حكايات الحوادث| العجوزة.. والذئاب الأربعة‎

أرشيفية
أرشيفية

أسدل الليل ستائره وخيم الصمت، بينما ترقد المرأة العجوز، يهتز جسدها النحيل كلما داهمتها نوبة السعال، وفمها الصغير الذي طبقت إحدى الشفتين على الأخرى إطباق من لا يعرف الكلام الطريق إليه، والحزن هو الصديق الوفي، والنديم الذي يشاطرها ساعات الليل، يغفو على وسادتها، يتقاسم الألم معها بسبب الوحدة التي تعيشها.

تردد على سمعها صوت من خارج الغرفة، وبخطوات غير متزنة، تحدق  بعينيها الضيقتين،  وقامتها  المنحنية ترتجف أوصالها، وتضاعف دقات قلبها، وقبل أن تنطق بكلمة واحدة، فوجئت بأربعة ذئاب ينقضون عليها، ويشلون حركتها، بينما أحكم أحدهم قبضتا يديه حول رقبتها حتى  جحظت عيناها التي أغرورقت بالدموع ليس من شدة الألم لكن من قسوة قلوبهم، ولم يتركوها إلا وهي جثة هامدة.

اقرأ أيضا|نقاش يشعل النيران في صاحب كشك بسبب خلافات مالية بينهما بحلوان 

وأسرعوا في بعثرة محتويات شقتها بحثا عن ما خف وزنه، وغلا ثمنه، فلم يجدوا غير ٥٠٠ جنيه، تبادل الذئاب النظرات، واتخذوا القرار، بإشعال النار في الشقة، معتقدين الهرب من جريمتهم الشنعاء، وبسرعة شديدة تعالت ألسنة النار التي  حتى آتت على محتويات الشقة، بينما ترقد العجوز التي تفحمت جثتها، وتمكنوا من الهرب.

انطلقت صرخات الجيران، من هول المشهد، وسارعت سيارات الإطفاء في محاولة للسيطرة على الحريق، وسط بكاء ونحيب الأطفال، بينما كان رجال المباحث الذين يتفقدون المشهد، بأن هناك شبهة جنائية وراء الحادث، وبعمل التحريات المكثفة، تبين بأن المرأة العجوز تعيش بمفردها، وهناك ٤ ذئاب بشرية وراء الواقعة، وبتقنين الاجراءات، وبتفريغ الكاميرات، تمكنوا من تحديد هويتهم، وألقوا القبض عليهم، وبتضييق الخناق اعترفوا بجريمتهم، وأنهم كانوا يقومون بمراقبتها منذ فترة، ووجود مشغولات ذهبية، ونقود، أرادوا الاستيلاء عليها، وما إن شعرت بوجودهم، واتخذوا القرار بقتلها، وإشعال النار في الشقة، لتضليل رجال المباحث، وكي يبدو الحادث قضاءا، وقدر.

تم تحرير المحضر اللازم، وأحالهم اللواء، نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة المرأة العجوز المتفحمة بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبس المتهمين ٤ أيام على ذمة التحقيقات.