أزمة «كوفيد19» ليست كلها سلبيات.. «كورونا» حسَّن المناخ البيئى 

المناخ البيئى 
المناخ البيئى 

نقاء الهواء وانحسار ثقب الأوزون وانخفاض الاحتباس الحراري.. إيجابيات انتشار الفيروس ◄ عبد المولى: ارتفاع درجة حرارة الكون يساعد على انتشار الأوبئة والأمراض 
◄ سيد حسن: تأثيراتها مؤقتة نتيجة لخفض الانبعاثات الضارة بتقليل حركة الحياة

فيروس كوفيد 19 كان له آثار عديدة، منها الإيجابى والآخر سلبى، ومنذ انتشاره فى المجتمعات المختلفة، وله تأثيرات وأضحة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وكان من بين تلك  التأثيرات حدوث تغيرات فى البيئة، كانخفاض نسبة التلوث بالهواء ، وهو ما تم تسجيله بالفعل، فضلًا عن انخفاض نسبة الاحتباس الحرارى، وتحسن ثقب الأوزون، وغيرها من التغيرات الأخرى، فضلًا عن التأثيرات السلبية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، وهو ما أكده خبراء البيئة...
الدكتور صالح عزب استشارى التنمية المستدامة، قال إن التأثيرات التى نتجت عن فيروس كوفيد 19 مزدوجة، فهناك تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية، الفيروس ساعد فى كبح النشاط الاقتصادى، فهناك قاعدة تؤكد أن الاقتصاد عدو البيئة، لايوجد نشاط اقتصادى إلا ويصحبه تدهور بيئى، لأن النشاط الاقتصادى قائم على استهلاك الوقود الأحفورى، مثل البترول والغاز والفحم، واستهلاكهم يطلق انبعاثات ضارة للبيئة، وحرق الوقود يطلق ثانى وأول أكسيد الكربون وغاز الميثان وثانى أكسيد الكبريت، وبذلك فجائحة كورونا أثرت على استهلاك الوقود، وهذا أفاد الهواء، والبيئة من حيث تلوث الهواء، مضيفا أن تقليص النشاط الاقتصادى أدى إلى تحسن المؤشرات البيئية سواء للماء أو الهواء أو التربة.
وأضاف عزب قائلا: هناك جوانب سلبية  ناتجة عن جائحة كورونا وهى أن كبح النشاط الاقتصادى فى حد ذاته أدى إلى زيادة انتشار وتعميق الفقر، لأننا فى مصر لدينا 14 مليون شخص من العمالة غير المنتظمة، تأثرت من الجائحة، وغلق أنشطة كثيرة تعتمد على العمالة غير المنتظمة، فزاد الفقر وتعمق، فهناك علاقة طردية بين الفقر والبيئة، كلما زاد الفقر زاد التدهور البيئى، علماً بأن مدينة القاهرة تعتبر ثالث أكثر المدن من حيث تلوث الهواء، ثم كلكتا بالهند ونيو مكسيكو عاصمة المكسيك، فلدينا ما لايقل عن 4 ملايين سيارة تتحرك فى القاهرة يوميًا، كل منها يطلق كميات ضخمة من أول أكسيد الكربون السام القاتل، وثانى أكسيد الكربون الذى يصيب الإنسان بالاختناق..
وأشار استشارى التنمية المستدامة إلى أن نسبة تلوث الهواء انخفضت بشكل ملحوظ على مستوى العالم، وانخفض تدهور طبقة الأوزون واستعادت صحتها، لأنها كانت تدهورت نتيجة تأثرها بالملوثات، مؤشرات الهواء كلها تحسنت بسبب كبح النشاط الاقتصادى.
وعلى صعيد متصل، يقول الدكتور عبد المولى إسماعيل باحث فى مجال البيئية والتنمية إن فكرة الأوبئة المستمرة، قائمة وستسمر، لأن هناك خللا كبير حدث فى التوازن البيئى، والتنوع البيولوجى، والإخلال البيئى يحدث من خلال نقل كائنات من بيئتها الطبيعية لبيئة أخرى صناعية، على سبيل المثال فى الدنمارك يوجد ألف مزرعة تنتج من خلالها حيوان المنك، هذا الحيوان يستخدموه فى إنتاج الفرو، وبالتالى عندما يقومون بإيجاده فى بيئة صناعية غير بيئته الحقيقية والطبيعية له، يعتبر ذلك إخلال فى التوازن، وقانون التوازن البيئى بأكمله، وهناك كائنات حية كثيرة تنقرض وأخرى تتخلق، وبالتالى المشكلة فى طبيعة نظام الإنتاج القائم على المستوى العالمى فى فكرة استغلال الثروات الطبيعية والبيئية بشكل كبير يؤدى إلى إحداث خلل فى التوازن البيئي، وبالتالى إحداث للتنوع البيولوجى، فالكون متوازن بشكل دقيق جدا، وأى خلل به يؤدى إلى هذه الكوارث، فمثلا القيام بحرق غابات الأمازون، لإنتاج الخشب أو الغاز الحيوى، هذا يعنى تدمير بيئات كان يتعايش عليها كائنات معينة هى التى تقاوم مثل هذه الفيروسات، وبالتالى تدمير هذا المستودع البيئى أو الوعاء والحيز البيئى تبرز الكائنات الأخرى التى كانت تتغذى فى عوائل أخرى كانت تقاومها، وبالتالى تحولت إلى هذا النوع من الأوبئة، وأكد قائلا: الخلل فى البيئة بشكل عام، يأتى من خلل السلسلة الطبيعية، فهى خزان حيوى لامتصاص جميع المشكلات البيئية وإعادة إنتاج الأكسجين وإعادة إنتاج دورة الحياة وبدون هذه الخزانات الحيوية يحدث خلل فى السلسلة الخاصة بإنتاج دورة الحياة بشكل عام، وبالتالى تبرز الأوبئة، وبالطبع هذا الخلل أحدث ارتفاع لنسبة ثانى أكسيد الكربون فى الجو وارتفاع الغازات الدفيئة والوقود مثل غاز الميثان وثانى أكسيد النيتروجين، وهذا أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجو، وسبب مشكلة كبيرة فى المناخ.                                                                        
ونصح إسماعيل للمحافظة على البيئة وإعادتها لطبيعتها، فإنه يجب ترك الكائنات فى أماكنها الطبيعية، وعدم استخدام أساليب مستحدثة، تقضى على الطبيعة البيئية، ولمواجهة الآثار السلبية للبيئة، لابد من الرجوع إلى الزراعة القائمة على التنوع  البيولوجى أو الزراعة الحيوية فى مقابل إلغاء مايسمى بالزراعات الأحادية، مضيفا أنه من الجوانب السلبية لجائحة كورونا وجود المخلفات الطبية من جراء انتشار الفيروس، مع زيادة استخدام المنتجات البلاستيكية، فلابد من القضاء على كل هذه الظواهر، حتى نستطيع استعادة وضع البيئة مرة أخرى.
وطالب إسماعيل بضرورة الالتزام بالمعايير البيئية التى تم الاتفاق عليها فى باريس، فيما يتعلق بإنقاص درجة حرارة الكون، لأن ارتفاع درجة الكون تؤدى إلى نمو بيئات جديدة تساعد على انتشار الأوبئة والأمراض المختلفة على الصعيد الدولى.                                                   
وأكد ضرورة وجود رقابة على المعايير البيئية المستخدمة فى كل دولة، وأن يكون هناك مراجعة دورية ورقابة على الصعيد الدولى، خاصة أن أكبر دولتين ملوثتين على مستوى العالم أمريكا والصين،  ولايلتزمون بأية معايير، وكل الدول الصناعية هى الأكثر تلويثًا للبيئة فى العالم، والدول الفقيرة هى الأكثر استقبالًا للملوثات.
كما يؤكد الدكتور سيد حسن خبير تغير المناخ والبيئة على أن تأثيرات جائحة كورونا الإيجابية مؤقتة، والتى نتجت عن نقص أنشطة المصانع، الذى ساعد على تقليل الانبعاثات الضارة على البيئة، من خلال تقليل الأنشطة، خاصة فى المصانع والطاقة، وقطاع النقل، لانخفاض أعداد العاملين فى الدولة، وتأجيل الدراسة، ولكن هذا التحسن مؤقت، وفى المقابل هناك أضرار كثيرة، منها الأضرار الاقتصادية، لأن وسائل نقل المنتجات بها مشاكل، وبالتالى أثرت على العوائد التى تأتى من هذه الوسائل، فهناك شركات أعلنت إفلاسها، ماعدا الأنشطة المتعلقة بالتصنيع الزراعى والصناعات الغذائية، لكن أغلب المنتجات الأخرى تأثرت اقتصاديا. وأضاف حسن أن جائحة كورونا أثرت على الأنشطة المتعلقة بمتابعة المناخ، التى تم تأجيلها بسبب انتشار الفيروس، وعدم فاعلية الفعاليات  التى تتم عن طريق الأون لاين، وفقدانها لجزء كبير من تأثيرها، فضلًا عن تأثر البحث العلمى، لأن به بعض الأمور لا تتم إلا من خلال المباشرة، خاصة الأنشطة العلمية التجريبية، التى تحتاج للتفاعل المباشر، وتقليل الباحثين يعتبر تأثير سلبى له نتيجة على الناحية البحثية والإنتاجية.
وأشار خبير تغير المناخ والبيئة إلى أن المنافع المؤقتة للجائحة هى تقليل الأنشطة الإنتاجية الخاصة بالمصانع والصناعة وبعض الخدمات مثل قطاع النقل، فكان لهم الأثر الكبير فى  تحسن البيئة نتيجة لخفض الانبعاثات الضارة الناتجة من هذه الأنشطة.

اقرأ ايضا|«الرجم بالحجارة» و«الحرق أحياء».. مفكرون دفعوا حياتهم ثمنًا لاختلاف الرأي