حروف ثائرة

عتاب ألمانى للرفض الناصرى !!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

زيارة مهمة تلك التى يقوم بها حاليا الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى ألمانيا على هامش قمة «العشرين  - أفريقيا»  تزداد أهميتها لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى.. ويدرك الجيع جيدا أن الرئيس لا يتأخر عن أى ملتقى دولى يفيد أفريقيا.. وما أكثر تلك الملتقيات الان حول العالم إدراكا بأهمية القارة السمراء باعتبارها منجم ثروات واقتصاد بكر واعد.
لكن لو تحدثنا عن العلاقات المصرية الألمانية نجد أنها ذات طبيعة خاصة جدا.. من زمن وليس الان فقط.. وألمانيا لمن لا يدرك أهميتها تقود أوربا خاصة فى المجالات الاقتصادية.. والطريق الذى تسلكه ألمانيا تسير خلفها كل دول القارة العجوز بلا تردد.... اقتصاديا وبالطبع سياسيا بناء على القوة الاقتصادية.. مع التقدير للدور الفرنسى والإنجليزي!
وعلى المستوى الاقتصادى بين مصر وألمانيا لا نتحدث فقط عن الميزان التجارى والاستثمارات.. إنما عن كافة المكونات الاقتصادية.. فمحطات الكهرباء العملاقة بمصر والمصانع والزراعة والنقل وتكنولوجيا المعلومات.. هناك تواجد ألمانى قوى.. أما على المستوى السياسى.. فيكفى برلين أنها تقريبا العاصمة الأوربية الوحيدة التى لم تتآمر على مصر 30 يونيو.. ولم تتربص بها وتحاول إسقاطها.. بل العكس تماما.. وقفت ألمانيا بذكاء افتقدته قوى عظمى أخرى عديدة مع مصر بعد ثورة 30 يونيو.. ولنراجع لقاءات الرئيس السيسى والمستشارة ميركل وعددها ونتائجها. ولم نعلم يوما أن ألمانيا طلبت من مصر فاتورة على مواقفها معها!
ولمن يريد أن يعلم قدم تلك الطبيعة الخاصة.. أذكر قصة سمعتها من أكثر من مسئول ومواطن ألمانى.. يذكرونها بعتب شديد لمصر والرئيس جمال عبد الناصر.... ففى أوائل ستينيات القرن الماضى وألمانيا الغربية تعيد بناء دولتها بعد تدميرها بالحرب بحثت حكومة برلين وقتها عن دولة وشعب تثق فيه وفى اندماجه سريعا مع الألمان لتجنيس شبابه ليكون شريكا فى إعادة بناء ألمانيا الجديدة.. فوقع الاختيار وبلا تردد على المصريين.. وأفضت الحكومة إلى الرئيس عبد الناصر بتلك الرغبة.. لكن كان موقف ناصر غريبا وربما ناتجا عن سوء فهم للطلب الألمانى.. فقد رفض مؤكدا أن مصر أولى بشبابها.. وهو ما فسره البعض خوف ناصر أن يعمل شبابنا فى المهن الدنيا وهو ما لا يليق بهم كما سمعت من الألمان رغم أن برلين أكدت أنهم سيعملون مهندسين وأطباء وبكافة المجالات.
امتص الألمان صدمة رفض ناصر وأقبلوا على مضض  - على حد تعبير الألمان - على أنقرة طالبين الشباب التركى وهو ما رحبت به تركيا فورا.. الان هؤلاء كونوا مجتمعا تركيا داخل ألمانيا ناهيك عن قوتهم فى توجيه السياسة والاقتصاد الالمانى إلى بلدهم الأم.. ورغم امتعاض الألمان من المتاعب التى يسببها مواطنوهم من أصل تركى الا أنهم يخضعون لمطالبهم.
هاهى المساندة الألمانية لمصر الان بكل تلك القوة.. ترى ماذا لو لم يرفض الرئيس ناصر طلبهم.. أعتقد أننا كما يقال بالبلدى «كنا فتحنا القاهرة على برلين»!!

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي