قصة مهندس مصري تصدى للمافيا الإيطالية في نيويورك 

محمد السلاوي
محمد السلاوي

عادة، ينظر إلى الاختلاف عن المألوف بوصفه أمرًا جنونيًا، وما يراه البعض أنه خروج عن النسق العام وجنون، يراه صاحب الفكرة بأنه عين العقل والحل الوحيد للوصول إلى القمة، تلك هي القاعدة الذهبية التي ارتكز عليها المهندس المصري الأمريكي محمد السيد السلاوي. 

«السلاوي» اسم لمع في سماء نيويورك في مجال البناء والتشييد، نافس وتصدي للمافيا التي احتكرت هذا المجال منذ القدم، إلى أن نجح في شق طريقه بالجهد والعرق، أسس شركة للمعدات الثقيلة وصار اسمًا تثق فيه الحكومة الأمريكية وتسند إليه الأعمال الحكومية للبناء والتشييد.  

اقرأ أيضًا: «طالبوا بالتوصل لاتفاق».. ننشر كلمات المتحدثين في جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة

محمد السلاوي من مواليد المدينة الصناعية الكبري المشهورة بمصانع الغزل والنسيج المحلة الكبرى، فكان عليه أن يتبع خطى اللذين سبقوه، الهندسة، والتصنيع، وجهان لعملة، واحدة. 

نشأ في الإسكندرية، المدينة الكوزموبوليتانية التي تجمع في مفهومها بين الكلمة اللاتينية «politês cosmos» وتعني الكون والعالمية، فكان فكره دائمًا مختلف عمن حوله.

عمل منذ صغره في ميناء الإسكندرية شأنه شأن أبناء جيله، وكلل عمله فيما بعد بدراسة الهندسة في جامعة الزقازيق، وتخصص في الميكانيكا والمعدات الثقيلة. 

ولأنه ابن عصر الانفتاح تكسب من عمله الحر في مرحلة الشباب الكثير، ومع أن المال هدف، لكنه لم يكن هو الطموح، التحق بكبري الشركات في ذلك الوقت المقاولين العرب، وبعدما عايش نجاح تلك الشركة وما تحققه على أرض مصر راوده الحلم القديم، ألا وهو النجاح والتميز في النجاح.

عقد العزم على الانطلاق للجانب الآخر من شط الإسكندرية في أرض جديدة ورزق جديد.  

دراسة الهندسة تعتمد على التخطيط الجيد ثم البناء، ووضع السلاوي بالقلم الرصاص مشروع حلمه، فبحث عن الأرض التي يجب أن ينطلق إليها، فكانت الولايات المتحدة الأمريكية، أرض بكر، تسمح بالفرص لكل مجتهد، لم يتعجل السلاوي في تنفيذ حلمه، إنما راح يرسم أولي أهداف الرحلة، فبحث عن بنت الحلال التي يركن عليها في طريق الغربة، لم يفكر في زوجة من أجنبية تمنحه سريعًا الجنسية، بل سعى إلي بنت مصر الأصيلة التي يشهد لها التاريخ بالقدرة على تحمل الصعاب ومساندة الشريك في السراء والضراء، وارتبط بابنه المنوفية التي رشحتها له لوالدته.  

ولأن الزواج يُبنى على الصراحة، كاشفها من اللحظة الأولي بنيته على السفر للبحث عن حلمه، والتقت أحلام ابن المحلة الكبرى مع بنت الريف المصري الأصيل وانطلاقا معا قبل ثلاثين عاما إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يصاحبهما الأمل وتحويشة العمر، وكان الاتفاق المصري الأمريكي، أن تنجب هي الأبناء وتقوم وتنشئتهم النشأة المصرية ويسعى هو للرزق.

عشر سنوات من الجهد والعرق، كان يومه يبدأ من الرابعة صباحاً لينتهي في العاشرة مساءًا، عمل كل شيء ليؤمن قْوت أسرته، أنجبت الزوجة البنين والبنات، حرصت على تلقينهم التعاليم الإسلامية، فكان الزوج يخرج باكرا وفي المساء تروي له السيدة نبيلة قصص الأبناء، ويقص عليها أحداث يومه الشاق، عشر سنوات على هذا المنوال ينتقل من مجال لآخر في تخصصه وهو المعدات الثقيلة يدرس ويراقب ويتعلم من عالمه الجديد. 

بعد إلمامه في كل مناحي عمل المعدات الثقيلة والتي تساهم في التشييد والبناء، قرر ابن هندسة الزقازيق أن يخوض تجربته الخاصة، الخطوة ليست سهلة، هذا التخصص حكرًا في مدينة نيويورك على المافيا وأبناء الجالية الإيطالية، وبالتخطيط الجيد والصبر وقبلهم توفيق من الله، تمكن المهندس محمد السلاوي في شق طريقه وتأسيس شركته، والحصول على العديد من المقاولات لمدينة نيويورك.

ويؤكد «السلاوي» أنه لم يبدأ مشروعه الخاص إلا بعد أن خاض الكثير من التجارب عبر عشر سنوات من عمره بالولايات المتحدة فضلا عن خبرته بوطنه الأم مصر. فهو يرى أن الخبرة هي الفصل الأخير للوصول للقمة، ولا ينكر ابن المحلة الكبرى أن المادة عنصر هام في تحقيق الأحلام، وهوما عكف على تكوينه خلال السنوات العشر التي قضاها في بناء حلمه.  

القاعدة الأولى في مجال البناء والتشييد كما يرويها «السلاوي» تبدأ في امتلاك المعدات ووسائل نقلها، إلى جانب شبكة من العلاقات والاتصالات التي تيسر التعامل مع الشركات الكبرى، وعمليات البناء غالبا ما تتأثر بالمناخ وظروف الطقس، والمعروف أن ولاية نيويورك والمناطق المحيطة بها صاحبة مناخ شديد القسوة في الشتاء والصيف، وأمام الالتزام والحرص على سمعة العمل لا يلتفت المرء لهذه الأجواء، والالتزام توسعت شركة المصري المولد الأمريكي الجنسية لتضم 25 موظفًا. 

ويشير «السلاوي» أنه بعد العمل المضني عبر السنين وبشاير النجاح تلوح في الأفق، بدأت بوادر صعوبات أخرى تظهر في مجال العمل، وهي العثور على قطع الغيار للمعدات الثقيلة، فكان القرار للقضاء على تلك المعضلة، إنشاء مصنع لخراطيم الهيدروليك والاكتفاء الذاتي في هذا المضمار بدأنا بـ1000 خرطوم في العام للاكتفاء الذاتي، والآن ينتج 35000آلف خرطوم سنويًا.

النجاح في المجتمع الأمريكي لا يعتمد على الحياة العملية والمهنية فقط، الجانب الاجتماعي والتطوعي من الخطوات الهامة لبناء العلاقات والاتصالات، لذا حرص المهندس السلاوي على الانضمام إلى الشرطة التطوعية في نيويورك هو أبنائه من الذكور، حيث يقضى 20 ساعة كل شهر للعمل مجانا بنفس قواعد رجال والشرطة وزيهم. ويفخر السلاوي أنه المصري المسلم الذي كان في حراسة البابا تواضروس عندما كان في زيارة الولايات المتحدة.

ويبدي المصري محمد السلاوي استعداده لتقديم يد العون لأبناء الجالية المصرية بالولايات المتحدة ممن يرغبون في خوض تلك التجربة للتصنيع ليمدهم بخبرته التي اكتسبها عبر الأيام

ولأن مصر دائما في الوجدان، وتعيش حاليا طفرة كبيرة في مجال الطرق والمعمار والبناء يعكف المهندس محمد السلاوي مع أبنائه التوسع ي شركاتهم في أم الدنيا مصر.