وصلة كلام

وداعاً البدري فرغلي

نبيل التفاهني
نبيل التفاهني

في مسيرة الأيام تبرز شخصيات تسجل نفسها فى كتب التاريخ تجاوزت واقعها المحدود افتراضيا سواء من حيث الظروف المعيشية أو القدرات الشخصية العلمية والاجتماعية ويدخل البدري فرغلي رحمه الله فى التصنيف الثانى بعد أن تحول من عامل بسيط للشحن والتفريغ بميناء بورسعيد إلى واحد من أشهر نواب المعارضة الوطنية الشريفة فى تاريخ البرلمان وأسطورة المدافعين عن حقوق أصحاب المعاشات ومسيرة حياة البدرى تبلور قصة قيادية بالفطرة رغم أنه لم يكن من أصحاب المؤهلات الدراسية إلا أنه كان مثقفا على أعلى مستوى ومفوه فى الحديث، وبنى البدرى نفسه من الصفر عندما أصبح رئيس اللجنة النقابية لشركة الشحن والتفريغ، وينطلق من عالمه الصغير داخل شركته إلى عالم السياسة واختار جانب المعارضة من البداية رغم محاولات الحكومات منذ العهد الناصرى اجتذابه إلا أنه رفض وفضل أن يكون دائما حرا فى توجهاته واحتكاكه بالسياسة وقضايا الوطن ودفع ثمن ذلك بأن يكون سجين رأى أكثر من مرة ولم يتراجع عن مواقفه تحت قبة البرلمان ولفتت انتباه الرأى العام فى مصر استجواباته التى كانت الحكومة تعمل لها ألف حساب ورغم سطوع نجوميته فى هذه الفترة لم يتغير البدرى وظل الشخص البسيط يعيش حياته وسط البسطاء ولم يتخل عن المقهى الشعبي الذى يكون جزءا أساسيا من حياته اليومية حتى آخر يوم فى حياته، دافع عن حقوق الملايين من أصحاب المعاشات فى مصر بعد أن كون لهم أول اتحاد يدافع عن قضاياهم وينجح فى الحصول على حكم تاريخى بأحقية أصحاب المعاشات فى خمس علاوت متأخرة وعوائدها المتراكمة كما قاتل بشراسة حتى اعترفت الحكومة بمليارات صناديق التأمين والمعاشات وبدأت فى إعادتها على دفعات وأخيرا رحل البدرى فرغلى، سيرته ستظل باقية، إنسان عاش بسيطا ومات بسيطا ولكنه فجّر عديد من القضايا ومناضل شريف احترمه خصومه قبل أنصاره، وحكاية خالدة.. رحمه الله وجعل كفاحه لخدمة الوطن والناس فى ميزان حسناته.