قضية ورأى

ولكم هتفنا صغاراً: تحيا مصر.. عاشت سوريا

نادر رياض
نادر رياض

 أشهد الجميع أنى ما كنت يوماً من رجال السياسة ولا أنتمى للنادى السياسى ولست من رواد المقهى السياسى، كما أنى لا أعرف أين يقع الشارع السياسى. كل ما هناك أن الاعتداء التركى على شمال سوريا والجرائم الإنسانية المصاحبة له وكذا تلك الأحداث ليست بالبعيدة بمجلس الأمن والتى أبرزت أن هناك نزاعاً دولياً محتدماً حول سوريا الصامدة أظهر نفسه سافر الوجه فيما يمكن تسميته بالشأن الأمريكى - السورى والشأن الروسى - السورى والشأن الإيرانى - السورى والشأن التركى - السورى والشأن الخليجى - السورى والشأن الكردى - السورى والشأن الداعشى - السورى والشأن الإسرائيلى - السورى.
ولكن ماذا عن الشأن المصرى السورى؟
عادت بى الذاكرة لسنوات الصبا حين أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا وأصبحنا نهتف فى طابور الصباح بالمدرسة الإعدادية مرددين تحيا الجمهورية العربية المتحدة رافعين أيدينا بتحية العلم، ونظمت الرحلات الطلابية لزيارة سوريا حيث شاركت فى إحداها لمدة أسبوعين ذهاباً وإياباً بالطائرة لزيارة سوريا بإقامة كاملة بالمدارس السورية بقيمة عشرة جنيهات مصرية لا غير، سعدنا فيها بدفء العلاقة وحفاوة الطلاب السوريين على صغر سنهم وسننا، بينما تدوى فى أسماعنا أغانى الوحدة ومنها أغنية صباح من الموسكى لسوق الحميدية، وشاهدنا كيف تمزقت صدورنا الصغيرة ونحن فى التعليم الثانوى لواقعة انفصال مصر عن سوريا، إلا أن تحية العلم بقيت على حالها «تحيا الجمهورية العربية المتحدة» وكيف خرجنا إبان الانفصال فى مظاهرات طلابية نحن طلبة مدرسة الأقباط الكبرى الثانوية نحمل على أكتفانا زملاءنا من الطلاب السوريين أذكر منهم الزميل غسان لنهتف وراءهم من المحيط الهادر(ى) إلى الخليج الثائر(ى) لبيك عبد الناصر (ى)، ومرت بى الذاكرة على محطات كثيرة بداية من المواطن الأول شكرى القوتلى الرئيس السورى الذى تنازل عن الرئاسة للزعيم جمال عبد الناصر بمحض إرادته وإرادة شعبه مروراً بمحطات أخرى منها وحدة الهدف والمصير - وحدة التوجه العربى المشترك - اتفاقيات الدفاع المصرى السورى المشترك انتهاء بمحطة التنسيق المصرى السورى الكامل فى حرب 1967 وكيف سال الدم المصرى والدم السورى فى نفس اللحظة والتوقيت انصهاراً وراء وحدة الهدف.
وهناك مشهد لن يغيب عن ذاكرة جيلنا يوم أن رفع السوريون الزعيم جمال عبد الناصر بسيارته من فوق الأرض فى أول زيارة له لدمشق رئيساً للجمهورية العربية المتحدة.
إن مصر الماضى والحاضر والمستقبل ارتبطت وسترتبط دوماً بسوريا الأمة والشعب والمحتوى الثقافى و الإنسانى التى ما برحت يوماً وجدان الشعب المصرى رغم كل الأنواء والعواصف التى استجدت على الساحة فى مراحل لاحقة.
وها أنا أنتهى بالمحطة الأهم والتى نحياها الآن ألا وهى أين مصر الآن من الشأن المصرى السورى وقد أحدقت بسوريا المحن من كل جانب وتربص بها الذئاب والضوارى وراغبى هدم الدولة وتقسيم المصالح والأغنام فيما بينهم.
بنو الحمى والوطن إن لمصر الدور الأهم والأسمى بلا منازع فى الشأن السورى، إذ أن مصر مبرأة عبر الزمان والمكان من أية أغراض أو مصالح فقد كانت مصر على الدوام القاسم المشترك فى وحدة المصير وتوحيد الصف العربى ورأب الصدع والبعد عن المكائد والتآمرات وهى بهذا تحظى بمكانة الأخ الأكبر التى لا يدانيها فيها أى من الجهات الأخرى كافة.
إنى أطالب بمشروع مصرى وطنى التوجه والهوية لقيادة تجمع دولى يدرأ الخطر عن سوريا ويحميها من التقسيم، ويوقف نزيف الدم فوراً وإدخال المساعدات الإنسانية وخروج الميليشيات الدخيلة والعودة لوحدة الصف السورى تحت حكم الدولة لتظل سوريا دولة موحدة ذات سيادة على أراضيها بالكامل بعد أن انتهكت حرمة ترابها الكثير من البيادات الأجنبية والميليشيات العميلة، كما أن الاعتداء العسكرى على السيادة السورية على أراضيها هو استصراخ للضمير العربى والعالمى للتصدى لانفلات بعض الدول والجنوح للبلطجة المسلحة تحت ادعاءات لا أساس لها من القوانين الدولية مثل حماية أراضيها والادعاء بوجود شريط حدودى وهمى ومدعى به يكفل حقوقا مؤقتة تتحول إلى دائمة لدولة على حساب جارتها، وكفانا فوضى وبلطجة ينزلق إليها الدول الصديقة وأشباه الصديقة ومن تتخذ الإسلام شعاراً وهى أبعد ما تكون عن ذلك.
وإننى لعلى يقين أن مشروع قرار مصرى بهذه المقومات سيلقى إجماعاً دولياً نظراً لمكانة مصر واكتمال حيدتها التامة ووقوفها فى منتصف المسافة بين جميع الأطراف وعلى وجه الخصوص أمريكا وروسيا وفرنسا.
وها أنا أردد من جديد ما هتفت به صغيراً تحيا مصر.. وعاشت سوريا، والوحدة فإن فضت عرواها سياسياً فهى باقية فى وجدان الشعب المصرى والشعب السورى عبر الزمان والمكان.
< رئيس مجلس الأعمال المصرى الألمانى