القارئ وأنا

الوحــــل

إسلام دياب
إسلام دياب

«تمشى الهوينا كما يمشى الوجى الوحلُ» هكذا وصف الأعشى الشاعر العربى حبيبته فى معلقته الشهيرة ليصف جمال مشيتها.. ينطبق هذا الوصف فى زماننا ولكن ليس لوصف الجمال بل لوصف القبح الذى يظهر جليا فى فصل الشتاء ولكن بعيدًا عن نظر المسئولين لأن أقدامهم لا تطأ القرى والنجوع والمراكز لأنها أماكن ليست محورا للشو الإعلامى ولكنها قدر المحرومين من السير فى الطرقات التى يكسوها التراب ويغطيها الإهمال لتتحد الأمطار مع الأتربة والرمال وتصبح خليطا عجيبا من «الوحل» يبدأ المارون فيه فى التراقص على إيقاع حزين غير متناغم من الحركات وقد تنتهى الرقصة الحزينة بسقوط الشخص يكسو الطين جسده وملابسه..
وإذا كان هذا الحال فى أماكن لا يمر بها المسئولون، فلقد وصل الحال فى أسوأ حالاته فى المدن وللأسف الراقية والشوارع الفاخرة التى غرقت من هطول الأمطار وأودت أسلاك الكهرباء التى أبت ألا تشارك فى هذا المصيف المجانى وأودت بحياة الأطفال وغرق السيارات والمبانى والتجمعات المائية فى الشوارع والميادين الرئيسية وإغلاق الأنفاق ومطالع الكبارى على الرغم من علم الجميع أن الأمطار قادمة وغزيرة وتحتاج إلى خطة لمواجهتها ولكن الحكومة لم تجد سوى أن تجعل يوم هطول الأمطار إجازة لطلاب المدارس والجامعات فى القاهرة الكبرى حتى يستمتعوا بهذا المنظر الجميل من خلال رؤيته بالنوافذ.
تحذيرات مستمرة توجهها الصحف ووسائل الإعلام كل عام لمطالبة الحكومة والمحليات بوضع خطة عاجلة لمواجهة الأمطار والسيول ولكن لا حياة لمن تنادى لتكرر رغم مرور الوقت الكافى مأساة القاهرة الجديدة وغرقها العام قبل الماضى.. إلى متى يستمر فساد المحليات ومجالس المدن؟! والذين لا يحركون ساكنا وغياب المحافظين ونوابهم ومعاونيهم الذين تجدهم فى أول توليهم المسئولية يقطعون الطرق ذهابا ومجيئا للظهور الإعلامى الذى يتابعهم أملًا فى تغير الأحوال إلى الأفضل.. ولكن يبدو أن ظهورهم ليعرف أقاربهم ومعارفهم أنهم تولوا منصبا ولكن لا يستحقونه.. فيا ليت أن يقف الوحل عند اتساخ الأقدام والملابس وألا يمتد للضمائر والعقول.