عبد الرحمن فوزي.. هداف مصر الذهبي بـ«المونديال»

عبد الرحمن فوزي
عبد الرحمن فوزي

أن تلعب لأحد ناديي القمة حلم يتمناه مئات اللاعبين بمصر لكن أن تجمع بين قمصان «الأهلي والمصري والزمالك» لهو الجبروت الكروي والقدرات الخارقة، ومن هنا كان «عبد الرحمن فوزي» من القلائل الذين جمعوا بين «الشيطنة الكروية والفن والهندسية والسمسمية».

لعب «عبد الرحمن» لناديي المصري والزمالك، واحتفظ بلقب صاحب أول هدف للاعب أفريقي في بطولات كأس العالم، بل وصار هداف الفراعنة في المونديال على مر التاريخ برصيد هدفين أحرزهما في كأس العالم 1934 بإيطاليا، واختير ضمن فريق العالم.

ففي 11 أغسطس 1909 شهدت مدينة بورسعيد مولد عملاق الفن والهندسة، عبد الرحمن فوزي، وفي مدرسة بورسعيد الابتدائية انطلقت الشرارة الكروية الأولى له فلعب في صفوف فريق النيل ببورسعيد، والذي كان نواة لتخريج لاعبين للنادي المصري، حيث كان يلعب هذا الفريق بالدرجة الثانية، ولعب به 3 سنوات.

وفي زيارة لسكرتير النادي المصري موسى أفندي لفريق النيل، عام 1926، انبهر بأداء الطفل الصغير فسارع بضمه للفريق، وبالفعل ينجح «عبد الرحمن» عام 1927 حين سجل هدفين في أول مباراة له ضد الأجانب ببورسعيد، ويخرج بها المصري فائزًا.

أمام رحلة التميز، اختير للعب في دورة أمستردام عام 1928 لكن شاءت الأقدار أن يلعب محمد حسن بدلا منه، وعلى مدار 4 سنوات (1928 – 1931) احتفظ بموقع مميز في المصري خلال مشوار دوري القناة، لكن انتقال أسرته عام 1932 إلى القاهرة، دفعه للعب ضمن فريق مدرسة السعيدية الثانوية.

مرت الأيام سريعًا، واختاره الكابتن مصطفى كامل منصور ليلعب مع الأهلي، في العام الأول لوجوده بالقاهرة، وبالفعل لعب موسم واحد مع الأهلي، وبناء على رغبته ورغبة العائلة عاد إلى المصري، بعد خلافات كبيرة بين المصري والأهلي.

ويحكى عن «عبد الرحمن» أنه كان يلفت الأنظار إليه بقوة تسديداته التي اشتهر بها وكان يتدرب عليها منفردا قبل المباريات بوضع إحدى الكرات في بركة ماء لساعات طويلة يخرجها بعدها ليجدها ثقيلة ووزنها ضعف الوزن القانوني ويتدرب عليها لتقوية عضلات قدميه، وبعدها يتدرب على الكرات العادية فيجدها خفيفة جدًا، ويسجل العديد من الأهداف بسهولة.

ولأن الكرة تعطي من يحترمها، اختير «عبد الرحمن» عام 1934 للعب مع منتخب مصر في كأس العالم بإيطاليا ضد المجر، وأحرز هدفين، وانتهى اللقاء 4/2 لصالح المجر، وأمام هذا التألق تم اختياره كأفضل جناح أيسر مهاجم في كأس العالم 1934، وأيضا ضمن منتخب العالم.

بعد ذلك انتقل من النادي المصري إلى «المختلط» - الزمالك حاليًا»، عام 1935، وكان حسن باشا رفعت محافظا للقناة (بورسعيد) يعمل وكيلا لوزارة الداخلية، وكان صديقا لمحمد حيدر باشا رئيس نادي الزمالك، وتم ضمه للقلعة البيضاء ولعب له حتى 1944.

لعنة الإصابة حرمته من المشاركة في الدورة الأولمبية 1936 ببرلين، ليأتي عام 1947 شاهدًا على اعتزاله كرة القدم، ويبدأ رحلة جديدة مع التدريب، بعد رحلة طويلة داخل الملاعب لاستقامته التامة وحرصه الزائد على المران.

واشتهر «عبد الرحمن» باستيقاظه في الخامسة صباح كل يوم ليمارس السباحة لمدة ساعة كاملة، ثم يؤدي بعض التدريبات، قبل أن يقوم بالعدو لمسافة 9 كيلومترات، وبعد الظهر يؤدي مرانه مع الفريق أو يلعب المباراة، سواء كانت رسمية أو ودية.

رحلة التفوق ظلت داخل وخارج المستطيل الأخضر، إذ تم اختياره عام 1954 لتدرب المنتخب المصري، وشارك في تدريب الزمالك واكتشف جيل الخمسينات بالزمالك علاء وشريف وعصام وأبو حسين، بعد أن لعب بنفسه مع جيل عبد الكريم صقر وحنفي بسطان وزقلط ولطيف بالزمالك.

على المستوى التدريبي، كان النجم البورسعيدي أول من صعد بالمحلة للدوري الممتاز، وتدريب المنتخب السعودي، وعام 73/74 درب الزمالك ونال أعلى مرتب يناله مدرب حينها بـ150 جنيهًا شهريًا، ثم درب أقدم نادي في مصر «السكة الحديد»، وعُين مشرفًا عامًا على فرق الناشئين بالزمالك، وكذلك مستشارًا فنيًا للرياضة بوزارة الشباب حتى خرج للمعاش.

لم ينس الزمالك أبدًا قيمة هذا اللاعب البورسعيدي فكرمه بإطلاق اسمه على الصالة المغطاة، وعين مستشارًا للنادي حتى وافته المنية في 16 أكتوبر 1988، تاركًا خلفه تاريخًا طويلا مع كرة القدم المصرية، و7 أبناء بينهم (ضابط ومهندس وطبيب ومحامي)، وثلاث فتيات.