كنوز | الموسيقار يكتب عن تلميذته « ليلى »

عبد الوهاب يلقن ليلى مراد دروس الألحان
عبد الوهاب يلقن ليلى مراد دروس الألحان

كثيرا ما يختلط الأمر على المستمع فى التفرقة بين أصوات غالبية المطربات لقرب التشابه بينهن جميعا، ولكن من السهل عليه معرفة وتمييز صوت المطربة ليلى مراد بمجرد الاستماع إليها لأول وهلة، فهو صوت ذو لون خاص، وذو طابع خاص لا نظير له، مما يجعل لها شخصية فنية مستقلة كل الاستقلال، ومن الغريب أن ليلى مراد عندما تحفظ لحنا جديدا لا تتقيد كثيرا بما يلقنها الملحن من أنغام.

وإنما تتصرف فى حدود صوتها وحسب اللون الذى ترتاح له، ولكن دون أن تخرج عن هيكل اللحن الذى وضعه الملحن، وربما يعتبر البعض هذا التصرف منها عيبا، ولكنى اعتبره ميزة كبيرة فيها، لأنها بذلك تفتح أمام الملحن آفاقا جديدة فى اللحن يحس فى دخيلة نفسه أنه كان يقصده فعلا ويعجب كيف غاب عنه ذلك أول الأمر، إن ليلى مراد ذكية وسريعة الفهم وتدرك تماما ما يقصده الملحن، فتحس باللحن وتعيش فيه وتضفى عليه من لونها ما يزيده وضوحا وجمالا . 


هذه هى تلميذتى «المطربة» ليلى مراد، أما «السيدة» ليلى مراد، فأعتقد أنها لا تقل عنها قوة فى الشخصية واعتداد بالنفس، وأبرز ما فى ليلى أنها دائمة التغيير والتحول، ولا ترضى أبدا بأى وضع هى فيه، لذلك اضطر زوجها أنور وجدى أن يرسم لها شخصية جديدة مبتكرة لتظهر بها فى الفيلم الجديد «غزل البنات»، كما اضطرتنى أنا لأن ألحن لها ألحانا جديدة وأضع لها موسيقى خاصة .. من لون جديد ..

ويعجبنى فيها أنها «ست بيت» من الطراز الأول، وأنها تجيد تدبير كل شؤون البيت فى همة ونشاط ودقة تثير الدهشة، فهى تعتنى بصينية البطاطس كما تعتنى بنغمة السيكا، وتتناقش فى ثمن حزمة البقدونس كما تتناقش فى ثمن البالطو «الاستراكان»


محمد عبد الوهاب 

مجلة «الفن» يناير 1949