يوميات الأخبار

خواطر فى الموت والحياة

محمد حسن البنا
محمد حسن البنا

عندما ندرك ذلك نرتاح فى حياتنا، وتصبح معيشتنا حمدًا وشكرًا لله على ما أنعم به علينا، ونعم الله على كل إنسان لا تعد ولا تحصى.
 

السؤال المهم فى حياة كل منا، لماذا نحن فى هذه الحياة ؟! أو لماذا خلقنا الله ؟! هل فقط لعبادته سبحانه ؟! وهل العبادة تنفصل عن العمل والإنتاج وكسب لقمة العيش بشرف وأمانة. كلما تأملنا كتاب الله القرآن الكريم نجد فيه «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، كما نجد فيه «وهديناه النجدين» ونجد فيه «إما شاكرا وإما كفورا»، ونجد فيه «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» ونجد فيه «قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد»، إلى آخر السورة «لكم دينكم ولى دين».


 هكذا الحياة، اختر الطريق الذى يعجبك، لكن احذر هناك جزاء ثواب وعقاب. أو جنة ونار. هنا لا مجال للكذب والتضليل. تشهد على ذلك الحقيقة الثابتة منذ الأزل «الموت»، «كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» وكل بميعاد لا يعلمه إلا الله وحده، إلى أن تقوم الساعة. فلا يستطيع إنسان أن يأتيه ملك الموت فيقول له امهلنى. ولأن الموت حق علينا أن نعمل له وأن نكون مستعدين، وأن يسعى كل إنسان لأن يكون كتابه بيمينه وأن يتعلق برحمة ربه. صحيح هو يوم عصيب لكن رحمة ربنا وسعت كل شىء. 


 ولتعلم أيها الإنسان أن حسن الخاتمة لا تعنى أن تموت فى المسجد أو على سجادة الصلاة أو تموت والمصحف بين يديك.

فقد مات رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم على فراشه. ومات الصديق أبو بكر رضى الله عنه على فراشه، ومات خالد بن الوليد رضى الله عنه، الملقب بسيف الله المسلول والذى خاض ١٠٠ معركة ولم يخسر على فراشه. إنما حسن الخاتمة أن تموتَ وأنت بريءٌ من الشرك والنفاق، أن تموتَ وأنت على الكتاب والسنة بريء من كل بدعة.

أن تموتَ وأنت خفيفُ الحمل من دماء المسلمين وأموالِهم وأعراضِهم مؤدياً حق الله عليك وحق عباده عليك، سليمَ القلب طاهرَ النوايا وحَسَنَ الأخلاق، لا تحملُ غلاً ولا حقداً ولا ضغينةً لمسلم.

من حُسْن الخاتمة أن تصلى صلاتك فى وقتها وتؤدى ما فرضه اللهُ عليك. ولهذا ندعو الله أن يحسن خاتمتنا وعاقبتَنا فى الأمور كلِّها وأن يجرنا من خزى الدنيا وعذابِ الآخرة. اللهم ردنا إليك مرداً جميلا غير مخز ولا فاضح .


 عندما ندرك ذلك نرتاح فى حياتنا. وتصبح معيشتنا حمدا وشكرا لله على ما أنعم به علينا. ونعم الله على كل إنسان لا تعد ولا تحصى.

وليعلم كل إنسان أنه حصل على حقه 24 قيراط، فإن كان هناك تقصير فى قيراط مثلا فقد عوضه الله بآخر. مثلا الرزق والمال مقدر من الله لكل إنسان. فإذا كان غنيا فقد يبتليه الله بمرض أو عدم الإنجاب أو شىء آخر من خيرات الدنيا.

وقد يبتلى الله الإنسان بمصيبة معينة فيحمد ويصبر فيجد تعويض الله أفضل مما افتقده. وهكذا الحياة، لا تحتاج منا إلا الرضا بقضاء الله وقدره.


   كبار السن


رسالة غريبة وعجيبة من القارئ العزيز نصر فتحى اللوزى من الدقهلية يقول فيها : أخى الفاضل، كبار السن يعيشون فى حالة من الحزن والندم من جراء ما أصاب المجتمع من الانهيار الأخلاقى والسلوكى والدينى.

باتت الصراحة على ألسنة صغار السن (شماعة) يعلقون عليها الوقاحة والبجاحة. وأصبح منهج حياتهم الاستهتار بكبار السن. بل والطعن فى إدراكهم للأمور. فتكبروا عليهم ثم تجبروا على ضعفهم الجسدى. وسعى البعض فى تشويه طيب سمعتهم. وطهارة سلوكياتهم.

إنه الانهيار الدينى، الذى ظهر جليا فى ارتياد المساجد ولم تنهه الصلاة عما يغضب الله ورسوله. فشاعت الغيبة وترعرعت النميمة.

وأصبحت الشائعات المغرضة سهاما توجه إلى كرامة وطهارة كل من يحارب الفساد فى شتى صوره، تشويها للمواطن الذى يخاف يوما لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.


 أقول انهيار وليس انفلاتا أمام غياب دور الأب والأم.. والبعد عن التربية الحقيقية بمراحل التعليم المختلفة.. وغياب دور العبادة.. وصمت المجتمع.. وغياب دور الأجهزة الإعلامية والأزهر الشريف..

والسلطة التنفيذية لإعادة الإنسان إلى الإنسانية حتى لو كان جبرا بتطبيق القوانين التى يجب أن يتم وضعها لإعادة بناء الإنسان. احترام الصغير للكبير يعتبر من أهم الآداب التى حث عليها الإسلام، من خلال وضع ضوابط معينة لمعاملة الناس بعضهم بعضاً، والسبب في ذلك يعود إلى اهتمام هذا الدين العظيم بضرورة تعويد المجتمع على إعطاء كل ذى حقٍ حقه.

وخلق جو من الألفة والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع المسلم، ولعل الدليل على ذلك حديث النبى محمد صلى الله عليه وسلم الخاص بهذا الخلق وذلك من خلال قوله: (ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّه).


 اسمح لى أن أقول إن أدب الخطاب لم يعد له على ألسنة الكثير من الشباب قولا. إن إحسان الخطاب أشارت إليه كل الأديان السماوية والوضعية تعظيما للإنسان. وأحث الدين الإسلامى الحنيف على ضروة إحسان الخطاب إلى كبار السن.

فيحب مناداة كبير السن (قولا، كتابة ـ على وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها - ... مهاتفة) بألطف خطاب وأعذب كلام وألين بيان. ولابد من استخدام العبارات التى تدل على قدره ومكانته فى المجتمع وبين أفراد أسرته وبين من هم فى نفس سنوات عمره.

كأن تتم مناداته ومخاطبته بكلمة (العم.. الخال.. الوالد.. العزيز.. الجد)، إنه إحدى وسائل توقير كبير السن. حق أصيل له على كل من يصغره سنا. إن القلب ليحزن..

وإن العين لتدمع.. وإنا على موت الإنسانية لدى الكثير من صغار السن وأيضا الشباب  لمحزونون. وليس لنا إلا أن ندعو: اللهم اهد شبابنا (ذكورا وإناثا) سلوكا على هدى صحيح الدين والسنة النبوية المطهرة.. واجعل الرحمة بكبار السن سلوكا به تزدان الحياة.. آمين.


سلوكيات غريبة


أما القارئة العزيزة نورة إبراهيم حسين فقد أرسلت إلىّ رسالة تنتقد فيها سلوكيات غريبة على مجتمعنا. تقول: بما أن حضرتك تستقبل آراء القراء بكل صدر رحب وحماس أيضا، مما يجعلنا على تواصل دائم مع حضرتك بنفس حماسك. ونتمنى أن ينتقل هذا الحماس للمسئولين حسب كل مشكلة.

وسؤالى هو: لماذا لا يقوم التليفزيون ببث فقرات توعية خفيفة للناس لتعليم الجاهل والغافل بنتيجة السلوكيات السيئة فى الشوارع ووسائل المواصلات والأماكن العامة؟!

وأن يقوم بالنهى عن هذه التصرفات وعرض عواقبها الوخيمة. مثلا :

رمى القمامة فى الشارع والنتيجة الطبيعية للشارع نتيجة هذا التصرف وعرض الحل مثلا فى السيارات كيس بلاستيك وفى الشوارع صناديق القمامة. وظاهرة البصق فى الأرض والنتيجة لهذا التصرف.

وهكذا يعنى باختصار توعية الصغار وتنفيرهم من هذه التصرفات.

وحث الكبار على التخلص من هذه الأفعال الشائنة لنتخلص من كل ما هو مسيء لمظهرنا العام. ونكون على قدر من المسئولية الاجتماعية فى ظل ما يحدث الآن فى بلدنا الحبيب من تطوير وإصلاح ونهضة ورقى لا يزيد ولا يتم ولا يكون فى أبهى صوره إلا بارتقاء الناس أنفسهم.

لو تم بث فقرات التوعية لمثل هذه الأمور مناصفة بينها وبين الإعلانات الترويجية بدلا من تكرار الإعلان أربع مرات أو أكثر سنحصد الكثير وخصوصا بعد انعدام الاهتمام بمثل هذه الأمور سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع ككل.


المتعة والعذاب


يبدو أن تدوين الذكريات استهوى الصديق العزيز الكاتب الكبير سعيد الخولى. وأصبح عليه أن يدون حكاياته فى سلسلة كتب ممتعة لمن يقرأها. فبعد أن نعكش فى ذاكرته فى كتابه الأول، أتحفنا بكتابه الثانى «حكايات المتعة والعذاب»، والذى يمثل نعكشة أخرى فى حياته المهنية. وأنا من هواة قراءة المدونات الحياتية.

فيها إفادة وخبرات ودروس من الحياة. ومن منا ينسى ما قدمه طه حسين فى كتابه «الأيام» ومن منا لا يذكر أديبنا نجيب محفوظ فى ثلاثياته وغيرها. ومن ينسى قنديل أم هاشم ليحيى حقى. وبكل فخر أعتبر الخولى امتدادا لهم فى تدويناته الحياتية.

وأطالبه بالمزيد. فهو يتميز بالأسلوب السهل الممتنع. ولى ملحوظتان، الأولى عن قناعته بوضع «المراجعة والتصحيح» فى درجة أدنى بالعمل الصحفى. وهذا وإن كان الشائع، لكنه عند المهنيين تعبير كاذب وغير صحيح.

ومهمته لا غنى عنها بالصحافة وخرج منها على مدى العمر أساتذة أثروا المهنة من أمثال محمد فهمى عبد اللطيف ود.محمود عطية والكثير والكثير. حتى من استمر فى الظل ورضى به فالصحافة لا تستغنى عنهم أبدا. وانتظر كتابا منك عن تاريخ المصححين. أما الملحوظة الثانية فخاصة بالصور فى الكتاب باهتة ولم تؤد الهدف منها ولم توظف بالقدر المطلوب.
يهود مصر


الزميل العزيز والكاتب الجميل محمد زيان أهدانى ثلاثة كتب. الأول بعنوان «يهود مصر من الأهرامات إلى برج إيفل». والثانى بعنوان «مشاهير وشهداء فى الجنة». أما الثالث فعنوانه «حكايات باريس». من وجهة نظرى مجهود رائع لزيان المقيم بباريس. وقد أعجبنى فى الكتاب الأول أنه من نوعية التحقيقات الصحفية الثرية بمعلومات نفتقدها عن شخصيات يهودية مصرية تركت مصر واستقرت بباريس وأصبحت من المشاهير.

أما الثانى فهو كتاب خيالى حول ثورة يناير 2011، ويطرحه فى أسلوب ساخر ممتع. أما الثالث ففيه يعرى الأحداث والوقائع التى تشهدها عاصمة النور بسردها حكائيا من دون تزويق أو تهذيب.!.


لفت نظر


الدكتور عبد الله شافعى وكيل الوزارة السابق لفت نظرى وهو يتحدث عن الآثار الخطيرة للتغيرات المناخية إلى خطورتها على الأمن الغذائى العالمى. يقول: هناك أزمة غذاء متوقعة بسبب التغيرات المناخية والحرائق التى ضربت غابات  العديد من الدول. من المعروف أن الأشجار بوجه خاص والغابات الكثيفة هى من أهم وأقوى عوامل تجمع السحب ونزول الأمطار. لذلك قديما عندما كانت إحدى الدول الاستعمارية، مثل بريطانيا تريد مضايقة أى من الدول الإفريقية فى اقتصادها كانت تعرض عليهم شراء كميات ضخمة من الأخشاب. وكانوا يفرحون بالأموال التى ستهبط عليهم من بيع أخشاب أشجارهم لبريطانيا. والنتيجة بعد عدة أعوام  بسيطة تنخفض وتنعدم الأمطار وينخفض إنتاج الغذاء، وينفقون كل ما باعوا به بل ويتسولون الغذاء من الدول المختلفة.