د. حسن أبو طالب يكتب: تبني استراتيجية العلامات التجارية العالمية.. ما بين الجلالة والعلمين!

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

تأتي مدينة الجلالة الجديدة، ذلك الحلم الذي أصبح أخيرًا حقيقة ملموسة، كتجسيد للإرادة والطموح المصري. يعد المشروع من بين أهم المشاريع القومية التي تجمع بين سحر الطبيعة الخلابة والمقومات العالمية، حيث يضم منتجعًا سياحيًا ومدينة متكاملة الخدمات، بالإضافة إلى طريق العين السخنة – الزعفرانة الذي يقطع جبل الجلالة، ليصبح بذلك مشروعًا ذا قيمة تاريخية وحضارية واستراتيجية.
رغم ذلك، يواجه المشروع تحديات عدة تؤثر على نجاحه وقدرته على جذب الاستثمارات والزوار. وتتنوع هذه التحديات ما بين التقنية واللوجستية والبيئية، إضافة إلى تشغيل وصيانة المعدات مثل التلفريك الذي يُعتبر الأطول في أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الترويج للمدينة كمركز سياحي واستثماري مزيدًا من الحملات الترويجية الفعالة التي تبرز المزايا الفريدة للمدينة وتستهدف الأسواق المحلية والدولية.
لتوضيح كيفية التغلب على هذه التحديات، يمكننا النظر إلى تجربة مدينة العلمين كمثال ناجح على استخدام استراتيجية العلامات التجارية العالمية في تأجير المنشآت السياحية. عندما تسلمت العلامة الفندقية الشهيرة "ريكسوس" إدارة وتشغيل فندق "ريجال هايتس" في العلمين، شهد المشروع تحسنًا ملحوظًا في الأداء والجذب السياحي. تم اختيار ريكسوس بفضل خبرتها في إدارة الفنادق العالمية وقدرتها على تقديم خدمات متميزة تلبي توقعات الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما ساهم في رفع مستوى الخدمات المقدمة وتعزيز سمعة العلمين كوجهة سياحية فاخرة.
فهل يمكن لمسؤولي مدينة الجلالة الاستفادة من هذه التجربة وتطبيق استراتيجية العلامات التجارية العالمية في إدارة وتشغيل المنشآت السياحية؟ إن تأجير المنشآت السياحية للعلامات التجارية العالمية يضمن تقديم خدمات ذات جودة عالية وفقًا للمعايير الدولية، مما يرفع من مستوى رضا الزوار ويزيد من فرص العودة. كما أن العلامات التجارية العالمية تمتلك قاعدة عملاء واسعة وشبكات تسويق قوية تساعد في جذب المزيد من السياح والاستثمارات إلى المدينة. وجود علامات تجارية معروفة عالميًا يعزز من سمعة المدينة كوجهة سياحية راقية، مما يزيد من جاذبيتها على المستوى الدولي. العلامات التجارية الكبرى تلتزم بمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية، مما يضمن تطويرًا مستدامًا للمشاريع السياحية في المدينة.
بينما نجحت مدينة العلمين في استقطاب علامات تجارية عالمية مثل ريكسوس، مما أسهم في تعزيز مكانتها السياحية، لم تتمكن مدينة الجلالة من تحقيق النجاح المطلوب حتى الآن بسبب غياب رؤية متكاملة لإدارة وتشغيل المنشآت السياحية. لتحقيق النجاح الذي شهدته مدينة العلمين، ينبغي على مسؤولي مدينة الجلالة النظر في إمكانية التعاون مع شركات فندقية وسياحية عالمية لتشغيل وإدارة المنشآت السياحية في المدينة. تطوير استراتيجيات تسويق فعالة تروج للمدينة كمقصد سياحي فاخر بالتعاون مع العلامات التجارية العالمية يعتبر خطوة أساسية. العمل على تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية لضمان تلبية احتياجات العلامات التجارية العالمية وزوارها، بالإضافة إلى توفير برامج تدريبية للعاملين في القطاع السياحي لضمان تقديم خدمات بجودة عالمية، سيكون من الخطوات الضرورية لتحقيق النجاح.
تعتبر تجربة مدينة العلمين نموذجًا يحتذى به في إدارة وتشغيل المنشآت السياحية عبر التعاون مع العلامات التجارية العالمية. وقد بات من الضروري على مسؤولي مدينة الجلالة أن يتبنوا هذا النهج لتحقيق النجاح المأمول وجعل المدينة وجهة سياحية عالمية. باتباع هذه الاستراتيجية، يمكن لمدينة الجلالة أن تحقق تطورًا ملحوظًا في الأداء والجذب السياحي، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق التنمية المستدامة.