قلم ووطن

حتي تهدأ إسرائيل ؟

 إسرائيل  وتركيا في احتياج إلي بعضهما البعض».. تصريح نُشر بالـ»جورزاليم بوست» في 02 يناير 2016، والذي لا يعتبر مجرد بداية حقيقية لعودة العلاقات بين البلدين، ولكنه يُعد مؤشراً لتوافقات وتنسيقات تركية/ إسرائيلية، حيث لم تحقق تركيا أي نتائج علي الأرض لصالح القضية خلال أكثر من (5) سنوات مضت مليئة بالشعارات الجوفاء التي لم تحقق شيئاً حقيقياًعلي الأرض، وتنسيقات تركية/ أوروبية/ أمريكية، وتركية/ فلسطينية ولكي أكون أكثر دقة (مع حركة حماس تحديداً) من جانب، وأخري إسرائيلية/ عربية من جانب آخر.. فالحدود المصرية الإسرئيلية يهددها الإرهاب المسلح منذ ثلاثة أعوام، ويحضرني ما جاء في موقع جريدة «ذا تايمز أوف إسرائيل» بشأن اتخاذ خطوات جدية نحو القضية الفلسطينية مقابل السماح للقوات الجوية الإسرائيلية استخدام مجالها الجوي لضرب إيران.

ربما تكليلاً لما سبق قام وزير الخارجية المصري بزيارة رام الله في مايو الماضي للقاء القيادة الفلسطينية كمقدمة لزيارته للقدس مؤخراً «لتفعيل قرارات الشرعية الدولية والسلام سعياً لإيجاد حل يضمن احترام حق الآخر في الحياة في السلام والاستقرار والعيش في دولتين إسرائيلية وفلسطينية بجانب بعضهما البعض» وهو ما جاء بالحرف علي لسان سامح شكري خلال زيارته للقدس كمقترح من الرئيس السيسي من أجل القضاء علي الإرهاب والصراعات بالمنطقة والذي حاز قبولاً من «نتنياهو» الذي أكد علي ضرورة التوصل إلي سلام يرتكز علي مبدأ (دولتين لشعبين).. وهو ربما الأمر الوحيد الذي أعلنت روسيا رفضه في هذا الصدد مصرحة «متمسكون بدولة فلسطينية مستقلة» وطبقاً لإعلان مندوب روسيا الدائم بالأمم المتحدة يوم الثلاثاء الموافق 1 يوليو 2016، وبصفة روسيا عضواً فعالاً بالرباعية الدولية لحل القضية الفلسطينية (رغم عدم تحقيق تلك الرباعية أي نجاحات علي الأرض) وكما ورد بموقع روسيا اليوم ظهر العاشر من يوليو 2016، فجديرٌ بالذكر أن روسيا ولأول مرة لم تبد أي اعتراض رئيسي آخر تجاه التحرك الإيجابي نحو السلام بين مصر وإسرائيل ارتباطاً بالقضية الفلسطينية.

ما يحدث لا شك مثير للجدل والدهشة، ليس فقط لكم الفشل في محاولات حل القضية الفلسطينية السابقة وآخرها المبادرة الفرنسية والتي سبقت المبادرة المصرية بفترة قليلة جداً ولكنها قوبلت بعد اهتمام من الأطراف.. علي صعيد آخر هناك من يبارك عودة العلاقات التركية الإسرائيلية ويعتبرها حكمة وفطنة (إردوجانية) في الوقت الذي يجرم فيه التحرك المصري الإيجابي تجاه إسرائيل ارتباطاً بالقضية الفلسطينية والعكس صحيح.. وهناك أيضاً من يغالي في توقعات المبادرة المصرية مقابل من يحط منها ويتنبأ بإجهاضها قبل بدئها.. ولكن علينا أن نلتمس العذر لمن يتوقع فشل المبادرة أو لا يتقبل فكرة السلام في حد ذاتها، فإسرائيل عودتنا أنها لا تجيد سوي الحرب والمراوغة والخداع وإيذاء الغير، مما يجعلنا لا نتعجب من كثيرين ربما لديهم نفس الطباع، فالـ»السلام» فكر وعمل ومعاملة وبناء وليس كل إنسان ولا كل نظام دولة يمكنها التعايش مع مكونات السلام.. ولا شك أن نتائج السلام مع إسرائيل لن تتساوي مع نتائج الحرب معها.

ورغم ما سبق فلا يغيب عن أيً منا أن هدف إسرائيل في المنطقة العربية لن يتغير بل ربما يمتد لاحتلال عدة دول عربية، والذي قد يوضع كاحتمال قائم حالة نشوب حرب بين إسرائيل ودولنا العربية وهي في هذه الظروف الاقتصادية والأمنية والاجتماعية المتردية.. وحتي في حالة إقرار الحل السلمي للقضية الفلسطينية وجب أن نتذكر  استمرار تل أبيب في بناء المستوطنات، وما أعلنته مؤخرا عن خططها لتشييد (800) وحدة استيطانية جديدة علي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يبقي أن نتفهم أن هناك تهديدين رئيسيين شديدي الارتباط في منطقة الشرق الأوسط الآن، وهما (الإرهاب) و(الحروب الأهلية)، واللذان قد ساعدا علي حدوث التغير الواضح في ملامح خريطة النفوذ الإقليمي للمنطقة، والتي تظهر فيها السعودية وإيران وتركيا وإسرائيل ومصر، تلك الأخيرة التي تأخذ دورها الإقليمي (جًبراً) بطبيعة موقعها الجغرافي وتاريخها السياسي والعسكري المرتبط بالعديد من الأزمات ربما أهمها القضية الفلسطينية، والتي لو تم حلها بالفعل كما يتصور العديد من المراقبين الدوليين ولو بشكل مؤقت، سيكون لها كبير الأثر في التحرك الإيجابي لحل الموقف السوري والذي قد يمتد لبؤر الصراع الأخري بالمنطقة، مما سيعيد ولو جزءًا من الاستقرار المأمول للمنطقة.