«قم للمعلم وفّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا».. قصيدة شعرية تربيت عليها الأجيال القديمة، لمعرفة قيمة المُعلم، حيث قام أمير الشعراء أحمد شوقي بتشبيهه بالرسل، نسبة إلى أهمية الرسالة التعليمية التي يوصلها للطلاب.
بدأ التعليم من قديم الأزل بـ"الكُتاب"، وهو المكان الأساسي لتعليم الأطفال حفظ القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، ولكن الآن تغيرت مواصفات المُعلم مع مرور الوقت، بعد أن أخذ المُعلم مهنة المُدرس على أنها مهنة تجارية مُربحة، فأصبح المُعلم يتعامل مع الطالب على أنه "سلعة" يقوم بتسعيرها يوم بعد يوم.
بدأ ظهور الكتاتيب في الدولة الإسلامية منذ العصر الأموي، أما في الحضارات السابقة وجدت كتاتيب ملحقة بالمعابد الفرعونية، وعرفت باسم «مدرسة المعبد» وكانت تمنح شهادة للدارس تسمى كاتب تلقى المحبرة، وفي العصر المسيحي استمرت الكتاتيب أيضا لتعليم أجزاء من الكتاب المقدس والمزامير.
عُرف معلمي الكتاتيب بالمؤدبين والمشايخ ويساعدهم العرفاء، واقتصرت مناهجها على القرآن والحديث ومبادئ القراءة والحساب، وتحمل أولياء الأمور نفقات تعليم الأبناء به ولكنها لم تحظى بالرعاية الكافية من جانب الحكومات ودخلت الكتاتيب في منافسة شرسة وغير متكافئة مع دور الحضانة والمدارس، وأصبح دورها مساعد وليس أساسي في العملية التعليمية وتمتاز بالبساطة.
التحق خريجي الكتاتيب المصرية بالمعاهد الأزهرية وبهم بدأ محمد علي باشا نهضته التعليمية في مصر الحديثة، حيث كان المعلم قديماً، ذو هيبة بين طلابه ووسيلة إيضاح لمحتوى الكتب الدراسية، حيث لا يستطع الطالب الاستغناء عنه، كما كان يهتم بالظهور أمام الطلاب في مظهر يليق بمهنة التعليم، فيقوم بقص شعر الرأس وارتداء الزي المناسب والابتعاد عن ارتداء الملابس المقلدة لموضة العصر، فضلًا عن التزامه بآداب السلوك سواء مع زملائه من المعلمين أو الطلاب أنفسهم، حتى يرسخ مبدأ التعامل بالأخلاق الحميدة في نفوس الطلاب.
كانت تتميز المدارس قديماً بالالتزام الدراسي، وبرغم اختلاف ثقافات ولغات الشعوب إلا أن الملابس المدرسية تشابهت إلى حد كبير، والتي كانت أغلبها عبارة عن "مريلة وقميص"، باستثناء بعض الدول الخليجية مثل السعودية - التي ارتدى طلابها الجلباب.
أما الآن فأصبحت المدارس أشبه بالمنتجعات السياحية، وانقسمت بين التجريبي والخاص والعالمي، ولكل مدرسة سعرها الخاص بها، فأصبحت تجارة وليس مكاناً للتعليم وصناعة المستقبل، بدليل على انتشار "الدروس الخصوصية"، فهذا تأكيداً على عدم تقديم المعلومة التعليمية كاملة للطالب داخل المدرسة مما يؤدي إلى احتياجهم للدروس الخصوصية، التي أصبحت محاسبتها بـ"الساعة".