تساؤلات

حو حسين بايدن

أحمد عباس
أحمد عباس

أذكر أن ذلك كله حدث تباعًا فى تسع ساعات متتاليات..
فلما حطت الطائرة بخفة ومهارة طيار رئاسى حصيف، فى المهبط الخلفى بقاعدة مطار النزهة، يوم الرابع من يونيه للعام ٢٠٠٩، تابعت المشهد بنفسي، كنت فى زيارة لإجراء احدى صيانات سيارتى بمركز خدمة واقع على محور جوزيف تيتو المواجه للمطار.
حطت الطائرة بهدوء شديد فى ذاك النهار، وخرج بعدها موكب الفارس الأمريكى «النبيل» يجوب شوارع القاهرة التى كانت قد خلت تمامًا من المارة، أو السيارات. القاهرة تستقبل أول رئيس أمريكى من أصول عرقية إفريقية مسلمة، واسمه باراك حسين أوباما، سيسعى بلا شك لإحلال السلام فى الأرض، كل الأرض، وهكذا قال الإعلام المحلى والعالمى حينها.
دخل الموكب قصر القبة العريق، وترجل الفهد الأسود برصانة من سيارته، درجات قليلة وثبها برشاقة مُلفتة، ليصافح الرئيس الأسبق حسنى مبارك، كان لم يمض على وفاة حفيده الأول أكثر من شهر، ولازمته أعباء الفقد، وبان عليه العُمر، فبدا أسدًا عجوزًا، أرهقته النزائل والشدائد، تمامًا كما حال الدولة المصرية حينها. رحب الرئيس الأسبق بالرئيس السابق، واجتمع به ٤٠ دقيقة كاملة، ثم توجه بعدها إلى مسجد السلطان حسن دُرة عمارة القاهرة الفاطمية، بصحبة وزيرة خارجيته آنذاك، ومُرشحة الرئاسة فيما بعد بسنوات، هيلارى كلينتون، لفت الوزيرة رأسها برداء خفيف بالكاد ستر شعرها، وخلع النبى الأسود حذاءه على عتبة المسجد احترامًا لمشاعر المسلمين، ذلك أنه بالطبع جاء لتخليصهم.
أنهى أوباما الرسول زيارته للمسجد، ثم راح يصول ويجول على خشبة مسرح جامعة القاهرة، كانت الخطبة وفاءً لوعده أثناء حملته الانتخابية بأن يوجه رسالة إلى المسلمين من عاصمة إسلامية، لإصلاح ما أفسده غزو العراق وأفغانستان فى سنوات مريرة.
فيما بدأ خطبته بتحية الإسلام «السلام عليكم»، ونطقها باللغة العربية، وتبعها بالآية القرآنية فى سورة الأحزاب «اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا».. ثم وخلال جلسة التخدير تلك، ذكر أوباما الرسول من سورة المائدة: «أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»، وتبعها بآية من إنجيل متى «هنيئًا لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يُدعونَ».
ثم نمنا جميعا يومها هانئين مطمئنين، لكن النومة طالت، طالت جدًا. تعرف ماذا حدث بعدها!
أفقنا على دماء عربية مسلمة ومسيحية فى أنحاء العالم العربي، ومشردين، وقتلى، ونازحين، ولاجئين، وأراض عربية مُحتلة.. أقول ذلك لكل الذين ينتصرون للسيد چو بايدن، ويدعون له بالانتصار، كما لو أنه چو حُسين بايدن.. وأكرره لكل الذين ينتظرون اعلان الرئيس ترامب رئيسًا لفترة جديدة، والله لن ينقذنا أحد، والله لن ينصرنا أحد إلا أنفسنا.