الاغتيالات السياسية «4»| الزواج الكاثوليكي يقتل «أمين باشا عثمان» وزير المالية

«أمين باشا عثمان» وزير المالية
«أمين باشا عثمان» وزير المالية

تستمر «بوابة أخبار اليوم» في عرض الحلقة الرابعة من ملف الاغتيالات السياسية، عبر تاريخ مصر، وفي حلقة اليوم نستعرض واقعة اغتيال أمين عثمان باشا، 5 يناير،عام 1946، وزير المالية المصري في حكومة الوفد، ورئيس جمعية الصداقة المصرية، البريطانية. 

 

«مولده وحياته»


ولد أمين عثمان في 28 نوفمبر عام 1898 بحي محرم بك في الإسكندرية، وكان والده يعمل سكرتيرًا عامًّا لبلدية الإسكندرية، وتلقى تعليمه في كلية ڤيكتوريا بالإسكندرية، حيث كان متقدمًا في دراسته بها فكان بارزًا على أقرانه، وحصل على شهادة البكالوريا عام 1918، ثم حصل على شهادة الآداب مع درجة الشرف في التشريع، وسافر بعدها إلى إنجلترا في عام 1920 ليدرس القانون بجامعة أكسفورد.


كان لتربيته وتعليمه دور في تشكيل شخصيته، فقد نشأ منذ صغره في أحضان التعليم الإنجليزي في مصر، ثم أكمل تعليمه في جامعات إنجلترا، وهناك تعرف على الليدي كاترين جريجوري البريطانية وتزوجها. ما جعله يحظى في جميع مراحل حياته بحب الإنجليز. ولقد أثارت نشأته الإنجليزية هذه حوله النقد الكثير، ووضعته في مواقف حرجة انتهت به إلى اغتياله، هل كان يعمل لصالح الإنجليز كلية، أم كان مصريًّا مرنًا استغل مرونته أو استغل المسئولون مرونته لصالح مصر فأساء نقاده فهمه؟

«أسباب اغتياله»


قام النحاس باشا بتعيين أمين عثمان وزيرًا للمالية فى يونيو 1943، إلى أن استقالت حكومة النحاس، أو بالأصح أقيلت حكومته هذه وفى هذه الفترة، أنشأ أمين عثمان نادى النهضة واتخذ مقرًا له بالعمارة رقم 14 بشارع عدلى فى القاهرة، وفى هذا النادى قال تصريحه الشهير بأن علاقة مصر ببريطانيا مثل الزواج الكاثوليكى لا طلاق فيها، ومن المؤكد أن دراسته فى إنجلترا وتشبعه بالثقافة الإنجليزية كانت وراء قناعته بهذه العلاقة، هنا تقرر اغتيال أمين عثمان، بسبب علاقته الوثيقة بالإنجليز وصداقته مع لورد كيلرن.
 

اقرأ أيضا| الاغتيالات السياسية «3»| قصة قتل «أحمد ماهر باشا» على يد «العيسوي»

اغتيال «أمين عثمان باشا»


في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء السبت 5 يناير،عام 1946 حين وقفت سيارة أجرة أمام المنزل رقم 14 بشارع عدلى بوسط القاهرة، ونزل منها أمين عثمان باشا، وزير المالية السابق بوزارة حزب الوفد، وحسب كتاب «المحاكمة الكبرى فى قضية الاغتيالات السياسية» عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة» يذكر مؤلفه «لطفى عثمان»، أن «عثمان» ولج باب العمارة فى طريقه إلى نادى «الرابطة المصرية البريطانية» التى يرأسها، وبرز شخص كان مترصداً له بالقرب من الباب الخارجى للعمارة، وأطلق عياراً نارياً عليه فسقط غارقا في دمه، ثم خرج القاتل وسار فى الشارع ويداه فى جيوبه، ولم يلبث أن شعر بالناس يتجهون نحوه فأسرع الخطى قليلا، ثم أخذ يعدو متجها نحو ميدان الأوبرا «وسط القاهرة»، وشهر مسدسه فى يمينه وظل يطلقه هنا وهناك.


أوشك مطاردوه أن يلحقوا به، فألقى عليهم قنبلة يدوية فانفجرت وأصابت شظاياها بعضهم، مما أجبر الباقين على الكف عن تعقبه، وهكذا اختفى القاتل، ووفقاً لـ«لطفى عثمان»: «لم يستغرق كل هذا القتل والمطاردة وإلقاء القنبلة أكثر من عشر دقائق»، وأجريت له عملية استخراج للرصاص، لكنه توفى فى الساعة الرابعة صباح يوم 6 يناير.

«التوصل للجاني» ومكافأة 5 آلاف جنيه


بعد الحادث أعلنت الحكومة عن مكافأة خمسة آلاف جنيه لمن يدلى بمعلومات عن الجانى، وكان «توفيق باشا أحمد» وكيلا لوزارة المواصلات، وكان مشهوراً بالشدة والصرامة، وحدث أن طرد أحد موظفى وزارته لسوء سلوكه «عبدالعزيز الشافعى أفندى»، وكان هذا الموظف يعرف حسين توفيق بصفته ابن رئيسه ويعرف عنه عداوته وكراهيته الشديدة للإنجليز، وانضم هذا الموظف إلى الرابطة المصرية البريطانية، أملاً فى الوصول، وشاءت الظروف أن يلتقى حسين توفيق قبل الحادث بأيام واقفاً أمام مقر الرابطة بشارع عدلى، حيث كان يدرس مكان العملية، فحياه هذا الموظف وتبادل معه حديثا قصيرا انصرف بعده حسين توفيق.

وفور الإعلان عن مكافأة الخمسة آلاف جنيه، توجه الموظف إلى البوليس وأبلغ أن القاتل هو حسين توفيق، فتوجه ضباط الأمن السياسى إلى الفيللا التى يقيم فيها بضاحية «هليوبوليس» فى الساعة التاسعة والنصف، أى بعد الحادث بثلاث ساعات ونصف، وكانت الأسرة تجلس على مائدة العشاء، وبتفتيش الفيللا تم العثور على أسلحة مخبأة ومفكرة يوميات تحتوى على عبارات عدائية ضد الإنجليز وأعوانهم، وعنوان الرابطة المصرية البريطانية.
 
تم القبض على «حسين» وشقيقه «سعيد»، واقتيادهما بهما إلى النيابة، ويذكر «لطفى عثمان»، أنهما أنكرا فى تلك الليلة ارتكابهما للجريمة، وقال حسين، إنه لم يذهب إلى دار الرابطة إلا مرة واحدة فقط ليأخذ فكرة عنها وعن مبادئها، ولما سئل عن كيف بدأ حياته السياسية، أجاب: «أعجبت فى أول الأمر بالحزب الوطنى، وحضرت بعض اجتماعاته فى مكتب الأستاذ فتحى رضوان المحامى، وأحيانا فى مكتب على منصور، وكنت أتردد على الأحزاب الأخرى كحزب مصر الفتاة وغيره لآخذ فكرة عنها».