«صحى رمضانك» للتهنئة بقدوم الشهر الكريم فى الجزائر

أرشيفية
أرشيفية

«البوقالات» عادة رمضانية فى طريقها للاندثار

«صحى رمضانك» جملة يستهل بها الجزائريون الشهرالكريم، وهو الشهر الذى تمتزج فيه الموروثات والتقاليد بمظاهر الحداثة التى يتميز بها المجتمع الجزائرى.
الجزائر التى تقع فى الغرب من المنطقة العربية، يتميز شعبها خلال شهر رمضان بعادات وتقاليد تعود إلى ما يملكه من تعدد وتنوع ثقافي، حيث تنطلق إجراءات التحضير للشهر الكريم بتنظيف المساجد وفرشها بالسجاد وتزيينها بالأضواء المتعددة الألوان، إضافة إلى تزيين البيوت وفى بعض الأحيان طلاء جدرانها، وتنظيفها بالماء والورد، وشراء مستلزمات الطهي والتوابل، وتنظيم إفطارات عائلية، وموائد الرحمة في الأحياء والمساجد.

وبالرغم من ظروف جائحة كورونا، فيتميز رمضان بالجزائر بالعديد من الأمور الجميلة والمحببة إلى القلب، حيث يمنح الجزائريون اهتماماً خاصاً ببيت القعاد حيث يرمز هذا المكان للكرم والتلاحم خلال الشهر الكريم، وهو الغرفة التي يتم فيها استقبال الضيوف، وتنفرد هذه الغرف باحتوائها على طقم كامل من الزينة التقليدية، كالشورة، ومطارح الصوف، وكذا الستائر، ومجموعة متكاملة من التحف النحاسية الفضية والمذهبة، إضافة إلى الصواني، التي يتم فيها تقديم الشاي الأخضر بالنعناع و الشربات المصنوع من القرفة و ماء الزهر، وكتل من الحلويات التقليدية الذائعة الصيت محليا على غرار قلب اللوز، والقطايف، والمحنشة ومرورا بصبيعات العروسة، والصامصة، وانتهاءً بالزلابية.

ومن الموروثات التى على ما يبدو فى طريقها للاندثار نظراً للتغيير الذى طرأ على المجتمع الجزائرى، (البوقالات)، وهى‏ إرثٌ شعبي عريق يزين السهرات الرمضانية، ولا يمكن أن نذكر السهرات الرمضانية من دون أن نذكر هذه اللعبة الأكثر شعبية بين النساء في الجزائر كموروث شعبي بارز بالنظر إلى الأهمية الكبرى التي يحظى بها هذا الموروث، و كانت في الماضي فوق أسطح القصبة العتيقة أو في وسط دويراتها ومنازهها، ولازالت إلى حد الآن تنفرد بتلك الأهمية بين النساء في اغلب ولايات الجزائر وأن تنوعت أبياتها الشعبية فكلها تدور في فحوى الفأل الحسن والحلم والأمل بين النساء لا سيما العازبات منهن.

كما توجد عادات كثيرة في هذا الشهر الفضيل، منها غلق المحلات التجارية في نهار رمضان بشكل يكاد يكون كاملا، وتبلغ درجة تقديس الجزائريين لشهر رمضان لدرجة أن شخصاً لو أعلن عن فطره في نهار رمضان يعرض نفسه للضرب.

ومن حب وتقديس الجزائريين لهذا الشهر الكريم، أن الأطفال الذين يصومون لأول مرة، تقام لهم احتفالات خاصة تشجيعاً لهم على الصوم وترغيباً في الشهر الكريم ويحظون بالتمييز من أجل دفعهم للمواظبة على أداء فريضة الصيام، وسط احتفال بهيج بصيامهم، ويتم إعداد مشروب خاص يتم تحضـيره بالماء والسكر والليمون مع وضعه في إناء «مشرب» بداخله خاتم من ذهب أو فضة من أجل ترسيخ وتسهيل الصيام على الأبناء مستقبلا، علما أن كل هذه التحضيرات تجري وسط جو احتفالي، بحضور الوالدين والجد والجدة وأفراد آخرين من الأسرة والأقارب.

وتشهد مساجد الجزائر منذ بداية شهر الصيام إقبالاً كبيراً على أداء صلاة التراويح، خصوصا من جانب النساء اللواتي أصبحن ينافسن الرجال من حيث العدد والحضور.


وفيما يتعلق بصلاة التراويح، كانت وزارة الشؤون الدينية قد ألزمت منذ عدة سنوات الأئمة بألا تكون مدة الصلاة أكثر من ساعة، كما حرصت على أن يكون الخطاب مدافعاً عن المرجعية الوطنية، مع حث الأئمة على ضرورة محاربة غلاء الأسعار ومرافقة مؤسسات الجمهورية في محاربة المضاربة، وفضح التجار الذين يستغلون هذه المناسبة الدينية لربح المال، لكن إجراءات كورونا العام الماضى، جعلت الجزائريين يطبقون التباعد الجسدى خوفاً من انتشار الفيروس، حيث قال رئيس اللجنة الوزارية للإفتاء كلاماً لافتاً العام الماضى، وهو «إن أبواب المساجد مغلقة فى الأيام الأولى من شهر رمضان غير أن أبواب عبادة الله مفتوحة لا تغلق ونحن نتعامل مع الله ولا نتعامل مع المساجد»، داعيًا إلى أداء صلاة التراويح في البيوت.
ولليلة النصف من رمضان احتفال خاص حيث يحتفل الجزائريون بهذه الليلة من خلال بعض الطقوس والعادات وطرق خاصة ورثتها الأسر الجزائرية منذ عقود من الزمن.وتعتبر هذه الليلة من كل عام ليلة غير عادية في بيوت الكثير من العائلات الجزائرية والتي تحضر فيها أنواعاً عديدة من الأطباق والمأكولات والحلويات وهي ليلة تتلاقى وتتزاور فيها العائلات والأقارب والأصدقاء.ويعتبر الاحتفال بهذه الليلة تقليداً مميزاً في شهر رمضان بما تختلف به كل منطقة من أصناف المأكولات الشعبية المتداولة في مثل هذه المناسبات.

أما عن الإفطار، فهناك أشكال متعددة للإبلاغ عن قدوم موعده، إذ لم تعد وسائل الإعلام تكتفي بالأذان لإعلام الناس بدخول وقت المغرب، بل لجأ الناس إلى وسيلة إضافية للإعلام بدخول وقت الإفطار، وذلك بالنفخ في بوق داخل التجمعات السكانية في الوديان والقرى.

وغالباً ما يبدأ الإفطار عند الجزائريين بالتمر والحليب، إما مخلوطان معًا أو كل منهما على حِدة، ويتبعون ذلك بتناول الأطباق الرئيسية «الحريرة» (أصلها أندلسى، وهى شوربة تُقدَّم بالبوراك أو المعقودة.) وطبق «الخضار واللحم»، و«الشوربة بالمكرونة» و«البربوشة» و«الكسكسي» (فى الأصل  وجبة قديمة جداً. يصنع الكسكس من طحين القمح أو الذرة في شكل حبيبات صغيرة، ويتناول بالملاعق أو باليد. يطبخ بالبخار ويضاف إليه اللحم، أو الخضار، أو الفول الأخضر المقور، أو الحليب، أو الزبدة والسكر الناعم و«الشخشوخة» (هي أكلة شعبية جزائرية مشهورة وخصوصا في مدينة قسنطينة ومدينة المسيلة ومدن الشرق الجزائري كباتنة وخنشلة وعنابة بسكرة وسطيف وحتى مدن السهوب كالجلفة والأغواط، وتتكون بالأساس من الدجاج والبهارات والبصل) و«الرشتة» (عبارة عن طبق من المكرونة الدقيقة، وغالبًا ما يتم استهلاك هذا الطبق أثناء عيد الفطر، لكنه يتم إعداده بشكل خاص خلال الأعياد الدينية، مثل مولد النبوي أو عاشوراء والاحتفالات العائلية) و«الطاجين». بعد تناول طعام الإفطار، يأتي دور تناول الحلوى، وأشهرها حضوراً في شهر رمضان حلوى «قلب اللوز»، وحلوى «المقروط» و«الزلابية». أما بالنسبة إلى طعام السحور، فيتناول أهل الجزائر طعام «المسفوف» وهو الكسكسي المجفف.

اقرأ أيضا| «زحل» يزين فجر رمضان 2021