ذكرى النكبة الـ70| «من تونس لليابان».. مناضلون من أجل القضية الفلسطينية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ظلت القضية الفلسطينية على مر السنين الطويلة من النضال، أيقونة ورمز لم يتوقف عند حدود فلسطين فقط بل امتد ليشمل العالم أجمع، فالكيان الصهيوني لم ينجح في فرض وجوده على الجميع، فكما اعترف ورحب به البعض رفضه وقاوم وجوده كثيرون.


اعتبرت قضية فلسطين، قضية كافة العرب، وصارت راية فلسطين و«الكوفية» يزينون الشوارع، تنوع نضال بعض أبناء الشعوب العربية ما بين تقديم المساعدات المادية أو المعنوية وما بين التظاهرات الغاضبة لإيصال صوتهم للعالم، ولم يكتفوا بذلك فقط بل قدم العشرات حياتهم فداءا لتلك الأرض المغتصبة، فسطروا أسمائهم بحروف من نور. 


ولأهمية القضية، استطاعت جذب الكثير من المتعاطفين حول العالم وليس العرب فقط، فرأينا صحفيين وأدباء ونشطاء غرب حملوا على عاتقهم تلك القضية وحاربوا لأجلها تاركين أوطانهم وأهلهم إرضاءً لضمائرهم.


وبينما تستعد دولة الاحتلال بالاحتفال بيوم «إقامتها» أو ما نسميه نحن العرب «النكبة»، تستعد أيضا لحدث تاريخي مشين وهو نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.


نستعرض في هذا التقرير أبرز الوجوه المناضلة من العرب والأجانب، الذين اتخذوا من قضية فلسطين قضية عمرهم، ومنهم بالفعل من قضى نحبه دفاعا عنها ومنهم من كان مصيره السجن.


محمد الزواري


هو مهندس تونسي، وعضو في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس الفلسطينية.


أشرف الزواري على مشروع تطوير صناعة الطائرات بدون طيار في وحدة التصنيع في كتائب القسام، والتي أطلق عليها اسم أبابيل1.


اعتبرته إسرائيل عدوا لها وذلك لدوره في تطوير الطائرات بدون طيار التي استخدمتها حماس في قصف بعض المناطق داخل إسرائيل في 2014، فقررت وضع تحركاته –بواسطة مخابراتها- تحت المراقبة وهو في بلاده.


وفي 15 ديسمبر 2016، وبينما كان الزواري يستقل سيارته اعترضت طريقه سيارة وبدأ شخصان آخران بإطلاق النار عليه بـ20 رصاصة ثمانية منها استقرت في جسده وثلاثة منها كانت قاتلة على مستوى الصدر والرأس، مستخدمين أسلحة مزودة بكاتمات صوت.


عمران كيلاني مقدمي


مناضل تونسي آخر، اختار أن يستكمل تعليمه بسوريا ومن هناك بدأت رحلة نضاله ضد قضية لطالما ظلت في وجدانه عالقة.


كان دائما يتحدث عن فلسطين باعتبارها وطنه الثاني وقضيتها قضية كافة العرب، في نهاية عام 1987 اندلعت الانتفاضة الأولى، وفي مطلع 1988 بادرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بتنظيم حركة من خيرة كوادرها ومقاتليها تحت اسم قوة إسناد ودعم الانتفاضة لتنفيذ عمليات  ضد العدو الصهيوني وكان عمران واحدا من أبرز كوادرها.


في أعقاب اغتيال القائد الفلسطيني أبو جهاد خليل الوزير في تونس وتوجيه أصابع الاتهام لتونس، تقدم عمران إلى قيادته بطلب لتولي عملية الرد على اغتيال الشهيد أبو جهاد الوزير حيث كان رافضا لتلك الإهانة الموجهة لبلده، فأقدم على التحضير لعملية فدائية بإحدى المستعمرات بهضبة الجولان.


وفي 29 إبريل 1988، انطلقت مجموعته إلى مستعمرة دان القائمة أقصى شمال هضبة الجولان في زاوية الحدود الفلسطينية اللبنانية السورية، حيث اقتحموا موقعا عسكريا ودار اشتباك عنيف قتل خلاله 9 من جنود الاحتلال وأسر جنديين، بالإضافة إلى استشهاد عمران وزملاؤه.


فرانكو فونتانا


«قد أموت ولا أرى تحرير فلسطين، ولكن أبنائي أو أحفادي حتماً سيرون تحريرها، وعندها سيعرفون قيمة ما قدمته لهذه الأرض الطيبة».


نموذج مثير للدهشة والإعجاب الشديد، فقد ترك كل شيء وراءه وذهب إلى حيث أراد إنصاف الحق والعدل، فباع كل أملاك والده وتبرع بها للمخيمات الفلسطينية ثم بدأ رحلة نضال انطلقت من لبنان.


إنه الإيطالي فرانكو فونتانا، أو «جوزيف إبراهيم» والذي وصل إلى لبنان عام 1969 ومن هناك، قاتل في الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وظل في لبنان حتى 1982، حيث انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية، ثم عاد إلى إيطاليا.


عاد جوزيف إلى لبنان ليزور الأماكن التي اشتاق إليها، لكنه أصيب بجلطة في المخ تسببت في وفاته، وبينما تدخلت سفارة بلاده لنقل جثمانه، فوجئ الجميع بتركه لوصية أوضح فيها رغبته في أن يدفن في مخيم اليرموك أو عين الحلوة.


كوزو أوكاموتو


«أحمد الياباني»، أو هكذا يطلق عليه، هو مناضل ياباني لم يشغله شيئا سوى النضال من أجل فلسطين.


في أواخر مايو عام 1972، قام كوزو مع اثنين آخرين من أبناء بلده اليابان، باقتحام مطار اللد، وقد أسفر الهجوم عن قتل حوالي 26 إسرائيلياً وجرح عشرات آخرين.


رحل زميليه في الحادث بينما كتبت له النجاة ليقضي 13 عاماً داخل سجون المحتل يعذب وينكل به قبل أن يتم الإفراج عنه في صفقة تبادل أسرى. 


راشيل كوري


ذكرى حية ستظل في ذهن الإنسانية إلى الأبد، فمنذ 15 عاما شهدت فلسطين إبان الانتفاضة الثانية عملا غير إنساني يضاف لسجلات العدو الذي لم يعرف الإنسانية قط.


راشيل كوري، ناشطة حقوقية أمريكية، ذهبت إلى قطاع غزة في 2003 ضمن حركة التضامن العالمية، وحاولت منع القوات الإسرائيلية من هدم منازل الفلسطينيين، لكنها لقيت حتفها تحت جرافة عسكرية إسرائيلية قصدت دهسها أمام أعين العشرات وأمام الكاميرات لتوثق جريمة جديدة لسجلات دولة الاحتلال.