مصر الجديدة

للسماء دائما أبواب مفتوحة

إلى من يمكن أن أتوجه بالحديث اليوم. تأخذنى الحيرة فى الحديث هنا عن هذا الشاب الصغير ، عمرمحمد ، الذى هو فى سن الثالثة والعشرين وطالب فى كلية الهندسة قسم عمارة بأكاديمية طيبة. قبض عليه صدفة مع أصحابه حيث كان المطلوب القبض على شخص آخر ، لكن الذين قبضوا عليه اتصلوا بمن يهمه الأمر أنهم وجدوا عمرمحمد وإسراء محمد الطويل مع الشخص الآخر فقيل لهم أن يأتوا بهم. كان من حسن حظ عمرقبل ذلك بسنوات أنه من خريجى الثانوية العسكرية ، وقد تم تكريمه من قبل القوات المسلحة بتعيينه للعمل كرسام «أوتو كاد» فى مصنع للقوات المسلحة بحلوان. كان ذلك وهو فى سن السادسة عشرة. كان قد أصيب فى وجهه من أثر حادث ، ويوم القبض عليه كان على موعد مع الطبيب لاستكمال علاجه. كان من حسن حظه كما قلت من قبل أنه يعمل فى مصنع للقوات المسلحة مع دراسته إلا أن ذلك انتهى به إلى محاكمة عسكرية ، هو الذى يعلن كل من عرفه على صفحات الإنترنت أنه لاعلاقة له بالسياسة ، وهو الذى كان ينتظر الإفراج عنه كما قيل له. لقد أفرجت المحكمة المدنية عن إسراء الطويل لكن كان للمحكمة العسكرية فى عمر رأى آخر. لقد تم الحكم عليه بخمس وعشرين سنة. عمر مثل غيره يعانى من المرض ونومه على الأرض لا يساعد فى شفائه من أوجاع الظهر ولا البواسير ولا الناسور. فقرات ظهره وأعصاب أطرافه العليا تزداد ولم يتم العملية التى كان يزمع إجراءها فى وجهه أصلا. بعيدا عما نشر وينشر عن تعذيبه ليعترف بما لا يعرفه وبعيدا عن قوله أنه وقّع فى النيابة على أقواله وهو مغمى العينين لايرى ماهو مكتوب مطمئنا إلى ماسمع من المحقق من أن «أنت ولد هلاس وحتطلع «. وبعيدا عن كون ذلك ينشر من زمان هنا وفى الخارج من فضلك ، فإن عمر حالة مرضية وحالة إنسانية فهو الأخ الوحيد لثلاث بنات وأمه فى الخمسين من عمرها تعانى من أمراض القلب وحالتها تسوء يوما بعد يوم. ومن أيام كانت حملة فى الإنترنت مطالبة بالإفراج عن عمر وكتب عنه كتاب من كل نوع. متشددين وعقلاء. وعلى رأس العقلاء الصديق الجميل الدكتور محمد فتحى الذى كتب هنا فى « الأخبار» مذكرا السيد الرئيس بوعده فى استمرار الإفراج عن دفعات أخرى من الشباب بعد الدفعات الثلاث التى شهدها العام السابق. وأنا لست بمتشائم ، رغم أن مجلس الشعب لن يناقش قانون التظاهر ولا الحبس المفتوح وهما السبب فى كل مايحدث من غم فى المجتمع والحياة إلا بعد أن تنتهى مدته ، مدة المجلس أعنى !. لست بمتشائم لأن المحاكمة العسكرية لايزال فيها درجة النقض التى لم تكن موجودة من قبل. لكن أسأل نفسى حائرا إلى من أتوجه بكلامى. للسيد الرئيس.. لكن أيضا للسيد وزير الداخلية لبحث الحالة الصحية لعمر محمد. وأعود للسيد الرئيس لأقول له أنا من المؤمنين بأن أرواح الناس إذا ضاعت لايمكن تداركها وتظل تطارد المجتمع. لن أترك الحديث يأخذنى لأسماء كثيرة. فقط هو عمر محمد الآن من جوانب إنسانية لا أكثر ولا أقل. أتمنى على الله ولايكتر على الله أن يدرس الرئيس حالته وأن يشمله عفو قريب. من يدرى فللسماء دائما أبواب مفتوحة إذا أُغلقت أبواب الأرض. وأختم بكلمة والدته «عمر اللى كان على طول بيضحك ما بقاش بيعرف يضحك كان عنده أمل أنهم هيتأكدوا أنه مالوش فى حاجة ويخرجوه اتفاجئ إنها قلبت غم»، يردد عمر فى كل زيارة له :اعملوا أى حاجة، حاولوا تخرجونى بيها..