أو.. يمامة بيضا

رشا عبادة
رشا عبادة

رشا عبادة

يقول الطبيب النفسى الذى وزتنى صديقتى بالذهاب إليه بعد أن عالجها من نوبات التفكير بالانتحار كل ثلاثة أيام؛ لتصبح مرة كل شهر،بأن الأشياء التى تحققت كان من الممكن ألا تتحقق لولا أننى أردت تحقيقها!.


عنوان عريض يشبه حكمة «بيضة الفرخة لن تفقس كتكوتًا إلا إذا رضى الديك عنها» لم يسألنى عما أشكو أو لماذا يشكو منى أبنائى وأخوالى وأعمامى وأمى وأخواتى، وعم حسن البقال؟!


لم يقل عبارات سينمائية مثل: «مددى على الشيزلونج، ريلاكس خالص، احكيلى عن طفولتِك»، فقط تنحنح خمس مرات قبل أن يطلب منى استعمال خيالى فى تصور أننى أميرة متورطة بركوب قطار سريع، يوشك على الاصطدام بشىء تجهله لكنها كارثة، قد تؤدى لموت سريع أو بطىء ومؤلم!.


سمعتُ عن العلاج بالصدمة؛ يضعوننا فيه أمام مخاوفنا وجهًا لوجه، لنكتشف بالنهاية أنها وهمًا وأن ما يجعلها ضخمة هو فقط خوفنا منها، لكن ما الذى يمكن أن تفكر فيه أميرة تجلس بقطار يوشك على الاصطدام بشيء تجهله؟

فى محاولة لاشتراك آمن بلعبته قلت:


الخيال يا دكتور لا يلغى المنطق، هو فقط يضعنا أمام الحقائق التى لم نكن ندرك وجودها، ماالذى يمكن أن يورط أميرة بركوب قطار، وكيف لقطار تركبه أميرة أن يصطدم بشىء ما حتى لو كان ضخمًا، ثم لماذا تفكر الأميرة بحل، والخدم والحاشية سيحاولون إنقاذها بالتأكيد؟.. بدا مُصرًا وهو ينظر لسقف غرفة الكشف: 


استعملى خيالِك معايا.


استعمل خيالى معاك ولا مع القطر حضرتك؟


معايا أنا والقطر.


الخيال الجماعى مرهق، ثم أن خيالى أساسًا استعمال واقع أليم وصحته على قده


«الأميرات لا يُجدن الثرثرة» قالها بحسم، فهمهمت بسرى: نعم ياغراب الطب، الأميرات لا يُجدن الثرثرة لكن يجدن ركوب قطار خيالك الكئيب، الذى ورطهن فى اصطدام مفاجىء، يوشك على الحدوث داخل عيادة أمراض نفسية صاحبها مجنون رسمي!.


سألنى وهو يفرد ذراعيه بالتوازى، أمامه باتجاه الشرفة عن مدى شعورى بالخطر الآن؟


فقلتها بنبرة أفلام الكارتون: «الخطر قادم يا صاح، كيف سنتصرف الآن يا عزيزى عليك أن تحملنى «هيلا هُبا» وتقفز من شباك العربة، على الحشائش أوالطين أوكومة ريش نعام نسيها أحدهم بجانب الطريق.


اصطدم خيالى بمخيلته مما جعله يتوقف فجأة ليغير مسار الحادثة وهو يسألنى بحنان:


عايزة تطلعى إيه يا رشا؟


عايزة أطلع من القطر يا دكتور عشان ورايا طبيخ، والغسيل على الحبل. 


لا أقصد فى اللحظة الحالية لو مكنتيش طلعتى رشا، كان نفسِك تطلعى إيه؟


يمامة بيضا قلتها بحماس طفولى تهللت معه أسارير وجهه:


هايل جميل لكن ليه يمامة بيضا بالتحديد؟


الحقيقة يا دكتور بالنسبة لكونها بيضا، فهو من باب أن التفاؤل الأبيض ينفع فى اليوم الأسود، أما لكونها يمامة فعلى الأقل ستستطيع الطيران خارج القطار بينما تجلس الأميرة متورطةً مع الدكتور الذى فشل فى علاجها، بانتظار الاصطدام بشيءٍ ما ضخم تجهله!.