سياسية واقتصادية واجتماعية متغيرة وبالتالي فإن الظروف لم تكن مناسبة حتى يتم انتاج اعمال ضخمة تتحدث عن بطولات وتضحيات، ولكن عندما استقرت الاوضاع جاء التوقيت المناسب لانتاج تلك الأعمال حتي يري الشعب الصعوبات التي مرت بها مصر في السنوات العشر الماضية، كما يرى الانجازات التي حدثت على أرض الواقع وان ما حدث من انجازات لم يكن ليحدث سوى بالتضحيات التي حدثت في السنوات الماضية».

ويضيف: «السنوات الماضية جعلت الارض خصبة لكتاب السيناريو في الابداع الفني بعد ان توفرت لهم المعلومات اللازمة لاطلاق عنانهم لهذا الابداع، فبالفن يمكن الرد على اعداء مصر وتوصيل رسالة مهمة لمن يحاولوا تخريبها أو ضرب استقرار الوطن بنشر الشائعات والاكاذيب».

ويؤكد أحمد سعد الدين أن أحد أسباب نجاح الأعمال الوطنية أيضا هو الاختيار الدقيق للنجوم والابطال المشاركين في تلك الأعمال، بناء علي مواصفات عديدة ودقيقة وليس بشكل عشوائي.

 

التليفزيون أم السينما؟

 

أما المنتجون يرون أن الأعمال الوطنية سواء في السينما أو الدراما أمر واقع وضرورة حتمية، ويقول المنتج هشام عبد الخالق: «مخطئ من يعتقد أن الاهتمام الاكبر يقع على الدراما بحكم الاهتمام بانتاج أعمال كـ «هجمة مرتدة» بجزئيه و«الاختيار» بأجزائه الثلاثة، ولكن السينما تختلف عن الدراما لانه ليس كل السيناريوهات تصلح للإنتاج السينمائي كما أن طبيعة السينما تحتم أن يتم انتاج عمل وطني كل فترة، وليس من المفترض ان يكون كل ٦ شهور فقبل فيلم الممر لم تكن هناك أعمال وطنية على الاطلاق سواء في الدراما والسينما، ومن هنا كان التعلق بأعمال أنتجت منذ ٢٠ عاما كـ«رافت الهجان» و«دموع في عيون وقحة».

ويتابع: «ولكن ظهر مسلسل «الزيبق» ثم فيلم «الممر» والذي لاقي نجاحا واستحسانا منقطع النظير، واخيرا «الاختيار» و«هجمة مرتدة» وفي تلك الفترة هناك فيلم يتم انتاجه على قدر كبير من الاهمية وهو فيلم «السرب» لأحمد السقا والذي يتناول الضربة الجوية التى نفذها الجيش فى ليبيا ضد داعش، ومن تأليف عمر عبد الحليم وإخراج أحمد نادر جلال، ويضم الفيلم كوكبة من النجوم ومنهم كريم فهمى وآسر ياسين وشريف منير ومحمود عبد المغنى ومجموعة كبيرة من الفنانين الذين يظهرون كضيوف شرف كنيللي كريم ومحمد ممدوح، والفيلم احدث ضجة فور طرح الإعلان التشويقي، والذي حقق نسبة مشاهدات عالية، وتناول البرومو فى بدايته كلمة للرئيس عبد الفتاح السيسى والذى أصدر من خلالها أمر بتنفيذ عملية نوعية بقصف مواقع داعش بمدينة درنة فى ليبيا وظهر في البرومو أحمد السقا وشريف منير وآسر ياسين وكريم فهمى وأحمد حاتم ودياب ومحمود عبد المغنى وأظهرت المشاهد بطولات القوات الجوية في القصاص لشهداء مصر فى ليبيا، والجمهور متعطش للاعمال الوطنية التي تروي قصص عن أحداث واقعية وتفاصيل لا نعلم عنها شيئا».

ويضيف هشام عبد الخالق، أن الدولة تهتم بالأعمال الوطنية في السينما والدراما، ولكن ليس المهم هو إنتاج كم من الأعمال، ولكن الأهم هو اختيار سيناريو جيد يحدث تفاعل من قبل المشاهد، ويبرز بطولات الشرطة والجيش وتضحيات الشهداء بالصورة التي تليق بهم».

 

كورونا السبب

 

أما المنتج صفوت غطاس فيقول، إن الدولة بالفعل تنتج العديد من الاعمال الوطنية الا ان التركيز الاكبر على الدراما بسبب ظروف انتشار فيروس كورونا المستجد والموجة الرابعة التي نحن بصددها، ولكني علي يقين انه بمجرد انتهاء كورونا أو الحد منها فاننا سنشهد اعمالا وطنية سينمائية نفخر بها، فالسينما لها رونقها وتحتاج الي انتاج ضخم لانها تعتمد على النجوم والمؤثرات الصوتية مثلما حدث مع فيلم» الممر»، والذي شهد إقبالا ولهفة من المشاهد وحقق إيرادات كبيرة ولكن ظروفه كانت مختلفة لأن انتاجه كان في ٢٠١٩ أي قبل ظهور كورونا وانتشارها بتلك الدرجة».

أما المنتج محمد فوزي يوضح قائلا: «بالطبع انتاج أعمال وطنية أمر حتمي ولكن السينما تختلف عن الدراما، فالسينما تحتاج إلى سيناريوهات تصلح كعمل سينمائي يتضمن احداثا مهمة بعيدة عن المط والتطويل والجمهور في اشتياق لتلك النوعية من الاعمال ولكن لابد وان يكون الامر مدروسا بعناية، فنحن كنا بعيدين عن الاعمال الوطنية لسنوات طويلة، وبالتالي فان انتاج الأعمال لابد وان يكون على فترات متباعدة، ففي السينما فيلم الممر منذ ٣ سنوات والان يتم انتاج فيلم«السرب»، اما في الدراما فكانت البداية مع «الزيبق» ثم«الاختيار» و«هجمة مرتدة» وكان من الممكن ان تكون الفترات متقاربة ولكنهم قرروا ان يكون العرض في رمضان المقبل لاسباب عديدة اهمها التمهل في كتابة سيناريو جيد والتحضيرات بخلاف انشغال الابطال باعمال اخرى ولكن من وجهة نظري فان الاهم عامل التشويق للجمهور»

ويضيف محمد فوزي، أن أحد الاسباب الهامة الصورة الضبابية التي تعيشها صناعة السينما في مصر الفترة الحالية بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد والرهبة من قبل الجمهور في الدخول الي السينما، بالاضافة إلى عوامل أخرى كدخول فصل الشتاء والمدارس ايضا وهو ما سيؤثر بالسلب علي ايرادات الافلام، ومن الممكن ان يكون هذا هو احد العوامل وراء تأجيل فيلم «السرب» لاختيار موعد مناسب خاصة وان الاعمال الوطنية تحتاج الي ميزانية ضخمة، وبالتالي فإن السينما تحتاج الي ايرادات ضخمة لتحقيق أرباح وبالتالي انتاح مزيد من الأعمال.