أوراق شخصية

تضارب التصريحات.. وسد النهضة!..

آمال عثمان
آمال عثمان

وسط حالة الترقب والانتظار لما تسفر عنه جلسة مجلس الأمن من نتائج حول القضية الأخطر على مستقبل الوطن، خرج علينا وكيل وزارة الموارد المائية- لا فض فوه- بتصريح لبوابة الأهرام، يضرب مصداقية مصر فى مقتل، ويشكك فى تصريحات المسئولين المصريين أمام المراقبين الخارجيين، ويضعف موقفنا فى قضية السد الإثيوبى فى كل المحافل الدولية!! 
وفى الوقت الذى أوضح سامح شكرى وزير الخارجية فى كلمته أمام العالم، الخطر المحدق والأضرار الجسيمة على مستقبل ومصير الوطن، والتهديد الوجودى لأمة يتجاوز تعدادها المئة مليون نسمة، نتيجة بناء هذا الكيان العملاق على الشريان الذى يهب الحياة لملايين المصريين، وما ينتج عنه من أضرار تستشرى كطاعون مزمن فى شتى مناحى حياة الشعب المصرى دونما استثناء، وبعد كل ذلك يغفل رجب عبد العظيم وكيل وزارة الموارد المائية الوضع الصعب الذى تمر به الدولة المصرية، ويعلن على الملأ بعد 48 ساعة فقط من اجتماع مجلس الأمن، أن مصر تضع خطة لتأمين احتياجاتها المائية حتى عام 2050، وأن الوزارة لديها استراتيجية لتحديث خططها لمواجهة التحديات المائية حاليا ومستقبلا!! 
إننى لا أعرف كيف يرى سيادة وكيل الوزارة الأمر بهذه البساطة، ألم يصل إلى مسامعه أن العجز المتراكم للمياه بمصر، فى ظل غياب اتفاق ينظم قواعد ملء وتشغيل السد، قد يصل لنحو 120 مليار متر مكعب؟! كيف يدلى سيادته بتصريح تتناقله المواقع الإخبارية عن تأمين احتياجاتنا لثلاثة عقود قادمة، فى الوقت الذى أعلن وزير خارجية مصر أمام مجلس الأمن، أن العجز المائى يقلل سبل الحصول على مياه الشرب النظيفة، ويحرم ملايين العاملين فى قطاع الزراعة من المياه اللازمة لرى أراضيهم، ويدمر آلاف الأفدنة من الأراضى الصالحة للزراعة، ويساهم فى زيادة ظاهرة التصحر وتدهور النظم البيئية فى دول المصب؟! 
والغريب أن يصل التناقض والتخبط والعشوائية فى التصريحات داخل الوزارة نفسها، ويواكب تصريح السيد وكيل الوزارة، تصريح  آخر فى اليوم ذاته بجريدة الوطن لوزير الموارد المائية محمد عبد العاطي، يشير فيه إلى الأضرار الجسيمة الناتجة عن سد النهضة الإثيوبي، وأن كل مليار متر مكعب ينقص من مياه النيل، يتسبب فى فقدان 200 ألف أسرة لمصدر رزقها الرئيسى من الزراعة!!
بالله عليكم ما هذا التضارب والتناقض الخطير فى تصريحات مسئولين؟! وكيف لا يتم التنسيق بين المسئولين فى قضية بهذه الخطورة؟! إننا لا نعيش فى قرية منعزلة عن العالم، ولا أغالى إذا قلت إن هذا التضارب يفقد مصر مصداقيتها أمام المراقبين الخارجيين، ويفسد التحركات الدبلوماسية المصرية، ويبدد الجهود التى تبذلها مصر لاحتواء الأزمة، ويهدد بخسارة قضيتنا العادلة فى المحافل الدولية، وأمام الرأى العام العالمى.