رونالدو.. 20 عامًا من البكاء بشغف وتحدى الزمن !

كريستيانو رونالدو
كريستيانو رونالدو

■ كتب: محمد حامد

حكاية غريبة.. مرت أجيال مختلفة على مواهب توالت فى ملاعب مختلفة جاء وقت انقطاع مردودها، العقل يفرز وينتج إشارات النجاح أما الجسد فيتوقف عن العطاء.. وكم من نماذج أُطلق عليها أساطير لم تكن فى مشوارهم الكثير من الحكايات التى تُروى أو تجذب الانتباه بما يكفى، وإن حدث فلن يستمر المشوار أكثر من عشر سنوات كمتوسط لمسيرة النجاح والإبهار والوصول لمنصات التتويج الجماعى والفردى.. إلا أن هناك من كسر القاعدة، هناك من يتألق ومازال يبحث عن كل ما هو جديد، وهناك من كان طفلاً يتابعه فى بدايته وأصبح حالياً شاباً يافعاً يتتبع استمراره بعدما  أصبح رجلاً أربعينياً.

كريستيانو رونالدو دوس سانتوس أفيرو، رجل "معجون" بالشغف، بات المستطيل الأخضر جزءًا لا يتجزأ من حياته، قلبه وعقله مشغول بالاستمرار داخله، وكأنه يقنع عقله أنه لا مجال للاعتزال، حتى تأتى اللحظة التى تحسم كل شيء ويصبح مجبراً على تعليق حذائه بشكل مفاجئ دون أن يناقش عقله فى مسألة كهذه تقطع الوصال مع متعته التى جلبت له الشهرة والأموال والتاريخ، بات وكأنه نادٍ يشجعه الملايين حيثما ارتحل.

تعرف عشاق كرة القدم على رونالدو منذ 20 عاماً، بالتحديد فى عام 2004، بدأ مسيرته قبل هذا التاريخ إلا أنه يبقى مميزاً لأنه شهد على مشاركته فى أول بطولة بحجم كبير، بطولة القارة الأقوى فى العالم، كأس الأمم الأوروبية التى اقترنت ببداية نجومية كريستيانو حينما أقيمت فى بلاده البرتغال وحل منتخب برازيل أوروبا - كما يلقب - وصيفاً لأوروبا وتوج اليونانيون فى مفاجأة كانت ومازالت وستظل من أبرز مفاجآت البطولة عبر تاريخها.

شهدت بداية رونالدو ابتسامة ودعمًا انتهى ببكاء فى نهائى البطولة أمام اليونان، لم يكن يعرف حينها أنه سيُصبح أسطورة بلاده وأبرز من ارتدى قميص البرتغال عبر تاريخها، وبعد 20 عاماً، وبالتحديد أمس، عاد بكاء رونالدو فى مشهد لفت الأنظار فى مواجهة منتخب بلاده أمام سلوفينيا بثمن نهائى اليورو، كيف لنجم بلغ من العمر 39 عاماً وحصد من الألقاب الفردية والجماعية ما يكفى أن يبكى لإهداره ضربة جزاء!.

◄ اقرأ أيضًا | أسطورة بايرن ميونخ منتقدًا رونالدو: هذه نهايتك

إهدار رونالدو لضربة الجزاء لم يكن مؤثراً على مشوار البرتغال فى البطولة القارية، فبعد إهدارها استمر التعادل السلبى وصولاً لركلات الترجيح التى حسمت تأهل البرتغال لربع النهائى حيث مواجهة تاريخية منتظرة مع فرنسا، اختار رونالدو تعويض الضربة المُهدرة بتسديد أول ركلة فى ركلات الحسم ونجح فى تسجيلها ليتبدل البكاء لفرحة ومغازلة الكاميرا احتفالًا بالصعود.

اتضح خلال اللقاء وبعد انتهائه أن والدة رونالدو فى المدرجات، وأنه ينظر إليها فى لحظات الحزن فيزداد حزناً، وفى الفرح فيزداد ابتهاجاً، أما لحظات البكاء فقد أعادت للأذهان ليس فقط بكاءه فى 2004 بل نفس المشهد الذى حدث منذ شهر تقريباً حينما خسر كأس الملك مع فريقه الحالى النصر السعودى أمام الهلال، وكان الأمر متعلقًا بنفس تعبيرات الاندهاش التى مرت بها الجماهير حينما رأوا رونالدو يبكى مع فريقه رغم عدد التتويجات التاريخية التى حصل عليها من قبل.

وبين البكاء الأول والأخير، فقد كان هناك بكاء فى منتصف المشوار بـ 2016 حينما توج منتخب بلاده باللقب الوحيد لهم فى كأس الأمم الأوروبية، وأصيب رونالدو حينها فى نهائى البطولة ليبكى حزناً على عدم قدرته على الاستمرار فى حلم تعويض بلاده عن خسارة لقب 2004، إلا أن زملاءه تكفلوا بالمهمة وحققوا اللقب المنتظر وكريستيانو على دكة البدلاء يواليهم بالتعليمات والتحفيز حتى تحقق الحلم وعاد لبكاء مختلف فى هذه اللحظة، بكاء الفرح وبلوغ الأمل رغم الألم.

أمام رونالدو ثلاث محطات، ثلاث مباريات لتكرار هذه اللحظة من ربع النهائى للنهائى، يتطلع لتكرار بكاء الفرحة فى 2024 وهو على مشارف الأربعين من عمره ليكون قد حقق ثنائية الفرح والحزن والتتويج

◄ رونالدو كاشفًا سر بكائه: هذه لحظات فريدة.. وحربنا ضد فرنسا  

قال كريستيانو رونالدو قائد منتخب البرتغال لكرة القدم إن تأثره الشديد وبكاءه فى مباراة أمس ضد منتخب سلوفينيا، لا يعود سببه إلى كونها آخر بطولة أوروبية سيخوضها فى مسيرته.. وواجه منتخب البرتغال نظيره سلوفينيا فى دور الـ 16 من يورو 2024، كأس أمم أوروبا، حيث فاز بركلات الترجيح.

وشهدت المباراة مشهدًا مؤثرًا بعدما أهدر كريستيانو رونالدو ضربة جزاء، فى الشوط الإضافى الأول، ليدخل بعدها فى نوبة بكاء وسط محاولات من زملائه لتهدئته.. وأكد رونالدو فى تصريحات لصحيفة "أوجوجو" البرتغالية: "أولئك الذين يفشلون هم أولئك الذين يحاولون أيضًا، من الواضح أنه أمر محبط عندما لا تتمكن من التسجيل، لكننى نسيت ذلك بالفعل، لأن النتيجة النهائية كانت إيجابية وهذا هو الشيء الأكثر أهمية".

وأضاف رونالدو: "فى بعض الأحيان من الصعب تسجيل ركلات الترجيح، كرة القدم فى بعض الأحيان يجب أن تكون عادلة وكانت هكذا بالفعل".. مضيفًا: "لقد تأثرت لأن هذه لحظات فريدة لا أستطيع التعبير عنها بالكلمات، المشجعون معنا دائمًا وخاصة معى، أنا سعيد جدًا لذلك".

وتابع: "إنها بلا شك آخر بطولة أوروبية لى، لكننى لم أتأثر بذلك، لقد تأثرت بكل ما تنطوى عليه كرة القدم، وبالحماس الذى أملكه تجاه اللعبة، والذى أجنيه من مشاهدة جمهورى وعائلتى وحب الناس لى، لا يتعلق الأمر بترك كرة القدم، الناس هم أكثر ما يحفزنى".

كما أوضح: "سنخوض مباراة صعبة الآن ضد فرنسا، التى تعد من المرشحين للفوز بالبطولة، لكننا سنخوض حربًا، الفريق يؤدى بشكل جيد وسأبذل قصارى جهدى دائمًا بهذا القميص".