جرائم الإخوان الإلكترونية

والخطر كل الخطر أن نقف موقف المتفرج أو المتردد، بل يجب أن نكون فى سباق مع الزمن لمحاصرة هذه الكتائب الإلكترونية

تبًا  لجماعة إرهابية خائنة، تبًا لجماعة لا خلاق لها، تبًا لجماعة جبانة مارقة، تبًا لجماعة تخلت عن كل الأخلاق والقيم الإنسانية، تبًا لجماعة تُربى أبناءها على الخيانة والكذب، على السباب والفسوق والفجور، على التقية المقيتة، على التلون والخداع، جماعة تحالفت مع كل قوى الشر، بل هى كما أكدت ولاأزال أؤكد أنها على استعداد أن تتحالف مع الشيطان نفسه، بل ربما لأن الشيطان قد ضمن انحرافها مضى فى سبيله يبحث عن إغواء آخرين ممن لم ينضموا إليها ليلحقهم بها أو يجندهم لها، وإنى لأشهد الله أنى أعرف أناسًا لا يُعرفون لا بصلاح ولا بتقوى، ولا بتدين حقيقى، ولا حتى بحرص على أداء الفرائض، بل إن بعضهم مضيع للفرائض والأصول، غير متعفف عن الحرام، وقد ركبوا مركب النفعية للإفادة من الأموال التى تضخ على هذه الجماعة، أو طمعًا فى مكاسب دنيوية أخرى.
غير أن الخطر الداهم الشديد أن ما يعرف بالميليشيات والكتائب الإلكترونية لهذه الجماعة الإرهابية تبذل كل طاقتها وتنشط نشاطًا ملحوظًا على مواقع التواصل وفى شراء مساحات واسعة بها وبكثير من وسائل الإعلام العالمية بتمويلات مشبوهة من دول ومؤسسات رعاية للإرهاب ودعمه وإيوائه.
لقد لجأت هذه الجماعات الإرهابية ومن يسيرون فى ركابها أو يدورون فى فلكها إلى التركيز على مواقع التواصل بعد أن نفد رصيدها فى الشارع وسقطت سقوطًا سياسيًا ومجتمعيًا وأخلاقيًا ذريعًا.
ومما لا شك فيه أن ما تقوم به هذه الكتائب يشكل خطرًا داهمًا على أبنائنا وشبابنا وعلى نسيجنا المجتمعى ولحمتنا الوطنية. ولكى نقضى على هذا الخطر فلابد من تغليظ العقوبة على جرائم النشر الإلكترونى التى تهدد أمن الوطن واستقراره، كما أنها تشوه وعن عمد وقصد وسبق إصرار الرموز الوطنية، وتعتمد التهكم والسخرية وسيلة لجذب العامة ولفت أنظارهم، كما أنها تحرف القول والكلم عن مواضعه ، وتلوى أعناق النصوص الدينية بما يخدم أفكارها التنظيمية وفكرها المتطرف، بل إنها لتستخدم هذه المواقع فى التحريض الصراح على العنف والتطرف، بل تدعو صراحة إلى هدم الدول والمؤسسات، كما أنها تفتعل كثيرًا من الأزمات لهدم كيان الدولة وخدمة أغراض أعدائها، فى عمالة وخيانة ونفعية مقيتة.
ولاتزال بعض المواقع والصفحات تنقل أو تتناقل بيانات الجماعة الإرهابية المحرضة ورسائلها الموجهة، ولاتزال صفحات عناصر الجماعة الإرهابية تبث أحقادها وسمومها فى المجتمع، وتعمل على تجنيد عناصر جديدة، ولم شمل عناصرها القديمة عبر صفحاتها، "وجروباتها"، وتكتلاتها الإلكترونية، مما يعد خطرًا داهمًا يجب التنبه له، والعمل على سرعة القضاء عليه بكل شدة وحسم ودون تردد أو تأخير.
والخطر كل الخطر أن نقف موقف المتفرج أو المتردد، بل يجب أن نكون فى سباق مع الزمن لمحاصرة هذه الكتائب الإلكترونية والعناصر الإرهابية على كل المستويات : الدينية، والثقافية، والإعلامية بكشف زيفها وزيغها وضلالها وإضلالها، وفسادها وإفسادها، وخيانتها وعمالتها، وخطرها على المجتمع بأثره، وعلى كيان وبنيان الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية الحديثة التى نسعى جميعًا إلى ترسيخ قواعدها، وعلى الجوانب العسكرية والأمنية والاستخباراتية بكشف هذه العناصر الخائنة المخربة المفسدة فى الأرض، والأخذ على أيديها بقوة، وتطبيق القانون عليها بحسم، مع التأكيد الدائم أن هؤلاء المجرمين لا علاقة لهم بالإسلام، ولا علاقة للإسلام بهم، فهو منهم ومن أفعالهم براء، بل إنهم ليمثلون عبئًا ثقيلاً على الإسلام والمسلمين، إنهم يشوهون الوجه الحضارى لديننا الإسلامى السمح، ولو أن أعداء الإسلام استنفدوا كل طاقاتهم وأخرجوا كل ما فى جعابهم لينالوا من الإسلام وأهله ما نالوا معشار ما أحدثه هؤلاء الإرهابيون من صدع فى بناء الحضارة الإسلامية الراسخة، وما أحدثوه من تشويه وخدوش وكدوح فى وجهها الصافى النقى.
ولا شك أن هذه الأحداث الأخيرة التى ضربت المملكة العربية السعودية، وبخاصة هذا التطور النوعى فى العمليات الإرهابية الذى كشفت فيه هذه الجماعات المارقة عن بعض الجوانب الخفية من وجهها القبيح، بمحاولة ضرب منطقة من أشرف البقاع وأطهرها فى العالم كله وهى منطقة الحرم النبوى الشريف، التى لها مكانتها وقداستها وطهارتها فى نفوس المسلمين جميعًا، بحيث يُعد الاعتداء عليها اعتداء على المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، بما يؤكد أن هذه الجماعات المارقة قد فقدت كل صوابها واتزانها وإنسانيتها، فلم يَعُدْ لها فكر ولا عقل ولا دين ولا خلق ولا إنسانية، وإلا فأين ذلك المسلم الذى يجرؤ حتى أن يفكر فى مجرد المساس بحرم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبجوار روضته الشريفة ؟! ذلك المكان الذى يفتديه المسلمون جميعًا بحياتهم وأرواحهم وفلذات أكبادهم، ويبذلون النفس والنفيس ليتنسموا عطر هوائه، ولينهلوا من فيض بركاته ورحماته.
حقًا لقد بلغ السيل الزبى، وتجاوز الإرهابيون المدى، فإما أن نكون أو لا نكون، والله الذى لا إله إلا هو إننا لأصحاب قضية عادلة فى الدفاع عن ديننا وأوطاننا وأعراضنا وأموالنا وأنفسنا، وإنها لإحدى الحسنيين إما النصر والقضاء على هذه الجماعات والعناصر الضالة المضلة المارقة المخربة، وإما شهادة نلقى بها الله ونحن على أمل فى عفوه وسعة فضله وواسع رحمته ومنه علينا بالقبول.