مصرية أنا

ع الطريق!

إيمان أنور
إيمان أنور

كانت المرة الأولى منذ سنوات طوال أن أقرر السفر من الساحل الشمالى الرائع إلى القاهرة بأتوبيس سفر نقل خاص من المفترض أنه تابع لشركة سياحية كبرى.. منذ اللحظة الأولى لصعودى الباص شعرت «بأرتكاريا» ولأننى لست اجتماعية (إلى حد ما) فقد اخترت مقعدًا مفردًا مستقلًا.. حتى أتجنب الاحتكاك المباشر مع المسافرين الذين بدأوا فى الصعود واحدًا تلو الآخر.. مع ارتفاع الأصوات والهرج والمرج.. فهذا مع زوجته وابنته الصغيرة التى تصرخ بلا سبب.. وهاتان فتاتان محجبتان بعد أن غلفت طرحتان ذواتا لون أسمر ثقيل شعر كل منهما تستغرب كيف استطاعت واحدة منهما ارتداء هذا البنطلون المحبوك بإحكام على ساقيها والأخرى ترتدى فستانًا أكثر التصاقا وحبكة بجسدها.. وهنا يرتفع صوت السائق الغاضب الناقم على عيشته وحاله وهو يتصبب عرقًا بينما تقبض أصابعه على عقب سيجارة ويده الأخرى تحك شعر رأسه الأشعث الكثيف.. وبصوت جهورى ينطق محذرًا المسافرين وملوحًا بإصبعه السبابة: اللى عنده شنطة كبيرة يجيبها عشان هطلع فوق مرة واحدة بس أرص الشنط.. مرت الدقائق، مللت الانتظار فى مقعدى بعد أن جاوزنا موعد المغادرة بنصف ساعة بينما لم نتحرك دون سبب واضح.. التفت أسأله فكان الرد حاسما.. لسه فى اتنين جايين.. وأخيرًا انطلق الباص.. ركنت رأسى على زجاج الشباك بجانبى أنظر.. أدقق النظر فى الطريق.. السيارات على جنباته تطير بسرعة البرق.. الكل على عجالة من أمره.. الكل على موعد مع الحياة وربما مع الموت.. ترى ماذا تخبئ الأقدار لنا جميعا؟! هل كل منا سيصل إلى هدفه؟.. هل لهاثنا فى الحياة مجديًا أم أن فى لحظة ما سيهدم المعبد فوق رؤوسنا؟.. غبت تمامًا مع أفكارى العبثية.. وفصلت عن كل شىء .. أولئك وهؤلاء.. فى محاولة ربما يائسة للاستمتاع بالطريق!