عن عائلة مصرية أتحدث

مصر الجديدة

أيام الدراسة فى الجامعة عرفت من هو العالم الكبير مصطفى سويف استاذ علم النفس ومن هى الأستاذة الكبيرة فاطمة موسى زوجته. أقرأ لهما ولا ألتقى بهما فذلك الوقت كنت فى الإسكندرية. فى القاهرة فى أوائل الثمانينيات ظهر الشاب علاء سويف ابن الدكتور مصطفى والدكتورة فاطمة فى الحياة الأدبية وقد أقام دار نشر بلا مقر لنشر الأدب الجديد. اختار أعمالا لصنع الله ولأصلان البساطى ومستجاب وعملا لى هو الرواية القصيرة «ليلة العشق والدم». تعطلت الدار بعد ذلك لكن ظل اسمها بين الأدباء والحركة الأدبية مذكورا. ثم حدث أن دعيت لسهرة فى منزل الدكتورة فاطمة موسى. لم أر زوجها العظيم الذى كان بالخارج. كان معنا العظيم فتحى غانم ولتلك اليلة حديث يطول من الضحك والثقافة طبعا. كنت نشرت روايتي «لا أحد ينام فى الاسكندرية» التى أبدت الدكتورة فاطمة إعجابها الكبير بها وقالت لى اكتب كتير لأنه بعد الأربعين يكون الكاتب قد نضج نضجا كبيرا. كنت تعرفت قبل أن التقى بالشاب علاء سويف بالمحامى أحمد سيف وسط الحركة اليسارية وكان قد تزوج من الدكتورة ليلى سويف ابنة الدكتورة فاطمة موسى والدكتور مصطفى سويف وأخت علاء وأهداف سويف. دفع أحمد سويف ثمن معارضته سجنا واعتقالا ثم أصبح مديرا لإحدى الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان. صرت التقى الدكتورة فاطمة موسى فى هيئة الكتاب تشرف على إصدارات مسرحية عظيمة على رأسها مجلد فخم هو «قاموس المسرح» فضلا عن ترجماتها للأدب العالمى. ثم التقيت بأهداف سويف بعد أن وصلتنا رواياتها الرائعة التى حجزت مكانها فى الأدب العالمى. ثم كان اللقاء مع أخت الدكتورة فاطمة. اعنى الدكتورة والطبيبة ليلى موسى. وهكذا صرت أعرف كل العائلة. تمر الأيام ولا أدرى أن هذه العائلة العظيمة تزداد حتى سمعت بأسماء «علاء عبد الفتاح» ابن أحمد سيف الإسلام أيام وقفات التضامن مع القضاء وعرفت أن له مدونة باسم «علاء ومنال» التى هى زوجته ثم سمعت اسم أختيه « منى « والأصغر « سناء» فيما بعد بين الناشطين فى ثوة يناير وما بعدها. العالم يستمر والدنيا لا تقف. علاء الآن محبوس على ذمة قضية تتعلق بقانون التظاهر الذى صدر يوم وقفة أمام مجلس الشورى بعد أن اتهم مرة من قبل ظلما أيام أحداث ماسبيرو وحبس ثم أفرج عنه. وسناء الأصغر قبض عليها مرة لأنها وقفت عند الاتحادية تحمل لافتات مع غيرها ضد قانون التظاهر وخرجت فى عفو عام ثم وجدت نفسها فى قضية أخرى تتعلق بتيران وصنافير. رفضت الحديث إلى المحقق فاعتبر ذلك إهانة قضاء وأدينت بستة أشهر سجنا. الذى ينظر حوله يدرك أن الحبس المفتوح هو القاسم المشترك الأكبر فى قرارات النيابة والمحاكم. بالطبع قد لا يكون مقررا كذلك حتى لا أجد نفسى فى قضية إهانة للقضاء ، لكن تكرار الحبس المفتوح على هذا النحو الكبير للأ سف يغرى بالظن بذلك. صارت العائلة العريقة تفتقد من جيلها الأخير اثنين من أكثر الناشطين حركة من أجل أهداف ثورة يناير. علاء المدون الذى قام بدوره كما يجب فى التدوين قبل وبعد ثورة يناير التى يتغنى بها النظام ، محبوس مثل غيره من شباب الثورة. وسناء الصغيرة التى نزلت أول هذا العام وحدها إلى ميدان التحرير ترتدى زيا عليه « 25 يناير مش حننسى» اتهمت بحيازة منشورات تقول ان تيران وصنافير مصرية ثم اتهمت حين رفضت الكلام بإهانة القضاء وعادت إلى السجن. هذه عائلة قدمت الكثير لمصر فى الثقافة والأدب والعلم وجاء منها جيل يحمل هم الوطن فانفتحت له الزنازين.