بدون أقنعة.. العدالة العرجاء

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ينطبق وصف «العدالة العرجاء» ووقوف العالم متفرجا على ما يحدث فى القطاع من مذابح ومآس وغض الدول الكبرى النظر فيما تفعله قوات الاحتلال للشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية واستخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو فى تعطيل أى قرارات لمجلس الأمن الدولى ضد إسرائيل. 

الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو خمس مرات في خلال ستة شهور من الحرب وفشل مجلس الأمن في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة على مدى 70 عاما بسبب الفيتو.

فى 12 أكتوبر عام 2023 عطلت واشنطن مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري بين إسرائيل وحماس .. وفى 16 ديسمبر من نفس العام لجأت الولايات المتحدة لحق الفيتو ضد مشروع قرار يدعو إلى إرسال بعثة لتقصى الحقائق إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة للتحقيق فى جرائم الحرب التى ارتكبها جيش الاحتلال خلال عدوانه على غزة .

وفى 20 فبراير هذا العام يقف الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار جزائري يدعو لإنهاء العمليات العدوانية غير الإنسانية داخل قطاع غزة وضد تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع .وفي 22 مارس الماضى لم يتمكن مجلس الأمن من اعتماد مشروع قرار مقدم من الجانب الأمريكي بهدف وقف إطلاق النار فى غزة بعد فيتو روسي.

وفى 18 إبريل عادت واشنطن لاستخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار جزائرى يعطى الحق للشعب الفلسطينى فى قبول عضوية بلاده الكاملة فى الأمم المتحدة .هو أمر محبط بكل المقاييس لأبناء الشعب الفلسطيني الذى يقاوم عدوانا بشعا لا يتساوى مع العملية التى قامت بها حماس صباح 7 أكتوبر من العام الماضى فالعقاب الجماعى يخالف كل المواثيق الدولية وإسرائيل مستمرة فى حصار وتجويع أهالى غزة بوقف دخول المساعدات إلى القطاع وتمضى أيضا فى عملياتها العسكرية فى رفح وهي خطوة لا توصف إلا بعملية إذلال للفلسطينيين وعقابا لهم أنهم عاشوا سنوات طويلة فى ظل حكم حماس وأنهم هم من أيدوها واختاروها ويدفعون ثمنا باهظا لا يد لهم فيه. 

مصيبة الفلسطينيين منذ نكبة 1948 كثرة التدخلات من الآخرين فى وضعهم ومستقبلهم وكل شئ بحسابه فتكونت عشرات المنظمات والميلشيات وكل منظمة تحصل على التمويل والدعم والإيواء من دولة بعينها وهذا التدخل خلق وضعا مأزوما فى غزة تحديدا وبقية البلدات والمخيمات الفلسطينية فى الضفة ناهيكم عن الخلافات الرئيسية بين المنظمتين الكبيرتين فتح وحماس والتى لا تجعلهما يتفقان يوما ما على التوحد داخل الكفاح الفلسطينى رغم محاولات للصلح كثيرة طوال السنوات الماضية.

لقد عجز العالم أمام عنف الإحتلال الإسرائيلى فى غزة ومحاولات تركيع المدنيين الفلسطينيين وتجويعهم ونزوحهم الذى لا ينتهى وحصارهم فى جنوب القطاع تحت مبرر القضاء على حماس ورسم خريطة جديدة لإدارة القطاع بعد انتهاء الحرب التى بدأت فى أكتوبر الماضى ولا يعرف متى تتوقف.. غياب العدالة فى هذا العالم والتدخل الأمريكي مستمر لنصرة تل أبيب .

إسرائيل تسعى لإجهاض حلم الدولة الفلسطينية والقضاء على أى أمل فى تأسيسها وهى على يقين أن مخططها لن ينجح مهما لجأت إلى استخدام منطق القوة لأنها لا تتعلم من دروس الماضي وأن الاحتلال لن يستمر طالما هناك مقاومة وهناك شعب لا ييأس وهو مستعد لتقديم عشرات الآلاف من الشهداء..

يوما ما سيحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة وستكون لهم دولتهم مهما حاولت دولة الاحتلال طمس معالمها ولن يضيع حق وراءه مطالب .