بينى وبينك

أنا حرة

زينب عفيفى
زينب عفيفى

«أنا حرة » من أجمل الروايات التى تأثرت بها فى بداية حياتى للكاتب إحسان عبد القدوس، أكثر ما جذبنى إليها حينذاك، عنوانها، فالحرية كلمة جذابة تراودنا كفكرة لكسر القيود مجرد أنها قيود! 
الرواية تتناول حياة «أمينة» الفتاة المتمردة على تقاليد المجتمع، تعيش فى بيت عمتها مع زوج عمة، لا يؤمن بحرية الفتاة فى التعليم، أو العمل، أو فى اختيار شريك الحياة؛ مما جعلها ترفض هذه القيود وتثور، وتذهب للعيش مع والدها، الرجل المؤمن بحريتها، يدللها ويسايرها فى الحصول على كل ما تريده ويردد لها دوما مقولة «أنت حرة «.
عاشت البطلة مستقلة بعيدا عن القيود التى فرضت عليها فى بيت عمتها، لتنعم بالحرية التى اكتشفت فى النهاية كما يقول عبد القدوس نفسه: ليس هناك شيء يسمى «الحرية» وأن أكثرنا حرية هو عبد للمبادئ التى يؤمن بها وللغرض الذى يسعى إليه، إننا نطالب بالحرية لنضعها فى خدمة أغراضنا...وقبل أن تطالب بحريتك اسأل نفسك لأى غرض سوف تهبها.. ثم يأتى السؤال على لسان بطلة الرواية بعد أن حققت كل أحلامها المستقلة: هل الحرية فى هذا الفراغ الكبير؟ هل الحرية هى تلك الساعات المشردة الممزقة التى تمر فى حياة الإنسان دون أن تحسب من عمره؟ هكذا كان احسان عبد القدوس يكتب قصصا تبدو عادية وبسيطة، ولكنها تحمل فى طياتها معانى تدعو إلى التفكير وإيقاظ الحواس وإثارة الجدل الداخلى بين الانسان ونفسه. تماما مثلما يحدث حاليا فى العالم، فمنذ عامين ونحن نتوق للحرية، ليست حرية بطلة «أنا حرة « بالتأكيد، وإنما حرية الانتقال من مكان لمكان دون الأخذ بكافة الإجراءات الاحترازية، أمور تبدو بسيطة وعادية لكنها فى الواقع غير ذلك، بل هى قيود خانقة تكلفنا حياتنا، ليس بسبب تقاليد المجتمع وإنما بسبب «فيروس» حير العالم بكل تحوراته وقلب موازينه. لنرى أن الحرية دوما مسألة نسبية.