نحن والعالم

دبلوماسية اللقاح 2

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

خلال قمتها الأخيرة فى العاصمة البريطانية لندن، أعلنت مجموعة الـ7، وعلى رأسهم امريكا عن تقديم مليار جرعة لقاح للكورونا للدول الأكثر فقراً خلال العام المقبل. وتأتى هذه المبادرة كمحاولة من دول الغرب للحاق بركب الصين وروسيا واصلاح ما أفسدته سياسة «قومنة» اللقاح التى اتبعوها على مدار أشهر.
ففى الوقت الذى تسارعت الدول الكبار على احتكار اللقاحات الأكثر فاعلية، وحجز جرعات أزيد من حاجتها لتحصين مواطنيها،كما قلت فى مقالى السابق، وظفت الصين وروسيا لقاحاتهما دبلوماسياً وبدأوا فى توزيعها وبيعها بمنهجية مدروسة. فقامت الصين بشحن حوالى 115 مليون جرعة من لقاحاتها لأكثر من 80 دولة، من بينها 53 دولة تلقت اللقاحات مجانًا، فيما دفعت 27 دولة متوسطة الدخل مقابل الجرعات. واستهدفت الصين بشكل رئيسى الدول النامية والفقيرة فى اسيا وافريقيا، مع التركيز بشكل رئيس على الدول المشاركة فى مبادرتها المعروفة باسم «الحزام والطريق». ووفقًا لتقرير مؤسسة Think Global Health، فإن كل اللقاحات المجانية تقريبا ذهبت للدول المشاركة فى مبادرة «الحزام والطريق»، حتى باتت هذه الاستراتيجية تعرف اعلامياً بـ «طريق الحرير الصحى». فى المقابل انتشر اللقاح الروسى فى اكثر من 50 دولة اوروبية، حيث ركزت موسكو بشكل كبير على دول اوروبا الشرقية والبلقان التى لم تتمكن من اللحاق بركب أثرياء الاتحاد الاوروبى وعانت الأمرين من بطء عملية التطعيم ونقص الإمدادات. 
بهذا التحرك الذى بدأ مبكراً أعطت موسكو وبكين دروسًا فى القوة الناعمة لدول الغرب الكبار، فظهرت الصين كقوة دولية سخية ومسئولة، ووضعت موطئ قدم لها فى صناعة الأدوية والعلوم الطبية ونجحت فى تصدير نفسها كـ «حل» لأزمة الوباء بدلاً من ان تكون المتسبب بها، كما تروج امريكا. كذلك نجحت موسكو فى استعادة امجادها واختراق العداء الاوروبى واعطاء الانطباع بأن علومها الطبية تسود الغرب. ويكفى ان لقاحها الذى تتم دراسة انتاجه فى اوروبا اليوم «سبوتنيك» يخلد اسم أول قمر صناعى فى العالم أطلقه الاتحاد السوفيتى عام 1957.