كتابة

بعد حرب غزة

كتابة
كتابة

  كنت قد ذكرت فى  الأسبوع الماضى  أن القضية الفلسطينية بكاملها، بعد محاولة طرد سكان حى  الشيخ جراح من القدس، لصالح سكان يهود متطرفين بلعبة قانونية تجيدها إسرائيل على مدى سنوات الاحتلال، قد تغيرت – القضية- وانتقلت إلى مرحلة جديدة .
  دفع الفلسطينيون الثمن كاملا وعلى الأخص سكان غزة، وحجم التدمير البربرى ( رأينا جميعا عمارات وأبراج وأحياء يتم محوها فى  ثوان قليلة) وعدد القتلى من النساء والأطفال موثق. وأريد أن أتوقف هنا سريعا عند من يدّعون أن السبب هو صواريخ القسام، بينما السبب الحقيقى  طرد سكان حى  الشيخ جراح. إسرائيل هى  من بدأ بالعدوان كالعادة، ومنذ عام 1948 وإسرائيل هى  التى  تبدأ بالعدوان.
  أشعر بالضيق والملل من اضطرارى  لإعادة سرد الحقائق التى  يصرّ البعض على تجاهلها أو الالتفاف عليها. 
  أريد أن أتوقف عند هتاف الفتحاويين فى  الضفة للقساميين، وأعتبره رسالة وإنذارا شديد اللهجة للقيادة الفلسطينية، سواء فى  الضفة أو غزة، لتجاوز الموقف المخزى، موقف الانقسام وتجاهل إجراء الانتخابات، وكلها أمور لاتحترم إنجاز الشعب الفلسطينى  وتضحياته.
  وإذا كان الانقسام موقفا مخزيا قبل الحرب على غزة، فهو بعدها أشد خزيا بل هو باختصار عار. أكرر عار، لأن القضية ذاتها انتقلت لمرحلة جديدة. فعلى سبيل المثال طوّرت كتائب القسام صواريخها وأصبح فى  الإمكان للمرة الأولى توجيه ضربات موجعة وإحداث خسائر حقيقية، بعد أن اعتادت إسرائيل أن ترتع وتلعب وحدها وبلا رد  وعلى سبيل المثال أيضا ِشارك كل الفلسطينيين، بمن فيهم فلسطينيى  1948 للمرة الأولى منذ سنوات طويلة فى  إضراب عام وتظاهرات ومسيرات واشتباكات مع جنود الاحتلال. وهو مايعنى  بالتأكيد كسر حاجز الخوف واستعادة روح المقاومة، أثمن مايمتلكه الفلسطينيون.
  وعلى سبيل المثال أيضا تم تجميد مشروع التهجير القسرى  لأهالى  حى  الشيخ جراح (هذا ماصرّح به نتنياهو على الهواء فى  التليفزيون). إلى جانب كسر القبة الفولاذية التى  دأب الاحتلال على التهديد بها، ونفاذ صواريخ القسام من بين أنيابها.
  أعيدت القضية التى  كان يتم تجهيز إجراءات دفنها، لصدارة المشهد، وشهدنا عودة الإدانات الدولية، بل للمرة الأولى يحاول بعض أعضاء الكونجرس الوقوف فى  وجه صفقة سلاح بملايين الدولارات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فى  الوقت الذى  عطّلت فيه إدارة بايدن صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار ثلاث مرات، لإطلاق يد إسرائيل فى  تدمير غزة. 
  كل هذه المكاسب دفع ثمنها الشعب الفلسطينى، وواجب السلطة فى  الضفة وحماس فى  غزة الاستجابة وإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات بلا إبطاء.
  غنى  عن البيان أن أى  كلام عن تدمير إسرائيل أو عدم إجراء المفاوضات معها أومناقشة حل الدولتين سيكون محض غباء.كما أن أية عمليات إرهابية من جانب فصائل فلسطينية، ستلحق أبلغ الضرر بالمقاومة. إسرائيل التى  أكرهها أنا وجيلى  باتت حقيقة وتضم ملايين السكان وغير مسموح دوليا بمناقشة حقها فى  الوجود، وهو مايعنى  التفاوض معها. إسرائيل التى  أكرهها أنا وجيلى  هى  الآن فى  أضعف أوضاعها، الأمر الذى  يستلزم إنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات الفلسطينية حتى يكون هناك موقف موّحد.