إنهــا مصـــــــر

شــــىء مـــــن الخــــــــــــوف

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

ابنى وابنتى وزملائى وأصدقائى وكل من حولى، خائفون من وباء ملعون، لا يعرف أحد من أين يأتى ولا متى ينتهى، وتتغير أعراضه من يوم لآخر، ومن شخص لآخر.
خائفون، لأن كل واحد وحظه.
فالبعض أصابه الوباء وشفى منه دون أن يعلم، وظن أنها مجرد أنفلونزا، ولو علم لانهارت مناعته وساءت حالته.
والبعض يتماسك ويقاوم، وتزوده الرغبة فى الحياة بقوة قادرة على التغلب على الفيروس، فيشفى بعد معاناة وإنهاك، وبعد أن يرى الموت يقترب ثم يبتعد.
أما سيىء الحظ، فهو الذى تنهار مناعته، فيشتد عليه الفيروس ويحطم رئتيه، ويجعل أيامه الأخيرة عذابا لا يطاق، فيتمنى الموت عن الحياة، فيستجيب عقله لمطلبه، لينقذه بالموت من العذاب.
خائفون، لأن أسماء كبيرة ولامعة، وتتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر وعدم الاقتراب، ويغسلون صابونة بصابونة كما يقول المثل، ولكنهم أصيبوا.
لا فرق عند كورونا بين ساكنى القصور وقاطنى العشش، ولا بين البيه والبواب، ولا الأمير والخفير، ولا امرأة بسيطة وأخرى هانم.
العدو خسيس وجبان ومحتال ومراوغ، ويسير فى الأرض والفضاء والسماء كالشبح، فلا يراه أحد ولكن يشعر بقوته التدميرية حين يقتحم الصدور.
من حقنا أن نخاف، لأن الرئيس الأمريكى ترامب صاحب التصريحات الفولاذية والتصرفات العنترية خائف مثلنا، ويظهر أمام الكاميرات مرتبكاً ومهتزاً، وإذا كان هذا حال رئيس أكبر دولة فى العالم، فماذا نحن فاعلون؟
كورونا أقوى من الطائرات والصواريخ والعقول الإلكترونية والحواسب الآلية، ولا يزال الفيروس حتى الآن صاحب الكلمة العليا والقرار النافذ، والعلماء الأفذاذ فى العالم لا حول لهم ولا قوة.
خائفون ولكن يجب أن يكون الخوف إيجابياً وليس سلبياً.
إيجابياً بأن يجعلنا متيقظين ومحافظين على أعلى درجات الحرص والتعقيم واتباع الإجراءات الاحترازية.. وبعد ذلك نقول «يا رب استرها».
أما الخوف السلبى، فهو الذى يدمر المناعة ويهد الجسم ويشعر صاحبه بأن طريقه إلى الموت أقرب منه إلى الحياة، فيقضى الفيروس على نفسيته قبل أن يدمر رئتيه.
وليس بيدنا إلا أن نصدق ما يقال لنا:
الأكل الجيد والنوم الجيد والفواكه والخضراوات والفيتامينات وقليل من الرياضة والجلوس فى الشمس ثلث ساعة يومياً.
غسل الأيدى طول الوقت وارتداء الكمامة واستخدام المطهرات الكحول والكلور والجيل، وخلع الأحذية على الباب وتركها حتى يتم مسحها بالمطهرات.
عدم الخروج إلا للضرورة القصوى لتقليل احتمالات الإصابة، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، والحرص على البعد الاجتماعى أثناء العمل أو قضاء المصالح.
رفع درجات الانتباه، فمن يشعر بفقدان حاستى الشم والتذوق، فهذا معناه أن الفيروس لم ينزل بعد إلى الرئتين، ويبدأ العلاج فوراً.
عدم الاستهتار والاستخفاف، لأن نتائج ذلك وبالا ، ونأخذ كل شىء بجدية وحزم، ولا نسمح لأحد مشكوك فى إصابته أن يقترب منا أو يختلط بنا.
نفعل كل ما نستطيع، فالجلوس فى البيت أفضل مليون مرة من البهدلة بحثاً عن سرير فى مستشفى، ومن يذهب لمكان مشكوك فى إصابته، سيعود حاملاً للعدوى، لأن كورونا تستوطن مثل هذه الأماكن.
خائفون، ولا نملك إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء أن يزيل الله الوباء والبلاء «ليس لها من دون الله كاشفة».

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي